سمعتهم يقولون في الستينيات أن الكرة أفيون الشعوب.. فهل مازال هذا القول صحيحاً حتي الآن؟ أشعر بانبهار تجاه التفاف المصريين حول كرة القدم مع أنهم لا يتفقون حول أي شيء هل تابع المسيحيون مباراة فريقنا القومي في أنجولا؟ هل يشجع المسيحيون فريقنا القومي؟ أسبوع الاعترافات اعتراف أول: لست من هواة الكرة. ولا أذكر أنني ذهبت إلي الاستاد لمشاهدة مباراة من قبل. لذلك خجلت أمام فكرة تلبية بعض الدعوات لحضور مباريات لفريقنا القومي مع فرق أخري. قلت لنفسي من لا يحرص علي مشاهدة الكرة هنا ليس من حقه مشاهدتها هناك. والمشاهدة بالنسبة لي لا تخرج عن متابعة عروض المباريات في التليفزيون. اعتراف ثان: لم يسبق لي أن مارست اللعب. ولا حتي في سنوات شقاوة الطفولة الأولي. لا كرة شراب ولا غيرها من الكرات. اعتراف ثالث: لا أشعر بانبهار تجاه أبطال الكرة. بل ربما رأيت في الاهتمام بالكرة ما كنا نقوله في ستينيات القرن الماضي من أن الكرة أفيون الشعوب. وربما كان الهدف منها إلهاء الشعوب عن قضاياها الحقيقية. اعتراف رابع: إثارتي لهذه القضية. ليس الهدف منها رش الملح علي جرح مصر الطائفي ولكنها محاولة لفتح باب التفكير في هذه القضية. وإثارتها الآن قد تماثل ما طرحه المؤرخون عندما تكلموا عن ثورة 23 يوليو 1995 باعتبارها ثورة قام بها مسلمون. ولم يكن بين من قاموا بها مسيحي واحد. مثلما قيل إن ألسنة الثوار لا تنطق سوي الإنجليزية وإنه لا يوجد بينهم شخص واحد يتحدث الفرنسية. اعتراف خامس: اهتمامي بالكرة. يتوقف عند حدود المباريات ذات الطابع القومي. وأعجب بلا حدود من التفاف أهل مصر حول الكرة. وأشعر بانبهار حقيقي من التفاف المصريين حول كرة القدم. مع أنهم يختلفون حول كل شيء. وعندما لا يجدون ما يختلفون حوله. يختلفون حول الاختلاف. وقد نبت في ذهني سؤال خلال مباراة مصر مع الجزائر في الخرطوم. سألت نفسي: هل يتابع المصريون - مسلمين ومسيحيين مثل هذه المباريات؟ وإن كان هذا صحيحاً فهل في الفريق القومي المصري أبطال كرة من المسيحيين؟ هل أتقدم في اعترافاتي درجة أكثر جرأة. وأقول إنني بعد هذا. وعندما شاهدت مباراة مصر مع الكاميرون لاحظت اللاعبين. إن اللاعب قبل أن يشوط الكرة في الجون. كان يتمتم بآيات من القرآن الكريم. وإن حدث وجاء جون. فإن كل اللاعبين يسجدون علي أرض الملعب في صلاة جماعية. سألت نفسي - والنفس أمارة بالسوء - هل الفريق كله من المسلمين؟! إن الجهل في هذه الحالات قد يكون نعمة. وأنا لم أشاهد أي لاعب يرسم علامة الصليب. مع أن مصر عرفت من لعيبة الكرة من المسيحيين هاني رمزي الذي كان في الأهلي ثم احترف وأصبح لاعباً مهماً في الفريق القومي. ثم اعتزل والآن يعمل في مجال التدريب. اعتراف سادس: خجلت من سؤال أي صديق عن حكاية «أديان» من يلعبون باسم مصر. خفت من مجرد طرح السؤال. لذلك قررت الكتابة وأجري علي الله. مع أنني تعرضت ابتداء من منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما كنت أذكر اسمي لمن لم يعرفني كان يطلب مني ذكر الاسم ثلاثيًا. حدث هذا لأول مرة معي في مشيخة الأزهر من قبل الشيخ صلاح أبو إسماعيل. ولمفاجأة السؤال قمت بالرد دون أن أستفهم منه عن سبب السؤال. ومن بعدها ونحن نتعامل مع