هل تذكرون فيلم «عمارة يعقوبيان» حين نظر الصحفي حاتم رشيد إلي صورتي والديه، بعد أن تحطمت حياته بسببهما، وهمس مبتسما بمرارة: ميغسي بوكو.. ثم ألقي بصورتيهما في صندوق الزبالة؟ استحضرته حين قرأت خبرا منشورا في «الدستور» عن تقرير أمريكي هو عبارة عن فاتورة مصاريف السفارة الأمريكية في مصر: تدريب وتمويل وتجهيز قوات الأمن المصرية لمكافحة «الإرهاب»، وهو الاسم الحركي للشعب. تمويل وتجهيز و«تشجيع» المصريين لمراقبة الحدود مع غزة. تشجيع؟ هل يمر الأمريكيون علي الحدود بين الفينة والأخري وقد طلوا وجوههم بعلم مصر صارخين: يعيش بتاع الكبريت؟ آآآه، تشجييييع، آه آه، لا مؤاخذة، تشجيع اللي هو تشجيع يعني. هذا غير الجهود الدبلوماسية والثقافية والتعليمية وحبل للخروف وميه وعلف للخروف. شيء لزوم الشيء. ميرسي بالكوز. التقرير كان سريًا ورُفعت عنه السرية، ووصف بأنه «حساس وغير محظور»! حساس يعني: قلبه قلب خساية. شكا التقرير من الزحام والتلوث والتحرش بالنساء، وكلها عناصر تشكل تحديًا لموظفي السفارة الأمريكية. ميرسي بالكوز. منذ توقيع اتفاقية السلام ونحن نلحظ علي نظامنا المصري المصاغ، والملابس الجديدة، وخروج ودخول علي كيفه، وعودة في وقت متأخر، وجسمه خرط واتدور، ونحن صامتون. لكن يابني ليس لدرجة أن تتصل علي الأرضي: أكلم ناني لو سمحت يا أونكل. وإيه ناني دي يابني؟ اسمها نبوية، احترم شيبتنا، نحن نبلغ من العمر 70 - لا مؤاخذة - قرنًا. ولا يعجبك أننا نقطن في حي شعبي مما يضر بعفشة السيارة كلما مررت لتأخذ ناني من أمام المنزل تحت ناظرينا ووسط احتقار الجيران! ميرسي بالكوز. ميرسي بالكوز لمن وّقع اتفاقية تعطي الحق الحصري للولايات المتحدة في تسليحنا وتدريبنا ومراقبة تحركاتنا علي الحدود والتحكم في قرارتنا السيادية وغير السيادية داخليا وخارجيا، بل تشجيعنا بطقم لانجيري جديد كمكافأة. ميرسي بالكوز لبني وطني من ضباط وأمناء وعساكر الشرطة، الذين شربوا ماءنا الملوث، وانتفخ قولونهم بطعميتنا، ثم وقفوا يتلقون الأوامر الأمريكية، ويتدربون علي المدرعات الأمريكية، لينزعوا الملابس عن الصحفيات، ويدخلون العصي الأمريكية في مؤخرات سائقي الميكروباصات، ويقتحمون الحرم الأزهري، ويضربون الشباب المصري، ويحرضون مسلمي الصعيد والإسكندرية ومطروح علي مسيحييهم، ويأججون الفتنة الطائفية، وما إن تلبث تخمد نارها حتي يتدخلون، بتدريباتهم عالية المستوي، لإشعالها. بل اتهام المسيحيين بأنهم عملاء لأمريكا! الله يحظكم. خفة الدم المصري برضه. ميرسي بالكوز لمن خلق من غزة عدوا ووقف يحمي تظاهرات ضد الجزائر ويفرق تظاهرات لنصرة الأقصي. ميرسي بالكوز لمن خرّب التعليم الوطني لصالح التعليم الأمريكي الذي امتدحه التقرير. ميرسي بالكوز لمن وضعنا تحت احتلال متجذر، كالنبت الشيطاني، كلما قطعنا فرعًا نبتت له أفرع تخنقنا. ميرسي بالكوز علي الدعم الأمريكي الذي ينفق علي وسائل إعلام، رسمية ومستقلة وشعبية، تجرعنا قبول كل ما سبق. وميرسي بالكوز يا آنسة أمريكا علي المنديل الذي تمسحين فيه، كل ليلة، أحمر الشفاه وتضعينه في جيب النظام المصري. ونحن آسفون والله، بلغنا أنك متضايقة لأننا لانغسل ياقات قمصان عشيقك، الذي هو زوجنا، جيدًا. كم صورة سأضعها في صندوق الزبالة؟