هبوط مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات بضغوط مبيعات عربية    محافظ الجيزة: إعداد خطة متكاملة لرصف ورفع كفاءة جميع الأنفاق    مصر تحذر من تبعات توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة    مصدر بالأهلي يكشف تطورات التجديد لإمام عاشور    مخدرات ودولارات.. تفاصيل القبض على التيك توكر "نورهان حفظى"    دعوى قضائية جديدة تطالب بحجب تيك توك والتطبيقات المشابهة في مصر    إخلاء السكان من 6 مبان ملاصقة لعقار الزقازيق المنهار حرصا على حياتهم    افتتاح فعاليات المهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل في دورته الأولى (صور)    مخاطر إنقاص الوزن السريع، تكون حصوات المرارة وظهور الترهلات الأبرز    نجم كريستال بالاس يرفض توتنهام.. حقق حلم طفولته    نجم برشلونة يدخل دائرة اهتمام مارسيليا    اقتصادية «قناة السويس» تبحث تفعيل الاتفاقات مع «أكوا باور» و«إيتوشو» اليابانية    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    حار رطب نهارا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    الرئيس اللبناني: نعول على دعم بريطانيا من أجل التمديد لليونيفيل    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب ويحتفل بعيد ميلاده مع الجمهور    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن القبول المبدئي بمسابقة تعيين 57 مهندسًا بالنقل النهري    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو "للتصدي لفكر التطرف والإرهاب"    «نتنياهو» يصعّد هجومه ضد رئيس وزراء أستراليا    تظاهرات حاشدة في غزة دعمًا للمقترح المصري لوقف الحرب    وسائل إعلام إسرائيلية: أنباء أولية عن عملية عند حاجز عسكري قرب مدينة الخليل    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان مشروعات الخطة الاستثمارية    تصادم مروع على طريق الإسكندرية – مطروح يسفر عن اشتعال وتفحم 4 سيارات و20 إصابة    القبض على البرلماني السابق رجب حميدة بشأن أحكام قضائية في كفر الشيخ (تفاصيل)    نقيب الصحفيين: تقديم بلاغ ضد «ڤيتو» مؤشر يجب التوقف أمامه في ظل غياب آليات واضحة لتداول المعلومات    محافظ الجيزة يكلف مديرية الطرق بإعداد خطة متكاملة لرصف ورفع كفاءة وإنارة جميع الأنفاق    بسمة داوود صحفية في مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو» (صور)    سهرة ل أوركسترا القاهرة السيمفوني بمهرجان القلعة 2025    محافظ بني سويف يهنئ الشباب والرياضة بفوز "سُندُس" لاعبة منتخب رفع الأثقال ب 6 ميداليات "ذهب وفضة" في البطولة الأفريقية بغانا    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة ويوجه بسرعة تشكيل فرق عمل لرفع كفاءتها    ندوة حول التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات للمواطنين في بورسعيد    تحرير 126 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    خلال 24 ساعة.. ضبط (385) قضية مخدرات وتنفيذ (84) ألف حكم قضائي    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    المصرية للاتصالات : الانتهاء من ربط مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة "كورال بريدج"    تشمل 21 مستشفى.. تعرف على خطة "الصحة" للتوسع في خدمات زراعة الأسنان    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: عمر الساعي كان «ضحية» كولر.. وأتمنى انضمامه للمنتخب    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريما وعادتها القديمة


الفرق بين الحلم وبين تحقيقه.. قد يكون شعرة.
لكن أحيانا ما يكون العمر كله. وقد ينقضي العمر ولا يتحقق الحلم.
كان حلمنا بالوصول إلي كأس العالم مشروعا وواقعيا وكدنا أن نصل إليه بالفعل ولا أملك أن ألوم القائمين علي منتخبنا. فهذه هي كرة القدم. لا تعرف نتيجة المباراة إلا بعد صافرة النهاية. لكن ما حدث في الأيام الأخيرة يكشف للمرة الألف عن منهج تفكيرنا. كان بين فريقنا وبلوغ الحلم شعرة لكننا خسرنا المباراة.
أما الإعلام عندنا صحافة وراديو وتليفزيون فقد فاز فوزاً عظيما عمل له بدأب وإلحاح فحصل علي الملايين وحصل رجاله علي شهرة تفوق شهرة أبوتريكة، الخدمة الكبيرة التي قدمها الإعلام للمصريين هي تشجيعهم علي أن يشجعوا فريقهم!! وذلك باعتبار أن الإعلام أكثر وطنية من الشعب. بدليل أن الإعلام راح يؤكد لنا أن الفوز قادم لا محالة قبل المباراة الأولي وقبل المباراة الثانية وكنا في انتظار إعلانه فقط. وقد صدق الناس ذلك. وكيف لا يصدقون والصحافة والتليفزيون لا شغل لهما إلا بث ذلك علي مدي 24 ساعة بلا ملل.
فذلك يعني البيع. بيع الصحف وترويج القنوات الرسمية والخاصة وهو ما يعني جلب إعلانات بالملايين ومكافآت للسادة المذيعين يليهم خبراء الكرة، ولشحن النفوس أو الجيوب أصبح الفوز في مباراة كرة يسمي "النصر"، واللعب صار "القتال الشرس" واللاعبون "كتيبة من الفدائيين" وأخبار عن مد "جسر جوي" إلي السودان، ومقابلات مع رجل الشارع ومع بعض الفنانين الذين سيسافرون للسودان لعل أضواء الشهرة التي هجرتهم تعود لهم، وأصبحت المباراة "معركة" فتعاد مئات المرات الأغاني الوطنية خاصة التي قيلت في وقت النصر.