الأسماء باعتبارها شارات لأديان من يسمون بها. وازداد الموقف اتساعاً في مصر: هنا والآن. اعتراف سابع وأخير: كاتب هذا الكلام اسمه يوسف القعيد. وما دمنا نتنفس الدين. فلا بد من اعتراف بأن كاتب هذا الكلام مسلم وموحد بالله. ويعتز بإسلامه. لكنه أيضاً مستعد لأن يدفع حياته ثمناً لحقوق أشقائنا المسيحيين المهدرة. وبالمناسبة فإن اسمي الأول هو محمد ويوسف اسم المرحوم والدي. وقد شرحت هذا بالتفصيل في إحدي قصصي، مرافعة البلبل في القفص. ومع هذا أزيد علي ما شرحته لأنه يبدو أن الأمر مازال في حاجة إلي التنويه. لا لاحتلال مصر لغزة تعمدت الأسبوع الماضي نشر ما سمعته في ندوة شديدة الثراء. عقدها مركز دراسات المستقبل. بمركز معلومات دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء. أعترف أن حالة من نكران الذات أصابتني. وقررت إفساح الساحة لكل من حضر اللقاء. لكن هذا لا يمنع أن لي رأيي الذي عبرت عنه في الندوة. ولا بأس من إعادة قوله الآن. فأنا مثلا لم أكن مستريحاً لكثير مما قيل عن حماس. ورغم رفضي القاطع لأي حكم علي أساس ديني. فإن حماس حركة تحرر ضد العدو الصهيوني. ولذلك أتغاضي عن اعتمادها علي أساس ديني - مرحلياً - ولكن أقف معها علي طول الخط في نضالها المشروع ضد الاحتلال الصهيوني. أحاول كثيراً أن أبتعد عن خريطة الصراع السخيف بين فتح وحماس. وأحاول الابتعاد بقدر الإمكان عن كثير من الحكايات الشخصية. والذكريات والمواقف التي تعرضت لها مع القادة الفلسطينيين الكبار الآن.إنني لا يعجبني الموقف المصري الآن، سواء الاكتفاء بدور «البوسطجي» بين فتح وحماس. وبين حماس وإسرائيل. وانتهاءً بحكاية «السور» الذي يقام الآن في مواجهة أهالي غزة. وأنا مع أي إجراء يحفظ الأمن القومي المصري. ومسئولية الحدود لأي وطن من الأوطان أهم ألف مرة من تأمين العواصم. لكن إخراج حكاية السور كان أكثر من مضحك ولا يتناسب أبداً مع دور مصر وريادتها. لقد جعلت مما قاله الصديق نبيل زكي عن احتلال جيش مصر لغزة عنواناً لما كتبته. ولكني أرفض هذا شكلاً وموضوعاً. لأن مصر لها أعداؤها. وحماس ليست العدو. ولا يجب أن تكون. ثم أليس من الأفضل والأولي أن تحتل مصر مصر أولاً؟! وأن تتولي أمورها الداخلية وشئونها المحلية؟! وهو ما طورته الدكتورة أماني فؤاد عندما تساءلت عن أوضاع مصر الداخلية. وفوضاها وفسادها. وهل يمكن ذلك مصر من لعب دور ما في مستقبل القضية الفلسطينية. وإن كان هذا لا يمنع من التعبير عن إعجابي التام بما قاله أحمد عبد الحليم وأكده حسن عيسي من أن العدو هو العدو. وعدونا هو العدو الصهيوني الذي لا عدو غيره. وأن ما بيننا وبينه صراع وجود وليس صراع حدود. وهي عبارة عبد الناصر الشهيرة. أيضاً أعجبني جداً ما قاله الدكتور محمد إبراهيم منصور من أن قادة الصهاينة قالوا أعطونا مهلة حتي يختفي من الوجود آخر مصري حاربنا حتي ننتهي من هذا الصراع. أيضاً لم أكن مستريحاً لفكرة أن هذا الصراع سيظل معلقاً حتي تصبح الصين قوة عظمي. لأن هذا معناه أنك تعطي العدو ليس فرصة لالتقاط الأنفاس ولكن فرصة لابتلاع المنطقة كلها. الله حي.. الله حي شاهدت علي قناة الجزيرة الفيلمين التسجيليين اللذين قدمهما حسين عبد الغني. الأول عن الموالد في مصر المحروسة. والثاني عن الاستخدامات السياسية للطرق الصوفية في مصر الآن. وكنت قد تابعت حسين خلال فترة إعداد هذا العمل الضخم الذي ينتمي إلي السينما التسجيلية الأصيلة. والموضوع يهمني بلا حدود. ذلك أن ابن الريف مهما تغرب عنه. تظل قريته الآن معه أينما حل. لا يمكن لابن الريف أن يستبدل قرية ميلاده وطفولته وصباه بمدينة أجبر علي الحياة فيها.