لايمكن لأحد أن ينكر أن شهر رمضان هو شهر الخير والبركات، ومن ينظر إلي مصر جيدًا، وأنا هنا أقصد مصر الحقيقية، مصر القري والمدن الصغيرة، يكتشف معنا معدن المصريين الحقيقي في تقييم الخير. ومع أن رمضان جاء مع موسم الانتخابات واندفع المرشحون أصحاب الأموال إلي توزيع الهبات وشنط رمضان علي الفقرا، ومع أن هذا التصرف يندرج تحت الرشاوي الانتخابية.. فإن الحقيقة التي لايمكن لا أحد أن ينكرها أن هناك الكثير من أبناء هذا الشعب من الأغنياء المحترمين الذين يقدمون ليلا نهار إلي الفقراء بدون انتخابات، وأنا شخصيا أعيش في محافظة اشتهر عنها ظلما انها بخيلة وأهلها يتمتعون بصفة البخل الكبير، ومصر الساخرة تخرج كل يوم مئات النكت علي أبناء تلك المحافظة وهي محافظة المنوفية تعبيرا عن سخريتها من بخلها، والحقيقة تبعد كثيرًا ماتحاول أن تفعله مصر الساخرة نكاية في السياسة والسياسيين المنايفة وانا هنا سأقص لكم مجموعة من المواقف التي تثبت بلا أدني شك أن الخير موجود في مصر وأنا لااخص المنوفية فقط وأعلم أن الخير موجود في كل أرجاء المعمورة ولكن بحكم قربي للمنوفية أقدر أن أقص عليكم بعض المواقف التي تثبت أن نهر الخير في مصر مازال مستمرا فمثلاً هناك رجل توفاه الله كان تاجرًا كبيرًا بالمنوفية وخارج المنوفية واشتهر عنه أثناء حياته أنه كان يقدم الخير والمعونة للفقراء بصورة جيدة مع أنه كان رجلا بسيطاً ذا جلباب بلدي هذا الرجل عندما توفاه الله فوجئت أسرته بأنه يخرج من ماله أكثر من مائة ألف جنيه للفقراء شهريا وهم لايعلمون ذلك، ولايعلمها إلا مساعدوه الأقربون.. تخيلوا معي رجلاً تاجراً يعيش في المنوفية ويفاجأ أهله بأنه يخرج للفقراء مائة ألف جنيه شهريا هذا مثال ... ومثال آخر رجل يتاجر في المواد الغذائية أيضا ذو جلباب بلدي لايمكن أن تدخل مكتبه مرة واحدة إلا وتجد أن الرجل مشغول ومهموم بالفقراء أكثر من اهتمامه بعمله ومع ذلك الرجل يعتبر من أكبر التجار في السلع الغذائية علي مستوي الجمهورية، سأقص عليكم قصة واحدة ساقتني الظروف إلي أن أكون قريبا منها هذا الرجل المحترم كان يقوم بإجراءات زواج ابنه الأكبر إلي أن وصل إلي يوم الزفاف وجاءه نجله ليطلب منه طلبا عزيزًا عليه يود أن يستجيب له والده في فرحه طالباً منه أن يشترك في حفل الزفاف أحد المطربين المشهورين الذي يحبه وتحبه عروسه فرفض الرجل وساق ابنه عليه كل أفراد الأسرة ليكونوا وسطاء لتحقيق حلم العريس وضعف الرجل لنجله مع أنه كان يرفض بصفته رجلاً متديناً وأيضا كان معترضا علي المبلغ الذي سوف يقبضه المطرب المشهور مؤكدًا أن مثل هذا المبلغ يمكن أن يصنع الكثير للفقراء وهذا حرام.. المهم وعد الرجل ابنه بأنه سوف يحضر إليه المطرب المشهور وبعد ذلك بيوم واحد دخلت عليه امرأة ترتدي الجلباب الأسود لتقص له حكاية زوجها المريض بالشلل والمعاش القليل الذي يأخذه من الحكومة مما جعلها تقرر أن تقيم مشروعا لها يعينها علي المعيشة هي وأولادها الثمانية واستمع إليها الرجل كثيرًا ثم طلب منها أن تمهله مهلة يومين للرد عليها في طلبها للمساعدة المالية لإنشاء المشروع وأرسل الرجل رجاله للتحقق مما تقوله السيدة ذات الرداء الأسود، وجاء مساعدوه ليأكدوا له صدق ما قالته السيدة وطلب منهم أن يقيموا دراسة جدوي للمشروع التي طرحته السيدة ومن المفاجأة أن تكلفة المشروع وصلت إلي ما يقرب من مبلغ المطرب المشهور في حفل زفاف ابنه وعلي الفور اتخذ الرجل قرارًا بأن تأخذ السيدة مبلغ المطرب وجاءته وسلمها المبلغ وقال لها: المبلغ هذا كنت سأعطيه لأحد المطربين في زفاف ابني ولكن أنت أولي به وربنا يعيني علي ابني لكي لايزعل مني ... تأملوا معي هذا المثل جيدا لتعرفوا قيمة الخير في بلدنا. مثال آخر: رجل أعمال شاب مشهور عنه الاحترام والرؤية الجيدة للأمور أنشأ مؤسسة للأعمال الخيرية في المنوفية قدمت الكثير من الأمثلة لأعمال الخير للمنوفية عندما طلبت منه بصفتي أحد المقربين إليه أن يشارك شباب الجريدة التي أترأسها بالمنوفية في تلك اعمال الخير التي تقدمها المؤسسة طلب مني أن يساعده الشباب وبخاصة الشابات في توصيل مبالغ شهرية إلي الفقراء طلب مني أن يكون هذا العمل سريًا للغاية ولايخضع للاعلام ، وفعلا ذهبت شابات الجريدة إلي بيوت الفقراء ليعطوهم الشهرية ومع أنهم بذلوا مجهودًا كبيرًا في البحث عنهم وسط الأحياء الفقيرة والحارات المتدنية من الخدمات فإنهن رجعن وهن في غاية السعادة لأنهن اشتركن في هذا العمل وقصصن لنا قصصًا تدمع لها العيون عن أحوال هؤلاء الفقراء ... الغريب والطريف أن هذا الرجل صاحب يد الخير رفض أن تخبر الشابات أحدًا من هؤلاء الفقراء باسمه ... هكذا رجال الخير الكثيرون. ذكرت أمثلة من المنوفية لأن هؤلاء هم من أراهم وأنا علي يقين أن مصر مملوءة بمثل هؤلاء من الشرفاء وأتمني من الساخرين في مصر أن يقرأوا هذا المقال ليبعدوا صفة البخل عن المنوفية والمنايفة ... بيل جيتس رجل الخير الأمريكي ليس وحده هو الذي يقدم الخير والكل يعلم أنه يقدم أرقاماً فلكية تقدر بالمليارات ولكننا نحن نمتلك في مصر، والغريبة في المنوفية، أمثال بيل جيتس فمادامت الحكومة تترك الفقراء في العراء فلابد أن يحتضنهم رجال الخير.