كانت مفاجأة لي عندما اتصل بي أحد كبار الصحفيين الذين تربطهم صلة قوية بالجماعة الصحفية ويعرفون أخبارها أولا بأول..كما تربطه كذلك علاقة قوية بحزب الوفد ورئيسه..قال لي هذا الزميل الكبير في اتصاله الذي جري مساء السبت 2أكتوبر أن وجود ابراهيم عيسي في رئاسة تحرير الدستور بات مجرد أياما معدودة..وعندما استفسرت عن السبب..فقد قال لي أن الدكتور السيد البدوي قد انتهي من الإجتماع بإثنين من الصحفيين-كلا علي حدة- وكان هدف اللقاء هو عرض رئاسة تحرير الدستور..علما بأن الزميلين ينتميان لمؤسسة صحفية قومية كبري ويتولي أحدهما منصبا صحفيا كبيرا في إحدي الصحف اليومية الخاصة.. الا أن المفاجأة التي تلقاها البدوي كانت في رفضهما رئاسة تحرير الدستور لأسباب تتعلق بارتباطاتهما التزاماتهما ليس أكثر..وعندما تلقيت هذا الخبر فإنني ناقشته مع مصدري الصحفي الكبير وأعلنت له رفضي لتصديق الخبر لأنه في حال حدوثه فإنه سوف يشكل خسارة سياسية كبيرة لرئيس حزب الوفد..بل إنه بمثابة انتحار سياسي للرجل. في اليوم التالي اتصلت بإثنين من كبار القيادات بالحكم ونقلت لهما الخبر وكان سؤالي لهما مباشرة..هل تسعي الدولة الي القضاء علي صحيفة الدستور بتلك السرعة..وأنها قد أصدرت أوامرها لملاك الدستور الجدد لتنفيذ المهمة بدم بارد..وتلقيت اجابة مفادها أن الدولة لم تصدر أوامرها لأحد في هذا الخصوص بشكل مباشر..لكن السياسيين واللاعبين علي مسرح حياتنا السياسية حاليا يقرأون خريطة الأحداث ويحددون مواقفهم منها واتجاهات مصالحهم..وربما قرأ رجال الأعمال والمعارضين الاتجاه العام للدولة في الوقت الحالي فضبطوا البوصلة عليه. قلت:لكن خروج عمرو أديب من أوربت ثم ابراهيم عيسي من اون تو في ثم توقعات خروجه من الدستور..اذا وضعنا كل تلك الأحداث والتي جرت بشكل متلاحق وبسرعة يؤكد وجود اتجاه عام-لاتخطئه العين- لمحاولة السلطة تقييد حرية الاعلام المستقل في مصر في عام صعب سوف يشهد انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية..وعندما انتهيت من سؤالي فقد كانت الاجابة التي سمعتها هي:أن هناك سياق عام للدولة الآن..ومسموح لأي أحد (اعلامي أو صحفي أو سياسي معارض) أن يكون علي يمين هذا السياق أو علي يساره..لكن غير مسموح علي الإطلاق الخروج عنه..وأن ماجري خلال الفترة الأخيرة خاصة في ملف الفتنة الطائفية والتناول الإعلامي السلبي له يجب التوقف أمامه..(تذكرت العبارة السابقة أثناء عقد الاجتماع الذي ضم قيادات بالدولة وصحفيين لمناقشة ملف تناول الاعلام لملف الفتنة الطائفية). بعد مكالمة صديقي الصحفي الكبير ثم اتصالي مع بعض قيادات الحكم..جاء قرار إقالة ابراهيم عيسي من رئاسة تحرير الدستور..وتأكدت أن ملاك الدستور الجدد ربما لم تصدر لهم الأوامر بطريقة مباشرة بذبح صحيفة الدستور وصحفييها ورئيسها ومؤسسها لكن المؤكد أنهم رأوا أنهم بهذا القرار يقدمون عربون محبة للنظام قد يشفع لهم فيما بعد أثناء توزيع الغنائم أو لدرء الأعين عنهم..والمؤكد أنهم قرأوا في عيون الحكم وبعض أجنحته مايريدون فكانوا الأداة ثم يخرجون علي الناس ليقولوا أنهم لم يكن في نيتهم أبدا شراء الدستور.