اختيار الموالد كان فرصة نادرة لمعرفة الكثير عن مصر الأخري. فالموالد «هايد بارك» الريف المصري. والموالد مؤسسات اقتصادية متحركة. وهناك عدد من المصريين. لا يفعلون أي شيء ابتداء من اليوم الأول من السنة. وحتي يومها الأخير وهم يتنقلون من مدينة لأخري. حسب خريطة موالد مصر المحروسة بالزمان والمكان. إن كل واحد منهم يمكن أن يسمي صاحب مصر. اختيار أماكن التصوير كان أكثر من جميل. والفيلم الأول يمكن أن يسمي فيلم الجماهير الغفيرة. حيث جري تصوير موالد علي الطبيعة. لم تكن هناك ديكورات. ولم يطلب صناع الفيلم من الجماهير فعل أي شيء من أجل التصوير. بل كان الأمر أكثر من طبيعي. إن الفيلم كله محاولة لتثبيت لحظة من تاريخ مصر الاجتماعي أو الاجتماعي الديني. والنظر إليها باعتبارها لحظة كاشفة تقول الكثير. الفيلم الثاني الذي يدور حول الطرق الصوفية كانت فيه جرأة سياسية تدور حول محاولات أهل السياسة استغلال الطرق الصوفية في تحقيق أهداف سياسية. وقابلية رجال الطرق الصوفية للقيام بهذه الأدوار. في الطرق الصوفية لا تعرف أن ينتهي الدين؟ وأين تبدأ السياسة؟ مع أن التصوف حركة قائمة علي الزهد في الحياة ومتطلباتها.الكمال لله وحده. أختلف مع النتيجة النهائية التي ذهب إليها المتحدثون في الفيلم الثاني. قالوا إن المستقبل سيشهد صعوداً للقوي السلفية. وتراجعا للقوي الصوفية. وأنا أعتقد العكس تماماً. لأن الحالة السلفية تتطلب درجة من الوعي والثقافة. لا توجد عند الجماهير التي تذهب إلي هذه الموالد. ثم إن الحالة الصوفية قد يقدم عليها الأمي وقليل التعليم. وربما يجد خلاصه فيها مثل المتعلم تماماً. الانخراط فيها لا يتطلب أي لياقة ثقافية ولا أي استعداد علمي. بل يمكن أن يصبح الإنسان جزءاً منها بوعيه ووجدانه قبل عقله. أيضاً كنت أسأل نفسي كلما شاهدت احتفالات الطرق الصوفية. وكلما وقفت في ميدان القلعة أشاهد بيارق وأعلام والملابس المزركشة للطرق الصوفية: لماذا الطرق الصوفية. جمهورية من الرجال فقط؟ هل التصوف رجالي؟ أين المرأة المسلمة من الصوفية؟ ثم ما الذي يقابل الطرق الصوفية عند الإخوة المسيحيين؟! هل هي الرهبنة؟ محمد ناجي سافر محمد ناجي للعلاج في فرنسا. وقبل سفره كانت قد صدرت روايته الجديدة: ليلة سفر. وأنا منذ أن عرفته بعد صدور روايته: خافية قمر. وهو عليل. والعليل. كلمة أكبر من المريض. وقد حاول مقاومة المرض بوسائله الخاصة علي مدي سنوات. كانت هناك مباراة غير متكافئة بين إنسان بسيط ومرض فتاك. ولكنه ونحن معه وصلنا إلي المربع الأخير. إلي الحقيقة المؤكدة. التي لا يمكن الهروب منها أو الالتفاف حولها. ضرورة استبدال كبده. وذلك حسب ما عرفنا يتكلف أكثر من مليون جنيه مصري. لقد خاطب محمد ناجي المستشفي الفرنسي وطلب منه المستشفي إيداع مبلغ يزيد علي مائة وخمسة وثمانين ألف