لست طبعًا مطلعًا علي أوضاعك الصحية أيها القارئ الكريم، لكني أنا شخصيًا تعبت ولم يعد عندي طاقة ولا عافية للإسهاب في كلام معاد ومكرر عن نفاق الحكومات الغربية عمومًا والإدارات الأمريكية بالذات ومواقفها المنحطة تجاه شعوبنا (وباقي شعوب العالم التي تشبهنا) فبينما الحكومات تلك هي السند الوحيد في هذه الدنيا لهؤلاء الذين أتي بهم الشياطين الزرق ليحكمونا بالبوليس والمباحث والتزوير وشتي أنواع اللصوصية والفساد التي عرفتها الإنسانية أو التي لم تعرفها بعد، وحكامنا بدورهم يردون الجميل بالجهاد المخلص طوال الوقت في تنفيذ السياسات والمخططات وحماية المصالح والأطماع الغربية في بلادنا بما في ذلك حراسة العدو الإسرائيلي وتقديم الخدمات المجانية له وتمكينه من الإفلات بجرائمه وعربداته العدوانية دون عقاب من أي نوع. أقول، بينما العلاقة بين حكامنا وحكومات الغرب مستقرة وماشية آخر حلاوة علي هذا النحو، فإنه يحدث أحيانًا أن يتجلي النفاق في آيات معجزات تفطس من الضحك عندما يتذكر الإخوة الغربيون فجأة كده شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المنعدمة في مجتمعاتنا بسبب رقدة قطعان أتباعهم الطويلة علي قلوبنا فيصدر هؤلاء الإخوة بيانًا أو يفقعون تصريحًا يعبرون فيه عن «القلق» و«الأرق» وما شابه، ويتلقف القطعان تبعنا التصريح أو البيان هذا ويسارعون باستدعاء الست «وطنية الرقاصة» لكي تمتعنا بهذه المناسبة السعيدة بهزتين من وسطها اللدن تهزهما بحماس علي أنغام أنشودة مدام «سيادة» الشجية، ثم كان الله بالسر عليمًا بعد ذلك، إذ يزول الأرق والقلق فورًا وتهبط «وطنية» من علي المسرح وتقفل عائدة إلي مخدعها الوثير، وكذلك تنكص «سيادة» علي عقبيها وترجع لتستقر مرة أخري في أحضان العدو الدافئة و.. كل عام وأنتم بخير!! بدأت بالشكوي من تعب تكرار الكلام في نفاق الحكومات الغربية، غير أنني أعترف بأن ردود فعل حكامنا علي هذا النفاق لا تتعبني بل بالعكس تمتعني وتسليني جدا لذلك تجدني حضرتك أنتظرها بشوق زائد وكلما تناقلت وسائل الإعلام خبرًا يحوي تصريحًا لمسئول «أو مسئولة» من الغرب ينتقد فيه برفق وميوعة بعض الممارسات القمعية لحكامنا أفرك يديَّ فرحًا وأظل أترقب وأفتش عن البيان أو التصريح المضاد الذي يصدره هؤلاء الأخيرون حتي يظهر فيطمأن قلبي وينطفئ لهيب الشوق المشتعل في صدري وأسبح في حبور وسرور عبيطين بينما أنا أعيد وأزيد في قراءة عبارات ومعانٍ من نوع أن السيدة مصر «مندهشة» أو «بتستغرب» و«بتتأسف» بشدة لأنها أصيبت بداء «السيادة» وهيَّ صغيرة لهذا هي لا تقبل أبدًا خالص البتة أي «تدخل في شئونها الداخلية» الخطيرة المتمثلة أساسًا وحصرًا في تعذيب المصريين في السجون وتوصيل الكهرباء إلي أبدانهم مجانًا وحرقهم بجاز أو قتلهم في الشوارع وتزوير إرادتهم والسطو علي مقاعد حكمهم وتمثيلهم البرلماني بالعافية .. لكنها تتسامح وتغفر وتسعد وتَقَرَّ عينا عندما يتلقي حكامها الأوامر في «شئون داخلية وخارجية» تافهة وبسيطة كالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وكيفية إدارة العلاقات الأخوية مع إسرائيل!! شكرًا جدًا قوي خالص..