فى حواره مع أحد برامج التليفزيون قال المنتج «الحاج» احمد السبكى صاحب فيلم «شارع الهرم» الذى تصدر قائمة إيرادات أفلام العيد وحقق أعلى إيراد ليوم واحد فى دور العرض فى تاريح السينما المصرية حتى الآن أن الفيلم نجح تجاريا لأنه يعرف جيدا الخلطة التى يريدها الجمهور ويعرف «هوه بيعمل ايه» ..وطبعا الخلطة لا تخرج عن رقصات دينا وأغنيات سعد الصغير وبعض الحركات الخليعة والافيهات الجنسية الصريحة ، والغريب انها نفس التركيبة التى قامت عليها افلام أخرى عرضت فى نفس التوقيت مثل «أنا باضيع يا وديع» لكنها لم تحقق نفس الايرادات، يبدو لأن منتجيها لا يعرفون سر الخلطة التى اتقنها «السبكية». والأغرب أن تنجح هذه الأفلام بعد الثورة أو بسببها أيضا وهذا ما فطن إليه المنتج ، الذى استنتج بحسه التجارى أن الجماهير ملت من الحديث فى السياسة والكلام عن الأموال المنهوبة والمهربة وقتل المتظاهرين والفساد والانفلات الأمنى وتريد ان تشاهد فيلما خفيفا ينسيها ما تشعر به من إحباط وما تعيش فيه من رعب ويأس بعد ان تبخرت أحلامها رويدا رويدا وتطورت احوالها من سيىء إلى أسوأ ولم تعد تلمس شيئا يعطيها أمل فى الغد أو تطلع إلى المستقبل. والحقيقة ان الأمر لم يعد يقتصر على السينما ، فهناك اتجاه واضح لدى قطاعات كبيرة فى المجتمع لتغييب الوعي، سواء استغلالا لتراخى القبضة الأمنية، حيث اصبحت المخدرات تباع ويتم تعاطيها عيانا بيانا وعلى الملأ، أو نتيجة الرغبة فى الهروب من الواقع الغامض والجدل العقيم والمناقشات غير المجدية، وهو ما يفسر أيضا عودة ظاهرة أغنيات العرى كليب، حيث أصبحت تقليعة الغناء الكليباوى، هى ظهور المطرب وبجواره فتيات ترتدين المايوهات البكينى، «الكاش مايوه»، والسؤال الذى يفرض نفسه الآن هو ما الذى تبقى لهؤلاء كى يكشفوه لنا فى أغنيات «البورنو»؟ وإلى أين سيقودنا هذا السباق المحموم نحو العرى والتعرى ومداعبة أحط غرائز الجمهور؟ وكيف نحمى شبابنا وبناتنا، بل وكيف نحمى أنفسنا من طوفان البذاءة والابتذال؟ وإذا كان تجار الرقيق الأبيض المتخفون فى صورة منتجى أفلام سينما وألبومات غنائية وأصحاب محطات فضائية وشركات إنتاج موسيقية قد باعوا أنفسهم للشيطان، ولم يعد لديهم وعى أو عقل أو ضمير، وأصبح كل ما يهمهم هو الربح السريع، ولو على حساب تغييب وعى الناس فى وقت هم فى أشد الحاجة فيه لأن يكونوا على أعلى درجة من البقظة وعدم الاستسلام لليأس والاحباط مهما غابت البوصلة أو انحرف المسار. وإذا كان الأمر قد وصل إلى الحد الذى يفتخر فيه منتج سينمائى بانه يعرف ماذا يفعل لأنه يتاجر بالأجساد والرقصات الخليعة والكلمات البذيئة ثم يسمى ذلك فنا، فماذا يمكن أن نتوقع بعد ذلك؟! وإذا كنا قد استطعنا حتى الآن الحفاظ على عقولنا من الخبل، وأعصابنا من الانهيار وألسنتنا من الانفلات؟ فماذا يمكن أن يحدث لها ولنا إذا استمر الحال على ما هو عليه من الفوضى والانفلات؟!