بكل وضوح.. ما نشاهده اليوم ليس حربًا بين إسرائيل وحماس كما يقال، بل هى حرب إبادة يشنها الصهاينة على الشعب الفلسطينى، تُهدم فيها المنازل ويُقتل الأطفال والنساء والمدنيون العزّل، العالم كله يرى ذلك ويسكت، والمسؤولون عن حقوق الإنسان فى الأممالمتحدة يقرون بذلك، بينما أمريكا ترفض أن يدين مجلس الأمن العدوان أو يطالب بوقفه!! من الذى استدرج الآخر لهذه الحرب؟! ليس هذا هو المهم الآن، وإنما أن تتوقف المذبحة وأن ننقذ أرواح أشقائنا الفلسطينيين، وأن نمنع اكتمال المأساة، وتداعياتها على الموقف فى المنطقة الذى يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. الإعلام الأمريكى -بفجوره المعتاد- يعلن افتقاده المعزول مرسى، ويذكّر بدوره فى اتفاق 2012 لإنهاء عدوان مماثل، لا يقولون إن الاتفاق فى حقيقته كان اتفاقًا بين إسرائيل والإخوان!! وإن الجماعة أَرغمت فرعها الفلسطينى «حماس» على الإقرار بأن ما تقوم به ليس «مقاومة مشروعة»، وإنما عمليات عدوانية يتعهد بوقفها!! الموقف الآن أكثر تعقيدًا، والمسؤولية على مصر أكبر، ووقف حرب الإبادة على شعبنا فى فلسطين ليس فقط واجبًا قوميًّا، ولكنه ضرورة أمن وطنى لمصر المستهدفة من عصابات الإرهاب، ومن قوى إقليمية ودولية لا تريد أن تنهض أو تستعيد دورها، أو تؤكد استقلالها بعد سنوات من التبعية والغياب المرير عن عالمها العربى. وبعيدًا عن «الجعجعة» الفارغة من هنا أو هناك، فإن مصر لا تستطيع أن تتخلى عن دورها فى وقف هذه المذبحة البربرية الإسرائيلية، ولا يمكن أن تأخذ الشعب الفلسطينى الشقيق بأخطاء ارتكبها فصيل، أو حتى بجرائم فى حق أمن مصر وشعبها، مصر أكبر من ذلك بكثير، والخطر أيضًا لا يحتمل مثل هذه الحسابات الصغيرة التى يتوهمها البعض أو يتصور أن مصر -بكل تاريخها- يمكن أن تلجأ إليها. الحسابات الصغيرة تجدها عند أطراف أخرى تستبيح دماء الشعب الفلسطينى من أجل صراعات لا قيمة لها، وتضع مصالح هذه الجماعة أو تلك فوق مصلحة الوطن، والحسابات الصغيرة تجدها عند بعض من لا يرون الصورة كاملة، ولا يقرؤون بوعى ما يجرى فى المنطقة من أحداث، ويتغاضون عمدًا عن الخطر الماثل الذى لن يستثنى أحدًا، ويفتحون الباب للعدو الإسرائيلى لكى يرتكب جرائمه ضد الإنسانية وضد شعبنا فى فلسطين، ويفتحون الباب أيضًا للقوى الإقليمية لكى تغرق المنطقة فى الفوضى، بينما من دعوا إلى الجهاد يهربون -كالعادة- من المواجهة، ويطلقون رصاصهم على الهدف الخطأ!! لم يفاجئنى تصريح «داعش» تعليقًا على حرب الإبادة التى يواجهها الفلسطينيون، قالت الجماعة التى تدعى وراثة الخلافة «إن الله فى القرآن الكريم لم يأمرنا بقتال إسرائيل أو اليهود حتى نقاتل المرتدين والمنافقين.. والليبراليين الملحدين»!! هل تجد فرقًا بين انحطاط «داعش» وانحطاط إسرائيل؟ وهل يختلفون جميعًا عن هؤلاء الذين وعدونا بأنهم «على القدس رايحين»، ثم وجدناهم يقتلون جنودنا فى رفح، ويتركون طريق القدس ليرتكبوا المذابح من الصعيد إلى كرداسة!! معركتنا لإيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب فلسطين لا تنفصل عن معركتنا ضد عصابات الإرهاب التى تعبث بالدين وتخون الوطن، وضد تآمر خارجى لا يريد لمصر أن تنهض أو تستقر، أو تعود لدورها العربى، أو تستعيد قرارها المستقل.