يورو في خزانة السفارة الفرنسية بالقاهرة لمنح تأشيرة السفر إلي باريس لمحمد ناجي. أي أن نفقات العملية والعلاج مطلوب إيداعها بالكامل قبل السفر. وهذا المبلغ يساوي أكثر من مليون وخمسمائة وخمسين ألف جنيه مصري. إذا وضعنا في الاعتبار أن سعر شراء اليورو من البنوك يتذبذب حول ثمانية جنيهات. وتتحكم فيه متغيرات كثيرة. لم يكن هناك حل سوي البحث عن التبرعات. رغم أن محمد ناجي يقول ليلاً ونهاراً إنه ضد التبرع. وأن فكرة التبرع مهينة للدولة المصرية. وإنه كان يحلم بالسفر علي حساب الدولة المصرية. لأن هذا أكرم له ألف مرة. حالة سباق بين المرض وتدهور حالة محمد ناجي الصحية وعملية جمع الفلوس البطيئة والبحث عن التبرعات الأكثر بطئاً ولا حل سوي هذا. مع أن مصر غنية بمواردها وبأموالها وسمعنا تصريحات صحفية من كثير من رجال الأعمال. يقولون إنهم سيتبرعون بكذا وكذا لعلاج محمد ناجي. ولكنه يبدو كلامًا للإعلام فقط لا ينفذ منه شيء في أرض الواقع. وما أكثر ما يقال وما أقل ما ينفذ. محمد ناجي أصدر قصته الطويلة الأولي: لحن الصباح. ولم تلفت له الأنظار. ولكن روايته الثانية: خافية قمر. هي التي صنعت اسمه وأكدت تفرده وعبرت عن موهبته. إنني أعتبره قد سبق كتابة الواقعية السحرية. قبل أن يتوصل إليها كتاب أمريكا اللاتينية. ولكنها عقدة الخواجة. ما أن يأتي شيء من هناك حتي نرحب به ونهلل له ونطبل ونزمر لمقدمه ونعتبره فتحاً يشكل فصلاً في تاريخ الكتابة. وأن توصل إليه أحد منا مبكراً لا نصدق أنفسنا. خافية قمر كانت الرواية التي صنعت صاحبها ولكنه لم يحب أن تصبح بيضة الديك. لذلك حاول تجاوزها بكثير من الجهد. كتب: العايقة بنت الزين. ثم رجل أبله امرأة تافهة. وأخيراً وليس آخراً. الأفندي. وكل هذه الأعمال تدور حول مشروع روائي متكامل. يتوقف محمد ناجي أمام تبدل الأحوال وانقلاب القيم والتغيير الذي يصيب الحياة فيقلبها رأساً علي عقب. يواجه كل هذا بأبطاله وشخوصه ومخلوقاته الروائية الجميلة. يضعهم أمام مصائرهم ويتتبعهم. يمشي وراءهم بقلمه وحسه وخياله الروائي. أتصور أن محمد ناجي لم يكتب حرفاً واحداً إلا عما يعرفه جيداً. ولذلك جاءت أعماله ابنة الصدق وابنة الموهبة وابنة الإخلاص في الكتابة. وآخر أعماله التي صدرت خلال هذه الأيام. ويبدو أنه كتبها وهو علي سرير المرض. عنوانها: ليلة سفر. من قرأوها قالوا لي إنها تدور حول العلاقة الملتبسة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. إلي جانب يوميات المرض التي يدونها يوماً بيوم. وأنا حزين جداً لأن الاهتمام الإعلامي بمحمد ناجي لم يحدث إلا عندما مرض مرضاً خطيراً. مع أنه كان بيننا منذ سنوات طويلة ولم يهتم به أحد. عرفت محمد ناجي عندما كان يسكن في شقة مقابلة لشقة سعيد الكفراوي. قبل أن يترك - سعيد - مدينة نصر إلي المقطم. أيضاً فقد ذهب معي إلي معرض الكتاب منذ سنوات. وهو إنسان هادئ ودمث الخلق ويعرف أن لديه مشروعاً يتطلب الاهتمام منه. لذلك يعمل عليه بطريقة البنائين المصريين الكبار. الكبير كبير كنت قد شرفت بكتابة كلمة في جريدة «الدستور» الأسبوعي عبرت فيها عن حزني العميق عقب أحداث مباراة مصر والجزائر التي أقيمت بالسودان. تحت عنوان: الحلم العربي.. عفواً الحقد