تابعت مساء الخميس الماضي تلك المناظرة التاريخية بين زعماء ثلاثة أحزاب بريطانية، حول مستقبل بريطانيا والانتخابات الجديدة. .. المناظرة التي شاهدها في بريطانيا- فقط- 30 مليون مشاهد جمعت بين «براون» زعيم حزب العمال البريطاني وخليفة بلير في رئاسة الوزراء، و«ديفيد كاميرون» زعيم حزب المحافظين، وكذلك زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار. .. الزعماء الثلاثة تحدثوا عن رؤيتهم لإنقاذ بريطانيا من الأزمة الاقتصادية، وخياراتهم لمواجهة الركود والبطالة، والتعثر، وتبادلوا تعقيبات ساخنة علي إجاباتهم بالصورة التي دفعت المحطة المنظمة للمناظرة للإعلان عن جولات أخري لاحقة، للجولة الأولي لمزيد من الحسم والوضوح في الرأي العام. .. الجولة الأولي اتسمت رغم سخونة التعقيبات بين زعماء الأحزاب الثلاثة بالتحفظ والاحترام الذي ظل سائداً وكأنك تشهد جلسة من جلسات البرلمان الإنجليزي العتيق، والمحافظ علي التقاليد والقواعد!! .. ربما لم تنته الجولة الأولي بكاسب وخاسر، علي طريقة مباريات الكرة، وحساب الأهداف في نهاية الأشواط.. لكن الكاسب في تلك الجولة كان المواطن البريطاني الذي وجد إجابات عديدة لكل الأسئلة التي يمكن أن تأتي علي ذهنه في شأن مستقبل بلده إذا استمر حزب العمال في السلطة أو عاد «المحافظون» بعد 13 عاماًَ من الغياب، أو وصل «الأحرار» لأول مرة. .. كل شيء واضح.. لا غموض ولا أسرار عسكرية في شئون الناس ومستقبل الأوطان.. وبرامج كل حزب في طرح خيارات وبدائل تبدد مخاوف الناس، وتضاعف ثقتهم في أوطانهم. .. الأحد الماضي، شهدت القاهرة- أيضاً- مناظرة انتخابية- رئاسية- هي الأولي من نوعها استضافها برنامج «القاهرة اليوم» بقناة «أوربت» والذي يقدمه الإعلامي المتميز عمرو أديب ويشاركه التقديم النائب والصحفي محمد مصطفي شردي ويعده طارق يونس. .. المناظرة الرئاسية الأولي من نوعها في مصر، كانت بين كاتب هذه السطور، بوصفه مرشحاً لحزب الغد في الانتخابات الرئاسية الماضية والقادمة، وعلي الطرف الآخر كان النائب حمدين صباحي مرشحاً عن حركة وحزب الكرامة الناصري. .. الفكرة ليست جديدة، فلطالما طالبت الرئيس مبارك عام 2005 ومبارك الابن 2009 بإجراء مثل هذه المناظرة معي دون استجابة، ودون تبرير مفهوم أو مقبول!! لكنني أشهد أيضاً أن إدارة «أديب» و«شردي» للمناظرة كانت حضارية وراقية ومتوازنة ومشرفة!! .. لم يستهدف مقدمو المناظرة الوصول لأعلي نقطة صوت علي طريقة بعض البرامج الفضائية بقدر ما كان الهدف هو تقديم صورة حقيقية عن أفكار ومواقف مرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية القادمة.. وتقديم صورة أفضل للحياة السياسية والحزبية في مصر. .. أعترف أيضاً بأن العلاقات الحميمة التي تجمعني منذ سنوات بعيدة بصديقي حمدين صباحي والقواسم المشتركة بيننا ساعدت علي تقديم صورة راقية لمعني وشكل الخلاف السياسي بالدرجة التي تحفز أطرافاً أخري للدخول في مثل هذه المناظرات بل بالدرجة التي دفعت المئات لإرسال رسائل إلكترونية لي تحرضني علي مواصلة جولات أخري من هذه المناظرات وبصورة أكثر تخصصاً وتعمقاً حول قضايا بعينها مثل البطالة والتعليم والفقر وغيرها من هموم وأوجاع الوطن. .. شكراً لأصحاب الدعوة- ليس فقط علي المبادرة المقدرة- ولكن علي الإدارة العاقلة المحترمة التي أفادت مصر كثيراً، في مغايرة حقيقية لموقف بعض أو معظم الإعلام الذي أدمن تقديم البدائل للنظام من زاوية النوادر، والطرائف والمشاكل والسخافات التي تخصم من الأمل في نفوس الناس في الوصول إلي تغيير حقيقي آمن وعاقل تستحقه مصر وتملك كل مقوماته. .. إنني أكرر وأشدد علي دعوتي للحزب الحاكم، متمثلاً في رئيسه الحالي أو مشروعه القادم «جمال مبارك» لمناظرة علنية محترمة، علي طريقة «أديب» و«شردي»!! ولن أقول علي طريقة «براون» و«ديفيد كاميرون»!!