سؤال: ليش العرب دائماً أسفل سافلين، في البدروم، بل أسفل من ذلك وأوطي؟ سؤال ثانٍ: ليش العرب، وهم الأوطي، نجدهم الأكثر تفاخراً بين أمم الأرض، لا ينافسهم في ذلك إلا الأشقاء الأفارقة السود؟، ويقول المستشرقون: لم يذهلنا أحد كما أذهلنا العرب في التفاخر بأمجاد آبائهم الخيالية، والتي تدور فقط حول القتل والتنكيل. ويقول بحارة هولندا وبريطانيا في مذكراتهم: كنا ننقل آلاف العبيد الأفارقة ليتم استخدامهم بنظام السخرة في مزارع أوروبا، وكان السود أثناء الرحلة من أفريقيا إلي أوروبا يتفاخرون بأصولهم وأعراقهم، ويتقاتلون فيما بينهم بسبب هذا، فإذا قتل أحدهم الآخر رمينا القتيل هدية لأسماك المحيط، بل ونرمي القاتل إذا كان مصاباً لا ينفع في الزراعة. نفعل ذلك بهم وهم يتفاخرون بأعراقهم. هاهاها. وتعال شوف الدول العربية الآن. تعال شوف العربان وهم يعتبرون الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسي هو الأنقي وهو الأطهر وهو الذي سيمسح كرامة إسرائيل في أرضية المطبخ، لولا أن أرضية المطبخ نظيفة، للأسف. يعتقدون ذلك وهم يرونه يدخن سيجاره الكوبي الفاخر، ويتربع علي عرش جامعة الدول، والجامعة تشبه جارتنا أم مسعود، التي بلغت التسعين من عمرها، ولم يبق منها سليماً إلا لسانها. لله درّ لسانها. ويعارض أحدنا حكومة بلده، فتنهمر عليه النصائح من علٍ: «مالك ومال الكبار يا أهبل؟ عش ودع غيرك يعيش»، وينبح عليه أبناء هياتم، فيشتمون أمه وأخته وابنه وبنته. أما في بريطانيا فقد ذكرت إحدي الفضائيات أن مصاريف كهرباء القصر الملكي ارتفعت هذا العام عما سبقه من أعوام، فخرجت مظاهرة شعبية غاضبة، ورفعت إحدي السيدات لوحة رسمت عليها الملكة بأنياب حادة بارزة تقطر منها الدماء، وتحتها كلمة واحدة (دراكولا). ليش؟ لأن الشعب يدفع الضرائب، ومش علي كيف الذين خلفوا الملكة أن تبعزق فلوسهم وتسرف في صرف الكهرباء. ويقال إن الملكة الآن لا تنام قبل أن تتأكد بنفسها من إطفاء الأجهزة الكهربائية. والمسئول العربي يصرف مش الكهرباء بس، لأه، ده يصرف الجيش بجلالة عساكره وضباطه لحسابه الخاص، ويصرف القضاء والقضاة علي ملذاته، ويصرف جهاز الشرطة له ولأبنائه، والشعب العربي «صاموط لاموط» علي رأي العراقيين، أي لا حس ولا خبر، ولا ينبس ببنت صمطة. طيب. كل عربي حافظ ويسمّع هذا الكلام. فما الحل؟ أو قل: ما المشكلة أولاً كي نتوصل إلي حل؟ ما الخلل الذي أدي بنا إلي هذا الوطَيان السحيق؟ هل الخلل في سحنتنا، أي أشكالنا وبشراتنا؟ لكن البرازيليين يشبهوننا، فلماذا دائماً هم يفترسون الفرق والمنتخبات في كأس العالم، ونحن بمجرد وصول فريق عربي إلي النهائيات نقبل أفخاذ لاعبينا وش وظهر؟. سأعطيك المشكلة والحل، وكل ما عليك أن تدعو لي أو تدعو عليّ... المشكلة يا صاح تكمن في نوعية الأكل، فنحن نفطر جبنة بزيت الزيتون وزبدة ومربي وكبدة وكلاوي وكلاكيع أخري، ونتغدي الدجاج المحشي بالرز واللحمة والطاجن والخضار المغموسة في الدهن، ونتعشي كشري ومندي ومكبوس، فتتوقف العقول عن العمل، وتموت القلوب، وتتلاشي الكرامات. بينما الياباني يا عيني يفطر علي صرصار، فيجري مثل العفريت إلي المصنع النووي، أو مصنع السيارات، أو مصنع الكمبيوتر، فيكدّ إلي أن تغيب الشمس، فتهاتفه أمه: عاملة لك يا ضناية «عقرب محشية بالدود ترمّ عظمك»، فيتناول وجبته ويشكر بوذا الذي رزقه وينام بدري. لا وقت لديه للتفاخر بأجداده ولا خالاته. ويفطر الإنجليزي علي قطعة جبنة لا تشبع الفأر الهزيل، ويتغدي حبة بطاطا مسلوقة، ويتعشي حبة بطاطا مهروسة، وينام، لكنّ الملكة ستلعن الساعة إذا تجاوزت فاتورة كهربائها الحد المسموح، خوفاً من آكلي البطاطا. ويبهرك الإنجليز بصحتهم، وتشاهد عضلات أفخاذ لاعبيهم فتتوقف اللقمة في منتصف بلعومك. وكنا أيام العسكرية نتمرن علي أحد الأجهزة المتطورة علي أيدي إنجليز وأسكتلنديين، وفي يوم اتفقنا علي لعب مباراة كرة قدم، فنرفزني أحد لاعبيهم بخشونته، فقررت أن أتخابث معه، فضربت ساقه بساقي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فاسودّت الدنيا في وجهي، أو اصفرّت، والله لم تعد الألوان تهمني، وغبت عن الوعي، وتدلدل لساني، ورحت أقرأ كل ما حفظته من القرآن: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ"، ابن العفريتة دعّني دعّة، وراح يجري وكأن شيئاً لم يحدث، وكأن ساقاً لم تُكسر. واستكمل هو المباراة، واستكملت أنا طريقي إلي مستشفي الرازي للعظام. فيا أيها العربان عليكم بالبطاطا والعقارب المحشية بالدود، علّ كرامتكم تعود. أمين عام التيار الليبرالي في الكويت، الشاب خالد الفضالة، من النوع الذي يأكل البطاطا مهروسة، لذلك احتج علي مصاريف ديوان سمو رئيس الحكومة المبالغ فيها، فرفع الرئيس عليه دعوي قضائية، وصدر أول من أمس (الأربعاء) حكم درجة أولي بسجنه ثلاثة أشهر مع النفاذ وغرامة قدرها 150 ديناراً