تعتبر الدورة 34 لمهرجان القاهرة السينمائى من أنجح دورات المهرجان بكل المقاييس بداية من تميز حفلى الافتتاح والختام ومابينهما سواء بالنسبة لمستوى الأفلام المشاركة فى المسابقات الثلاث (الدولية والعربية والديجيتال) وتكريم ثلاث نجوم عالميين لهم ثقلهم منهم ريتشارد جير والفرنسية جولييت بينوش والندوات التى أقيمت على هامش المهرجان لمناقشة قضايا فى غاية الأهمية، أيضا كان رؤساء وأعضاء لجان التحكيم الثلاث على أعلى مستوى وعندما أعلنوا الجوائز فى حفل الختام لم يكن هناك أدنى تعارض بين رأى الصحفيين والنقاد ولجان التحكيم. وتأتى أهمية الدورة 34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى إضافة لما سبق لفوز مصر بجائزة الهرم الذهبى عن فيلم «الشوق» إخراج خالد الحجر وبطولة سوسن بدر وروبى وأحمد عزمى ومحمد رمضان وبالمناسبة هذه هى المرة الرابعة التى يشارك فيها خالد الحجر فى المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائى لكن يعتبر فيلم الشوق من أنضج تجاربه السينمائية قدم فيه أحلام وإحباطات وهزائم شخصيات واقعية تعيش فى أحد الأحياء الشعبية بالإسكندرية لاتتردد فى بيع أى شىء من أجل المال. اقتناص سوسن بدر لجائزة أفضل ممثلة مناصفة مع الفرنسية إيزابيل أوبير أسعدنى للغاية لاستحقاقها لها بجدارة وثانيا لإحساسى أن مثل هذه الجائزة تأخرت كثيرا على ممثلة من العيار الثقيل تستحق كتابة أعمال فنية لها خصيصا فهى من القليلات اللائى أخذن على عاتقهن التعامل مع الفن بمنتهى الجدية، وصحيح أننا قد نجد لها أكثر من عمل فى العام الواحد لكن بالنظر لهذه الأدوار على حدة نجد أنها مختلفة تماما، على سبيل المثال قدمت العام قبل الماضى دور زعيمة عصابة خطف الأطفال الضريرة التى تهتم بأناقتها وأبهرت الجميع بأدائها وفى ذات الوقت كانت تقدم دورا حشدت به كل طاقتها التمثيلية وهو دور بدرة أمام نور الشريف وكان المتفرج أمام مباراة فى الأداء التمثيلى المختلف بين ممثلة صنعت نجومية خاصة من خلال دور مركب فى غاية الصعوبة وبين نجم بحجم نور الشريف ووقتها أجمع الكثيرون على أن سوسن بدر لعبت دور عمرها لكن هذه الممثلة أثبتت أن لديها مخزونا إبداعيا لم ينضب من خلال دور أم شوق التى لها علاقة وطيدة بعالم الجن وتقودها الصدفة لمعرفة أسرار جيرانها وتستغل ذلك فى قراءة الفنجان لهم لتقوم بتمويل بعض مشروعاتهم البسيطة مقابل الاهتمام ببناتها أثناء غيابها وبعيدا عن سرد تفاصيل شخصيات الفيلم وحرق أحداثة مبروك لسوسن بدر تلك الممثلة التى إذا قمنا بمقارنة موهبتها بموهبة نجمات أخريات فالمؤكد كفتها ستكون هى الرابحة لكن مايدعو للأسف حقا منطق السوق والعرض والطلب الذى يجعل من هن أقل موهبة فى المقدمة أمام اختيار المنتجين الذين لايعنيهم سوى مصلحتهم. أما أبطال الفيلم الآخرون بداية من روبى وأحمد عزمى ومحمد رمضان والوجه الجديد ميرهان وكمال سليمان ويوسف إسماعيل وماهر سليم وسلوى محمد على سيحسب فى مشوارهم الفنى تواجدهم بهذا الفيلم، خاصة أن أدوارهم جميعا كانت فى غاية الأهمية ومحورية داخل الأحداث. وأريد أن أتوقف أمام سيد رجب زوج سوسن بدر في الفيلم وكاتب السيناريو والحوار في ذات الوقت فرغم ظهوره من قبل في أفلام عديدة إلا أن دوره في فيلم الشوق بمثابة اكتشاف جديد له كممثل أتوقع له تواجداً سينمائيا أكثر في الفترة القادمة. أيضا ترجع أهمية دورة هذا العام لفوز فيلم ميكروفون الذى ينتمى للسينما المستقلة بجائزة أفضل فيلم عربى وشارك فى إنتاجه بطله خالد أبوالنجا وشارك فيه نفس أبطال فيلم هليوبوليس لنفس المخرج أحمد عبدالله وهم يسرا اللوزى وهانى عادل وبعض الشخصيات الحقيقية فى إحدي الفرق المستقلة بالإسكندرية. هذا الفيلم يستحق الاحتفاء به فعلا، خاصة أنه كان مرشحا بقوة للحصول على السعفة الذهبية فى مهرجان «كان» بخلاف حصوله على جائزة التانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج وبحصوله عليها يعتبر هو ثانى مخرج يحصل عليها بعديوسف شاهين عن فيلمه الاختيار. أيضا حصدت مصر جائزة أفضل ممثل مناصفة بين عمرو واكد والإيطالى إليساندرو جاسمان عن فيلم الأب والغريب. أيضا فاز سيناريو69 ميدان المساحة بجائزة ملتقى القاهرة السنمائى. وبعيدا عن الجوائز يحسب لإدارة المهرجان اختيارها 9 أفلام جديدة لم تعرض من قبل في أي مهرجان بخلاف الأفلام المتميزة الأخري التي شاركت بالمسابقات، وأهم حدث كان وجود مسابقة جديدة وهي الملتقي التي تمنح جوائز مادية لأفضل سيناريو مثل هذه الجائزة ستكون منفذاً جيداً لتحقيق أحلام سينمائيين شباب ظلوا سنوات لا يجدون من يتحمس لإنتاج أفلامهم.؟