الفوبيا هي الخوف غير المبرر من شئ ما، أو من مكان ما أو من ظرف أو ظاهرة ما، وهذا الخوف يصاب به ثلاثة أشخاص من كل عشرة، حسب أبحاث علم النفس الحديث، وكلنا عاين وعرف مصابين بهذا الداء العجيب، فرأينا مصابين بالخوف من الأماكن المرتفعة (أكروفوبيا)، ومصابين بالخوف من الحقن (تريبانوفوبيا)، وبالخوف من الوحدة (أوتوفوبيا)، ومن الأطباء (أياتروفوبيا)، ومن الأماكن المغلقة (كلوستروفوبيا)، وهذا الخوف غير مفهوم الأسباب؛ اللهم إلا إن بحثنا جيدا في تاريخ الخائف، فقد نجد ما يبرره، كأن يكون في طفولته رأى شخصا يقع من فوق سطح بيته فيخاف من الارتفاعات، أو شاهد مريضا يحقن في ذراعه، فلم يتحمل مرأى الدم وأغمي عليه، أو أو.. المهم بعد هذه المقدمة عن الفوبيا وبعض أنواعها، أن أزف إلى حضرتك خبر نشوء نوع جديد من الفوبيا في مصر؛ الإخوانوفوبيا، فإن أردت أن تعرف مظاهر هذا الخوف؛ فادخل إلى صفحات الفيسبوك لتراها بعينيك، سترى صفحات أفردها أصحابها للشتيمة في الإخوان المسلمين، وللسخرية من الرئيس الإخواني الدكتور مرسي، ولا يأل أصحاب الصفحات جهدا في اختراع الشتائم والنكات والتعليقات التي تدل على خوفهم الشديد من الإخوان المسلمين، ولا فرق بين خائف يعيش في مصر وآخر تركها منذ زمن بعيد إلى أمريكا أو أوروبا أو كندا، وثالث ناصري حتى خلايا نخاعه لخوفه ما يبرره، ورابع ليبرالي سواء يعرف ما هي الليبرالية أو لا يعرف، وخامس يساري تقدمي وحدوي أناركي، وسادس لا له في هذا ولا ذاك وإنما هو يخاف من الإخوان وخلاص، وكل هؤلاء يشتركون في هذا الشعور بأن البلد ضاعت وانتهت منذ أن وصل الدكتور مرسي إلى مقعد الرئاسة.. والعوض على الله.. ويسقط يسقط حكم المرشد.. والإعلام يقوم بدوره (المرسوم) له لا يأل جهدا في تثبيت هذا الخوف عند الخائفين..
وما حدث في اليومين الماضيين يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإخوانوفوبيا قد اتخذت بعدا آخر، فالخوف الذي انقلب إلى كراهية للرئيس الإخواني والجماعة؛ يبدو أنه أصبح عند البعض ممن ذكرت كراهية (مموَّلة) لمصر والمصريين، وإلا فما معنى أن يهجم المتظاهرون على مبانى المحافظات، فيستولون على الأثاث والمحتويات ثم يحرقونها ؟ وما معنى أن يهاجم متظاهرو التحرير وزارة الداخلية ويلقون المولوتوف الحارق على ضباط وعساكر الأمن المركزي ؟ ويتوجهون بعد ذلك إلى مبنى ماسبيرو محاولين اقتحامه ؟ وما معنى أن يحاول المتظاهرون إسقاط هيبة الدولة باقتحام السجون وأقسام الشرطة، بل وقصر الرئاسة ؟ وما معنى أن يسقط المصريون قتلى ومصابين بأيدي المصريين بدعوى الثورة على الإخوان ؟
ويخرج علينا منظرو الأناركية ودعاة الفوضى في الإعلام، يدعون إلى سقوط الدستور، واستقالة الحكومة وتنحّي الرئيس، ونزول الجيش ليعود الحكم عسكريا مرة أخرى، وعلى أرض الشوارع ظهرت مجموعات من الملثمين يدعون أنفسهم (البلاك بلوك)، واضح جدا تحالفهم مع الأناركيين، يهاجمون مقار جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة، وأقسام الشرطة والمحافظات، يحرقون وينهبون ويدمرون، ويقطعون الطرق والكباري، ويحطمون السيارات وواجهات المتاجر، ذكّروني بجماعة (كو كلوكس كلان) الأمريكية، إبان عهد التفرقة العنصرية في أمريكا، كان لهم زيهم المميز الذي يبدون فيه كالأشباح، وشعاراتهم الدينية النازية، ويستخدمون العنف بكل وسائله، يهاجمون أحياء السود ويحرقونها، ويعذبون ويقتلون ساكنيها وكل من يتصدى لهم، كان هؤلاء الشذاذ أربعة ملايين في أمريكا عام 1920، وفي إحصاء 2006 لم يتعدوا أربعة آلاف !
فهل سيجد الأناركيون المصريون والبلاك بلوك الملثّمون في مصر مرتعا لهم ؟ هل سيجدون ضالتهم في شوارعها معدومة الوجود الشرطي، أو في مدنها الموتورة المهملة من أيام عبد الناصر ؟ أبدا.. إن شاء الله سيلفظهم الشارع المصري المسلم – المسيحي المحب لبلده، المتطلع للمستقبل المشرق بإذن الله، كما لفظ الشعب الأمريكي المسيحي شذاذ الكو كلوكس كلان.. وكما كان هؤلاء يكرهون السود ويذيقونهم الويلات والعذاب والتقتيل، وبعد عشرات السنين من علوّهم أصبح رئيس أمريكا من أصل أفريقي؛ أصبح رئيس مصر إخوانيا بعد ستين عاما من الإخوانوفوبيا.. (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) - الرعد 17.. واسلمي يا مصر..