من أكثر الأشياء إثارة للدهشة التعليقات التي حفلت بها الصحف بعد انتشار خبر بيع محلات هارودز في لندن المملوكة لمحمد الفايد إلي شخصيات قطرية نافذة. أوجه الدهشة في الأمر عديدة وأولها: أن البعض رآها حلقة في سلسلة المنافسة في الساحة الخارجية بين مصر وقطر ومحاولة قطر وراثة الدور المصري!!. وعلامات الاستفهام سببها أن التكامل هو الأمر الواجب بين الأشقاء وليس التنافس، فضلا عن أنه أمر معيب للغاية أن تشكو مصر الكبري من المنافسة القطرية!. وثانياً أن عملية البيع وإن كان أحد أطرافها قطرياً فإن الطرف الثاني لا يسهل اعتباره مصرياً إلا إذا اعتبرنا أوباما مواطناً كينياً ..فمحمد الفايد الملياردير الذي يعيش في بريطانيا منذ عشرات السنين والذي قطع علاقته بمصر من زمان قد سعي جاهداً للحصول علي الجنسية البريطانية مرة تلو الأخري، غير أن الإنجليز أبوا أن يمنحوه جنسيتهم وإن لم يمانعوا في احتضان استثماراته وفلوسه واكتفوا بمنحه الإقامة علي جوازه المصري الذي يحمله علي مضض!. وثالثاً: فإن الذين يتحدثون عن محال هارودز باعتبارها صرحاً مصرياً رابضاً في منطقة جسر الفرسان بقلب لندن يتسمون بالسذاجة المفرطة، فهم يتحدثون عنها كما لو كانت شركة النصر للتصدير والاستيراد التي منحت مصر نفوذا خارجياً واسعاً في إفريقيا وآسيا وقامت بدور وطني لحماية الأمن القومي المصري، وينسون أن شركة محال هارودز هي شركة بريطانية كان يصونها صاحبها ويتعهدها بالرعاية لمصلحته الشخصية ولم يكن يديرها لحساب الحزب الوطني!. ورابعاً بأن نفس السذج شعروا بالحزن نفسه الذي شعرنا به عندما كانت شركاتنا التي بناها المصريون بالدم والدموع تفر منا وتذهب للأجانب بأثمان رمزية وتعاملوا مع هارودز علي أنها الشقيقة الكبري لشركات مثل شركة بيع المصنوعات وبنزايون وعمر أفندي، والأخيرة تعاملت معها الحكومة بغضب عظيم وانتقمت منها شر انتقام فباعتها بدون أسباب مع غيرها من الشركات الناجحة بتراب الفلوس كما باعت مئات الشركات والمصانع والأراضي المملوكة للمصريين دون أن يطرف لها جفن.. بعضها اشتراه إسرائيليون يتخفون خلف جنسيات أخري وبعضها اشتراه إسرائيليون دون تخف كما حدث في الفضيحة التي كان بطلها لواء شرطة سابق باع للإسرائيليين بمساعدة موظفين منحرفين شققاً وفيلات وأراضي في سيناء وهو الأمر الذي يمنعه القانون ولكن يسمح به الفساد!. خامساً: سواء باع الإنجليز أحد صروحهم لملياردير مصري أو ملياردير قطري فإنهم لا يسمحون له أن يشرد العمالة البريطانية ويلقي بها في الشارع دون منحها حقوقها في حماية الحكومة كما حدث عندنا بدل المرة مائة مرة، وهم يلزمون المشتري مهما كان نفوذه بالخضوع للقوانين البريطانية، وهو الأمر الذي نعفي منه من يتعطف ويشتري أصولنا بواحد علي خمسين من سعرها السوقي!. لهذا ليس هناك ما يدعو إلي الاعتقاد بأن هارودز هي آخر الثغور التي سقطت في يد الأعداء مثلها مثل غرناطة التي تمثل مُلكاً تليداً بكينا عليه كالنساء بعدما لم نحافظ عليه كالرجال!.