كتبت الأسبوع الماضي مستنكراً الأشعة والتحاليل التي يجريها بعضهم حالياً في مراكز «باب اللوق» ثم يروجون علي نطاق واسع نتائجها التي تشير إلي أعراض ومظاهر لا تخطئها عين تؤكد وجود صراع حامي الوطيس يدور حالياً داخل الأسرة الرئاسية شخصياً، علي من الذي سيستكمل مسيرة التحكم والحكم فينا وفي أولادنا وأحفادنا، هل هو الرئيس مبارك الذي يحكمنا منذ ثلاثة عقود، أم نجل سيادته الأستاذ جمال الذي يساعد والده الرئيس في حمل أعباء حكمنا من عقد واحد فقط لا غير؟! ولعل القراء الأعزاء يتذكرون أن العبد لله حكي قصة الصراع الأسري الوحيد الذي أعرفه ومازلت منخرطاً فيه حتي الساعة، ألا وهو صراعي أنا والسيدة حرمي المصون مع ابنتنا الوحيدة علي من منا المؤهل بدنياً أكثر ليس لحكم مصر، وإنما ليقوم علي حيله ويهم ويفتح باب الشقة كلما قرع الجرس زائر مسكين، والمعني الذي قصدته من هذه الحكاية واضح وهو أن ثقافتي وخبرتي السياسية (علي رأي الدكتور أحمد فتحي) كانت تجعلني أظن أن أبعد نقطة يمكن أن تصل إليها صراعات الأجيال داخل أي عائلة كريمة (بعض العائلات سميحة) هي الصراع علي فتح أبواب وشبابيك البيت لا فتح بلد واستعمار وطن ونقل ملكية شعب من الآباء للأبناء. تلاحظ حضرتك أنني استعملت في الفقرة السابقة كلمة «كانت» بما يشير إلي أنني الآن لست متأكداً تماماً من أن ثقافتي وخبرتي السياسية المشار إليها كافية لاستيعاب كل صور الصراعات الأسرية والعائلية ومنها الصراع علي السلطة، وقبل أن تسرح بخيالك بعيداً وتظن أن السادة المحللاتية أقنعوني بتحاليلهم واستقطبوني لتصديق مزاعمهم بشأن تنافس الرئيس وولده علي الفوز بمقعد رئاستنا، فإن العبد لله يسارع بتوضيح أن الأمر كله لا يعدو أن يكون مجرد شكوك وفئران تلعب وتعبث في صدري هذه الأيام وقد بدأ بعضها يثير دهشتي ويستنفر مخاوفي حقاً من احتمال أن يكون وراء "الأكمة" شيء ما، وإذا تركت حضرتك الموضوع المهم الذي نتكلم فيه وسألتني في معني "الأكمة" فإجابتي أن المجال لا يسمح بأكثر من أنها لغويا تشير إلي التل أو المكان المرتفع عما حوله، أما بلاغيا وتعبيريا فقد استخدمها العرب في صياغة مثل يقال في صاحب السر الذي يكاد يكشفه ويهتك ستره بتوتره وارتباكه وكونه يبدو "مش واقف علي بعضه" خالص، ،عندئذ يقول الذي يراه علي هذه الحال "إن وراء الأكمة ما وراءها"!! أما الذي أثار ريبتي وشكوكي ويبدو أمامي فعلاً في صورة "اللي مش واقف علي بعضه"، فهو ليس واحداً فرداً وإنما قطيع كامل قوامه الإخوة التجار والسماسرة رعاة مشروع "التوريث" سيئ السمعة كريه الرائحة، فهؤلاء أراهم الآن وكأن مساً من الجنان الرسمي أصابهم وجعلهم يتصرفون بغريزة المفجوع وليس بعقل الحرامي المتمرس الذي يخطط للفوز بالسريقة بهدوء وحكمة، آية ذلك علي سبيل المثال لا الحصر أنهم انتقلوا فجأة وبين ليلة وضحاها من الكلام المتسربل بأدب الكوافيرات الحريمي الذي من نوع أن مجرد الحديث في موضوع خلافة الرئيس مبارك وهو موجود وقاعد في الحكم "قلة أدب"، إلي الخرس التام والصمت المطبق أمام عاصفة هوجاء من "قلة الأدب" هبت وانطلقت علينا فجأة من أقبية المباحث وبالوعات إعلام البيزنس (بعضه حكومي وبعضه خصوصي) ولا موضوع لها إلا الترويج المفضوح لحق الأستاذ جمال مبارك في وراثتنا واستلامنا بكل مشتملاتنا ومنافعنا من والده الرئيس .. الآن الآن وليس غداً ولا بعد ساعات قليلة، أي في العصاري عندما ترحل الشمس القداحة وتحل الطراوة!!