فرغم أن المباراة لم تبدأ إلا أن النصر قد تحقق بالفعل إذ تحول الإعلام إلي قارئة فنجان جاءت لنا بالنتيجة وأكدت أن قدامنا سكة سفر إلي المونديال بعد خطوتين.
فقط قول ورايا "يارب. النصر لنا بإذن الله وإن شاء الله" باعو هذه الجمل بالملايين ما الجديد فيها؟.. هل لا يصدق المصريون أن كل شيء بيد الله ليتعلمها علي يد الإعلام؟! ألا يعلمون أن كل شيء بإذن الله تعني أننا قد نفوز وتعني في نفس الوقت أننا قد لا نفوز؟؟ لاقدر الله طبعا!. علي العكس المصريون من أكثر شعوب الأرض إيمانا بذلك ونحن نقول دائما الحمد لله حتي عندما تقع علي رءوسنا الكوارث.
لكن الإعلام احتاط لذلك فراح يطلب منا آلاف المرات أن نقول خلفه يارب، هل ينسي المصريون قولها؟ هل لا يقولها المسلم والمسيحي في داخله عشرات المرات قبل أن يقولها بصوت عالٍ؟ أم أن الإعلام تحول إلي إمام نردد خلفه الدعاء؟
هل غاب ذلك السر عن فريق الجزائر الذي نكرر دائما أنهم إخوة أشقاء لنا وعرب مثلنا ومسلمون مثلنا؟!.. بالطبع لا بل قالوها بالعربية المخلطة بالفرنسية "فكتوار يارب" أي النصر يارب! وأحيانا بالإنجليزية والفرنسية معا "ون.. تو.. ثري فيفا لا لجيري" أي "واحد اثنين.. تلاتة تحيا الجزائر". فهل فوزهم يعني أن نيتنا لم تكن صافية؟ أو إيماننا ناقص؟
لم يأخذ الإعلام وقت الناس وفلوس الناس فقط بل أخذ فينا ثوابا عندما طلب منا تكرار الدعاء ليضمن لنا الفوز أو النصر بمعني أدق.
وهكذا ظل الناس في انتظار إعلان النصر الذي وعده به الإعلام ولا شيء غير الفوز وأصبح السؤال الذي يشغل أذهانهم هو كم الأهداف التي سنحرزها في شباك الجزائر؟
في ساعة متأخرة من مساء الليلة السابقة علي المباراة أكد لنا مذيعو ثلاث قنوات فضائية انضمت معا علي أن النصر قادم لا محالة وجاءوا بخبراء الكرة وجاءوا ببعض الفنانين والمطربين وجاءوا بشباب داخل الاستوديو وأجلسوهم مثل كومبارس ليمثلوا دور الجمهور أو كورس خلف المطرب. يشير لهم المذيع من آن لآخر فيقفون ويدقون الطبول ويهتفون.. مصر تحيا مصر. وهكذا راح الكل يشجع فريقنا بينما فريقنا في معسكره بالسودان لا يري ولا يسمع ولا يتكلم!.
وفي ختام البرنامج في ساعة متأخرة من مساء أو صباح ليلة المباراة وعدنا مذيعو القنوات الثلاث المندمجة بليلة طويلة في الغد للحديث عن فوز فريقنا. لكن فور انتهاء المباراة لم يظهروا وأذاعوا فيلما عن التزحلق علي الجليد ثم فيلما عن مصارعة الثيران!
عشت هذه الأجواء قبل ما يقرب من نصف قرن. عندما أقنعنا الإعلام بأننا سنقضي علي إسرائيل ونلقي بها في البحر. وهكذا انتصرنا قبل أن تبدأ الحرب وغني عبدالحليم "كلنا عايزين صورة تحت الراية المنصورة". وعندما جاء وقت الحرب قال الإعلام إننا أسقطنا عشرات الطائرات للعدو. وهللت الجماهير فرحا. ورحنا ندعو لربنا بالمزيد من النصر.
وكنا علي يقين من أن اللَّه معنا ولا يمكن أن نهزم فنحن مسلمون وهم يهود وبعد يومين عرفنا أن طائراتنا هي التي سقطت وأن العدو علي بعد مائة كيلو من القاهرة.
منهج العقل العربي لم يتغير كثيرًا. المرة الوحيدة التي كسبنا فيها حربا لم نقل قبلها أي شيء ولم يزف لنا الإعلام أنباء النصر أو حتي نية القتال وعندما عبر الجنود خط بارليف هتفوا عندئذ "اللَّه أكبر".
لكن عندنا ريما تعود دائما لعادتها القديمة. وتتخيل أمانيها وقد تحققت قبل أن تتحقق باعتبار أن بين الحلم وتحقيقه شعرة.
في مشهد هزلي في فيلم مصري يرقص أحد المجانين علي إيقاع صاجات في يديه قائلاً "أنا عندي شعرة ساعة تروح وساعة تيجي".
والفرق بين الحلم وبين تحقيقه قد تكون شعرة. ونحن عندنا شعرة لكنها تجيء ولا تروح أبدا. ربنا يشفينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.