خاض الفن معارك كبرى فى زمن مضى، واليوم دخل الفن – مضطرا- فى انحطاط الحياة السياسية. قرر الفنانون أنهم سياسيون، كما قرر – قبلها – رجال الدين أنهم سياسيون، فأسدوا الفن والدين والسياسة، واختلطت القيم بفضل تهور الساسة ورجال الدين والفنانين أيضا.
كسبت إلهام شاهين قضيتها ضد عبدالله بدر.. خسر وهاج مؤيدوه، وانتصرت هى وانتشى المتعاطفين معها، لكن مازال الدين أرقى من عبدالله بدر، ومازال الفن أجمل من إلهام شاهين.
فقط لأن العدالة عمياء لا تثيرها مشاهد لممثلة فى أفلامها، ولا ترى هذا العبدالله بدر رجل دين يمكن أن يسمعه عاقل صحيح العقل ويصدقه، انحازت العدالة للفنانة، وانتصرت إلهام لأنها احتكمت للعدالة ولم تحتكم لردح "الحوارى" الذى يحشو عبدالله بدر به أدمغة أتباعه.. لم يُهزم لأنه رجل دين ولم تنتصر لأنها فنانة.. فقط هى العدالة العمياء.
هاجم عبدالله بدر إلهام شاهين لأنها ضد الثورة من البداية ولأنها من أتباع شفيق ومن مؤيديه، وانتصرت هى عليه – بالقانون- لأنه كان بذيئا فارغا فجا تافها فى هجومه عليها.. تلك هى المعركة أذن.
معركة بين الفج والأكثر فجاجة.. بين المنحط والأكثر انحطاطا.. لن تنتصر إلهام شاهين كثيرا، ولن يكف عبدالله بدر عن البذاءة، وستستمر المعركة المنحطة إلى أن يموت الطرفان.
وفى نفس السياق ستنشب معارك أخرى أكثر انحطاطا وابتذالا، وذلك بعد أن ينتهى صراع "إلهام / عبدالله" أو بعد أن يصبح صراعهما غير مثير للجدل.
المعركة القادمة مع الفن ستكون فى تصدير الأدنى لخوض المعارك من كلا الطرفين.. أعداء الفن من "الإسلاميين وغيرهم" والفنانين أو من يطلقون على أنفسهم لقب فنانين.. المعركة الآن بين أعداء الفن والمتعاطفين مع عدائهم للفن، وبين راقصة اسمها "سما المصرى"، قررت – بمحض إرادتها- أن تكسر الحواجز وتتحدى قضايا الآداب التى يمكن أن تلفق لها بصفتها راقصة، لتغنى وترقص فاضحة للإخوان وللمشروع الإسلامى وللمجتمع كله!
معركة محسومة نتائجها – مجتمعيا – لصالح كل من يهاجم الراقصة.. معركة سهلة جدا.. تحفز على النضال بالسب والقذف والفجاجة ضد الراقصة وكل من يساندها أو يدافع عن حقها فى التعبير، فمن يساندها سيكون بالطبع عاهر ومبتذل!
معركة تستهلك كل طاقة الإنسانية بداخلنا لتفرغها فى كيان وجسد راقصة قررت أن لا ترقص فقط.
نعم هى مبتذلة، ونعم.. الكلمات التى تغنيها رخيصة، ونعم إيحاءاتها وتصريحاتها فجة.. ولكن.. هل كذبت الراقصة سما المصرى؟
هل قالت فى أغنياتها المنحطة ما لم يقله الناس فى الشوارع والإعلاميون على الشاشات عن الإخوان والإسلاميين عموما؟
سما المصرى.. تلك الراقصة متواضعة المواهب صّدرت نفسها لمواجهة الإسلاميين.. راقصة وحيدة بلا رجل أعمال يدعمها ولا قناة تطبل لها ولا صحفيين يمتدحونها، بل إن فقر الإنتاج ينضح من الكليبات الخاصة بها ويثير القيء من الرخص والابتذال، ولهذا فقط، هى جريئة جدا، وهم أوباش لأنهم يتهمونها بالدعارة لأنها فقط امرأة بلا سند.. على الأقل أنتم لديكم من يمول تنقلكم من مكان لآخر بأتوبيسات مكيفة للتظاهر، فهل أزعجتكم الراقصة؟!
بالطبع أزعجتكم سما المصرى لأنها تفوقت عليكم فى "الردح"، ولأنها تعلم أنكم تتبعون خطاها فى الابتذال، وعليكم الآن أن تجاروا الراقصة، بل ومهمتكم الأسمى أن تتفوقوا على تلك الراقصة فى الابتذال.
ولأنها نافست ابتذالكم.. كانت الأجدر بالوقوف فى وجه دنائتكم، والحقيقة أنكم ابتذلتم أكثر منها بمراحل وتفوقتم عليها وقضيتم على تميزها فى الابتذال.
أيها الأسلاميون المتأسلمون جميعا.. لا تقفوا فى وجه الفن فى مصر أبدا، ولا تتوقعوا أن يواجهكم الفنانون بيوسف شاهين أو محمد خان وخيرى بشارة وداود عبدالسيد، أو فاتن حمامة ومحمد منيروعلى الحجار وشادية. هؤلاء الفنانون لا يواجهون الجهلة، وكما أن لديكم متطوعين مبتذلين، وكاذب اسمه ابو اسماعيل وأولاده، فإن لدى الفن المصرى – كما ترغبون فى تسطيحه- متطوعين مثل إلهام شاهين وسما المصري ومن هما دونهما لمواجهة أمثالكم.