الصحافة الفنية العالمية لم تشعر بوجود مهرجان القاهرة فى الوقت الذى احتفت بشدة بمهرجان مراكش سوسن بدر حصلت على جائزة أفضل ممثلة وهكذا انتهت فعاليات الدورة رقم 34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بفوز ساحق ماحق مدهش لمصر بأهم جوائز المهرجان، الهرم الذهبى لأفضل فيلم فى المسابقة الرسمية "الشوق"، وجائزة أفضل فيلم عربى "ميكروفون"، وأفضل ممثل مناصفة "عمرو واكد"، وأفضل ممثلة مناصفة "سوسن بدر"، وجائزة ملتقى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى للسيناريو حصلت عليها "آيتن أمين"، وما تبقى من جوائز حصلت عليها الدول الأخرى، وتبدو هذه النتائج كأن مصر كانت تنافس نفسها، أو أن ادارة المهرجان استعانت بأفلام ضعيفة لم تقو على منافسة الأعمال المصرية المتفوقة، أو انها تغافلت عن أعمال أهم وتحيزت للمصريين فالأقربون أولى بالجوائز، ورغم التقدير لكل مجهود النجوم والأفلام الفائزة فهناك أمر ما يصعب تفسيره لتفوز مصر بكل هذه الجوائز دفعة واحدة فى مهرجان دولى وليس مهرجان ملاكى، فرغم أن مصر هى التى تنظم المهرجان الا أن كونه مهرجاناً دولياً يفترض أن المنافسة فيه صعبة وعليه حساسيات كثيرة فى التقييم ومنح الجوائز، ولا تعبر هذه الأريحية التى حصلت بها مصر على كل هذه الجوائز على أى حساسية أو منافسة قوية أو مهرجان دولى، فلم نسمع أن الألمان اكتسحوا كل جوائز مهرجان برلين الهامة فى دورة ما، أو الفرنسيين حصلوا على كل جوائز مهرجان كان، وأتمنى ألا يكون المهرجان استلهم روح الانتخابات البرلمانية الأخيرة وقرر انه ما دام المهرجان مهرجاننا والجوائز جوائزنا فلما لا نمنح أنفسنا كل الجوائز الهامة؟ من سيحاسبنا ويشكك فى النتائح سيكون بالضرورة حاقد أو مشكك أو يغار من نجاح السينما المصرية، وسيغنى البعض خدوا عينى شوفوا بيها المهرجان .. أفضل دورة وأعظم دورة وأفضل أفلام وتمثيل، ولن يكون غريباً فى الدورات القادمة تخيل تردد الدول الأجنبية فى المشاركة فى مهرجان يحصل أصحاب البلد فيه على أهم وأغلب جوائزه. يسعى مهرجان القاهرة السينمائى منذ سنوات عديدة الى صبغ المهرجان الدولى بصفات المهرجانات المحلية الصغيرة، سواء بسوء التنظيم أوغياب الأفلام الهامة أوغياب نجوم وصناع السينما فى العالم، أكثر ندوات المهرجان التى اهتم بها الاعلام كانت ندوة عن قرصنة الأفلام فى مصر، وهى ندوة موضوعها محلى يهم فقط المنتجين المصريين وشرطة المصنفات وليس مكانها مهرجان دولى، وهاهو المهرجان يتعامل مع جوائز المهرجان بنرجسية ويمنح أغلبها للمصريين، ثم ما هذه المصادفة فى كم الجوائز المناصفة التى لا يدل سوى على التردد والحيرة فى منح جائزة التمثيل لممثل واحد أو ممثلة واحدة؟ دائماً هناك شىء ما فى معادلة مهرجان القاهرة الدولى السينمائى لا يكتمل، اذا حضر للمهرجان بعض النجوم العالميين غابت الأفلام الهامة الحديثة التى ينفرد المهرجان بعرضها لأول مرة، واذا حضرت الأفلام الجيدة فأغلبها قديم وأقرب الى منتخبات من الأفلام الهامة الحاصلة على جوائز خلال السنوات السابقة، ولكن الأمر الذى يحافظ عليه المهرجان منذ سنوات غياب صدى المهرجان فى الصحافة العالمية والفنية المتخصصة، وجود "ريتشارد جير" و"جولييت بينوش" ساهم فقط فى انقاذ البرواز العالمى لصورة المهرجان المحلى أمام الصحافة والاعلام المحلى، ولكن حتى وجودهما لم يلفت نظر وكالات الأنباء العالمية التى تتابع دبة النمل فى مصر، ويبدو أن مهرجان القاهرة السينمائى رغم انه دولى لا ينافس صوته دبة النملة، ولهذا لم يقدر على لفت نظر واهتمام الصحافة العالمية كما تفعل مهرجانات عربية سواء الخليجية الثرية أو المغربية التى تشترك مع مهرجان القاهرة فى قلة الامكانيات المادية، وهذا يثبت أن الامكانيات المادية قد تكون عامل هام ورئيسى ولكنها ليست كل شىء، فهناك شىء ما يجر مهرجان القاهرة من العالمية الى المحلية ولا أحد يفعل شىء لتدارك هذا المصير. مما لا شك فيه أن حضور النجوم العالميين يصنع للمهرجان زخم غير عادى ويضيف كثير من البريق يساهم فى تلقف وكالات الأنباء والمواقع الاخبارية الاكترونية العالمية وأيضاً الصحافة المطبوعة صور النجوم الذين حضروا المهرجان وهو ما يتبعه بالضرورة تقارير اخبارية تسلط الضوء على فعاليات المهرجان، ولهذا ليس مدهشاً تماماً حينما نكتشف بعد مرور أيام من افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بحضور النجم الأمريكى "ريتشارد جير" والنجمة الفرنسية "جولييت بينوش" أن صدى افتتاح المهرجان على المستوى العالمى خافت ولا أريد أن أقول أخرس هذا فى نفس الوقت الذى يمكن رصد صدى حفل افتتاح مهرجان مراكش فى عديد من مواقع الانترنت الاخبارية والفنية من خلال عشرات التقارير والتغطيات المصحوبة بصور هذا العدد الكبير والمتنوع من النجوم يمكن أن نذكر منهم "كيانو ريفز" و"جون مالكوفيتش" و"مارتن سكورسيزى" و"فرانسيس فورد كوبولا" و"هارفى كايتل" و"جيمس كان" والنجمتان الفرنسيتان "صوفى مارسو" و"ماريون كوتيلارد"، بالاضافة الى الممثلة الأمريكيةالشابة "ايفا منديز" عضو لجنة التحكيم، ويكتب "مارتن دال" الصحفى بمجلة "فارايتى" الأمريكية يوم الثلاثاء الماضى أن مهرجان مراكش فى دورته العاشرة يسعى لينضم الى دائرة أهم سبعة مهرجانات عالمية، ولا نجد فى نفس المجلة أى خبر عن مهرجان القاهرة، فأخر تقرير فنى عن مصر فى أغلب المجلات والمواقع الفنية المتخصصة كان فى سبتمبر الماضى عن اختيار مصر لفيلم "رسائل البحر" للمخرج "داوود عبد السيد" لتمثيلها فى مسابقة الأوسكار!