العربي. ومازلت أؤكد عدم انتمائي لأي حزب سياسي ولست فقيها في السياسة وليست الكتابة مهنتي. ولكني مواطن أعتز وأتشرف بمصريتي. وكأي إنسان علي وجه الأرض أفرح وقت الفرح وأحزن وأتألم وقت الحزن. وها أنا أعاود الكتابة من جديد، فشتان بين الفرح والحزن. بكيت في المرة الأولي لِمَا حدث للمصريين من اعتداءات همجية من قِبَل المشجعين الجزائريين في السودان وتداعياتها التي يعرفها الجميع ولا داعي للخوض في ذكرياتها المؤلمة. وقد كتبت عن الكرامة المصرية والعروبة التي افتقدناها والحقد من أُناسٍ نسوا أو تناسوا دور مصر الكبير تجاه الكثير من القضايا العربية. وهذه المرة فرحت وفرح معي 80 مليون مصري عندما استطاع المعلم حسن شحاتة ومنتخبنا الوطني أن يحققوا انتصاراً غالياً في مباراة شهدها العالم بأثره ورسموا علي شفاهنا ابتسامة عريضة نحن في أمس الحاجة إليها الآن. ليثبتوا بذلك أن الكبير كبير، ولا أقصد بالكبير هنا هو فريق كرة، ولكني أقصد مصر بشموخها وعزتها ورفعتها. فمصر كانت وستظل وسوف تستمر دائماً الكبيرة في جميع المجالات. فالمعلم وأبناؤه كانوا سفراء يمثلون الوطن في بطولة الأمم الأفريقية التي لا تقل أهمية عن بطولة كأس العالم والتي يحرص علي متابعتها كل الدول العربية والأفريقية والأوروبية. وأكد المصريون للجميع بإصرارهم وعزيمتهم وإيمانهم وقدرتهم علي رفع راية مصر عالية دائماً وأبداً. قلت سابقاً لا يهمني نتيجة المباراة ولا الوصول لكأس العالم. فالرياضة مكسب وخسارة ولابد من فوز فريق علي الآخر. ولكن ما يهمني ودفعني للكتابة هو العروبة التي تاهت وضاعت وأصبحت شعاراً نردده في أوقات معينة. كلنا كنا نترقب المباراة، البعض كان يعتبرها ثأراً والبعض الآخر وصفها برد الاعتبار. فبرغم الهدوء النسبي في وسائل الإعلام الجزائرية إلا أن ما في القلب لا يعلمه إلا الله. ولكن الكاميرا التي نقلت المباراة لا تكذب وأيضا لا تتجمل فنقلت تعبيرات الغل التي ظهرت علي وجوه لاعبي الجزائر ومدربه والخشونة المتعمدة وحالات الطرد الثلاثية ولولا نزاهة التحكيم والعدالة الإلهية أعتقد كانت ستكون العواقب وخيمة. انظروا معي كم مباراة لعبها الجزائر قبل مباراته مع مصر؟ هل لاحظتم الشحن الجماهيري لهذه المباراة بالذات؟ هل لاحظتم الجمهور الجزائري الذي تم نقله من الجزائر لأنجولا لتشجيع فريقهم ووصل عددهم إلي ألف مشجع وقد يزيد ووصفهم بأن موقعة أم درمان ستتكرر؟ من حقهم مؤازرة فريقهم ولكن لماذا كل هذا الشحن لأي مباراة تكون مصر طرفاً فيها أمامهم؟ كنا نعرف منذ الصغر من هو عدونا الحقيقي؟ وأعتقد أن جميعنا يعرفه، ولكن تُري هل ما زال بيننا الآن من لا يعرف هذا العدو الذي أعتبره الفائز الوحيد لكل ما يحدث بيننا كأشقاء عرب من خلافات ونزاعات تافهة؟ إذا كانت الإجابة (نعم) فتلك هي المصيبة. وإذا كانت الإجابة (لا) فالمصيبة أعظم.ختاماً لا أملك إلا الدعاء لمصر والأشقاء العرب جميعاً لعل الله يتقبل دعائي وأقول لهم كما أمرنا الله: بسم الله الرحمن الرحيم «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً». فمصر هي الأم الحاضنة لكل من يلجأ إليها وستظل صاحبة الريادة والحضارة. والكبير كبير حتي ولو كان ذلك كروياً. محاسب/ محمد علي