أن تستعين بالعسكر لإنقاذ مصر من سطوة الإخوان أشبه باستعانتك بالسبكية لإنقاذ السينما من الانهيار. "بلاها" سينما إذا كان إنقاذها سيكون على جثة الفن.. وهذا هو المطلوب أصلا.. المطلوب أن لا تكون هناك سينما ولا فن، والمطلوب أن يتصدر السبكية ومهابيلهم وبهاليلهم السينما، والمطلوب أن ينجحوا، ومطلوب أيضا أن يتضاعف ابتذالهم عن السابق "السبكية جميعا أحمد وشقيقه محمد والمتعاونين معهم"، فلم نلبث أن ننسى انحطاط "عليا الطرب بالتلاتة" حتى قدموا لنا "بون سواريه"، ولم نكد نتجاوز محنة سفالته – الفيلم- حتى فاجأونا بفيلم "شارع الهرم"، ثم مازالوا ينحدرون ويأخذونا معهم نحن والسينما إلى أكثر المناطق الفنية – تجاوزا- قذارة لينتج لنا السبكية "عبده موتة" و"مهمة فى فيلم قديم".
صحيح أن السبكية "أحمد ومحمد" انفصلا، فأحمد استعان "بخلفته".. ابنه "بتاع" الجامعة الأمريكية "عشان ينضف السينما"، ومحمد أصر على تقديم الابتذال لتحدى نفسه وشقيقه!
هل هناك فارق بين أحمد السبكى منتج الأفلام المهمة "كباريه – الفرح – ساعة ونص" بكل ما فيهما من تجسيد للمآسي المصرية إلى درجة الميلودراما الفجة وتحديدا فى آخر فيلم، وبين شقيقه منتج الأفلام المبتذلة فقط محمد السبكى؟!
لا.. وإطلاقا فكلاهما يلعب على أحط ما يحرك المشاهدين، وإن حاول أحمد السبكى أن يتعالى أحيانا وقليلا بتصدره لإنتاج أفلام تعلو فيها حسابات القيمة الفنية – بعض الشيء- على حسابات الانحطاط عند المشاهد، ثم يعود إلى قواعده سالما منتجا "عبده موتة" الفيلم الذى حقق أعلى إيرادات فى موسم العيد!
مؤكد أن الجمهور الذى أنجح هذا الفيلم وحقق له إيرادات وصلت إلى 10 ملايين جنيه فى اقل من أسبوع هو جمهور يعانى من مآسى وأمراض يستلزم علاجها سنوات طويلة، لكن الحقيقة الأوضح والتى لا تحتاج إلى جدال أن أحمد السبكى ليس أكثر من تاجر، وهو من أكثر أنواع التجار فهلوة.. مثله مثل تاجر المخدرات الذى يفسد صحة البشر بتجارته ثم يبنى مسجدا بأموال كسبها من المخدرات ويهب بعض ماله للفقراء ليصلوا ويتعبدوا فى مسجده، فقط كى يضحك على الله – أو هكذا يظن.
أما محمد السبكى شقيقه- فهو لا يدعى أى قيمة.. الرجل يعرف أنه يقدم فنا منحطا ولديه خلطة يدرك أنها تجذب المنحطين.. الوضوح مؤلم جدا، لكنه مع ذلك محترم، لذلك، أصبح الحكم على محمد السبكى الفاهم والواضح لما يقدمه وينتجه، أكثر سهولة من الحكم على شقيقه الذى يدعى أنه صاحب رسالة فنية فقط، ثم يتحول إلى -"عالمة وبعد تقديم نمرتها مفيش مانع تبقى فتاة ليل" -عندما يحن إلى الانحطاط.
نعم.. الأخوان السبكى هما المتصدران الآن لشباك التذاكر فى دور العرض، والكارثة أن البعض أكد لهما أنهما هما اللذين ينقذان السينما الآن من الإغلاق والانهيار، فهما الوحيدان المتصدران للإنتاج! لكنى بدأت اقلق من كثرة دفاع المتحضرين عن كل هذا الانحطاط باسم السينما، وباسم أن "الناس عايزة تعيش وتفرفش" وباسم "استمرار السينما"، وأرجو من كل منتج محترم لديه ما يكفى من اموال لإنتاج سينما محترمة أن ينقذنا من دوامة الانحطاط والابتذال هذه وأن ينقذ السينما المصرية من براثن السبكية ملوك الانحطاط، فقد تعبنا فى توصيف نماذج الجمهور الذى يقبل على أفلام منحطة وعدنا وزدنا وقلنا بما فيه الكفاية، وبالله عليكم كفانا تنظيرا على هكذا انحطاط، وكفانا فرحا بجمهور يقبل على الانحطاط، وكفانا خداعا لأنفسنا ولمن يقرأونا بأن الفن مستمر، لأن ما يقدمه السبكية ليس فنا وعلى أيديهم ستنتهى السينما – إذا ما استمرت هكذا.
أرجوكم يا منتجى السينما المهمين.. دعوا السياسة لأهلها والتفتوا للسينما.. فالفن سياسة أيضا.. وهو الباقى لمصر.. أرجوكم لا تتركوا السينما المصرية بين رحى السبكية بكل ما يملكونهم من قدرة ورغبة فى الانحطاط وبين جمهور فقد البوصلة ولم يجد سوى هذه الافلام المنحطة.
السبكية لن ينقذوا السينما المصرية.. هم فقط "يجمعون ويكومون" أموالا مستفيدين بمناخ "الهبل" الحاصل فى مصر.. وأفلامهم هى أول أفلام سيقوم كارهو الفن والمتربصون به بإدانتها وإدانة الفن المصرى عموما بسببها.. سيقولون هكذا: "هو ده الفن اللى بتدافعوا عنه؟"، ووقتها سيكون لديهم مليون حق رغم فساد منطقهم ومقدماتهم، فلا تجعلوهم يقتنصون فرصة للقضاء على أهم ما تملكه مصر.
الحقيقة.. لا هذا هو الفن ولا يصلح أبدا الدفاع عن الانحطاط، لكن يجوز جدا أن ندافع عن السينما ونتبرأ من هذا الهراء.
ملحوظة: شاهدت "عبده موتة" وكم تمنيت أن يعدم جميع صناع هذا الشيء الوقح الفج وجمهوره الذى جلب له كل هذه الملايين، كما البطل السمج، وشاهدت فيلم "مهمة في فيلم قديم" فى حفلات العاشرة والنصف صباحا – كما هى عادتى- على يومين متتاليين.. كانت السينما شبه خالية، وكنت وحيدة وكأنى فى عزاء أحد أحبائى ولا يوجد من يعزينى.