تناولنا من قبل بعض العادات والتقاليد الشعبية المصرية التي توراثتها الأجيال جيلا بعد جيل، ولكنها اندثرت بمرور السنين، ومنها ما لم يندثر بعد، واليوم سنكمل حديثنا عنها. * الحكاوي الشعبية الحكاية الشعبية هي عبارة عن نوع من أنواع التقاليد الشفهية التي كان يمارسها المصريون ويروونها ويتناقلونها فيما بينهم، ويطلقون عليها اسم "الحدوتة"، وقد اهتم المؤرخون بتسجيل الحكايات الشعبية المصرية أثناء وصفهم لعادات المصريين وحياتهم اليومية. وتُعدّ حكايات "ألف ليلة وليلة" من أهم وأشهر الحكايات الشعبية التي تم تدوينها وترجمتها إلى عدد من اللغات الأجنبية، وكانت بداية لظهور مجموعة كبيرة من الحكايات الشعبية الأخرى مثل: "ست الحسن والجمال" و"الشاطر حسن". وغالبا ما كان المصريون يبدأون حكايتهم بعبارات معينة، منها مثلا: "كان يا ما كان"، "كان فيه ملك وما ملك إلا الله"، "وحّدوا الله وصلوا على نبيه ولا نبي بعد رسول الله"، "كان فيه سلطان ولا سلطان إلا الله"، ثم يبدأون في سرد الحكاية إلى أن تنتهي فيختمونها بعبارات تقليدية، وهي: "توتة توتة فرغت الحدوتة إن كانت حلوة ولا ملتوتة"، "وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات"، و"سبتهم وجيت حتى العشا ما اتعشيت". هناك العديد من التصنيفات للحكايات الشعبية، ومنها: حكايات الحيوانات، والجان، والخوارق، وحكايات الألغاز، والمثل، والنوادر، والقصص الفكاهي، ومن أهم ما يميز الحكاية الشعبية أصالتها ومرونتها وقابليتها للتطوير، لأنها تنتقل من شخص إلى آخر بحرية عن طريق الرواية الشفهية. وقد كان للحكايات الشعبية رواة وقصاصون معروفين في كل زمان، والحواديت المصرية تظهر قيمتها فى الإطار الفني التي صيغت به مفردات الحكاية، وتم ربطه بمجموعة من المفردات المتناسبة مع العصر التي يروونها فيه، وما زالت الحكاوي الشعبية تحتل نفس المكانة الكبيرة في وجدان ثقافة المصريين. * عروسة الحسد عروسة الحسد هي عروسة مصنوعة من الورق أو الشبّة، تستخدم للوقاية من الحسد أو للشفاء منه وإبعاد ضرره عن الإنسان، وتُعدّ عادة شعبية مصرية قديمة ظهرت منذ سنوات عديدة واختفت بمرور الزمن. وقد كان هذا الطقس يُقام بإحضار عروسة ورقية ترمز إلى الحاسد، وتغرز فيها الإبرة مرات عديدة، وتبدأ الراقية في ترديد عبارات مثل: "من عين اللي شافوك ولا صلوا على النبي.. من عين فلانة ومن عين فلان..". وتقوم الراقية بذكر أسماء الأشخاص الذين تظن أنهم قاموا بالحسد، ثم تبخر المسحود بهذه الورقة مع الملح والفسوخة، وبعدها يمر عليها المحسود سبع مرات بعدد أيام الأسبوع المحتمل وقوع الحسد فيها. وتقوم الراقية أو أي شخص من أهل المحسود بعد ذلك بجمع قدر من القش من أمام سبعة بيوت تحيط ببيت المحسود قبل غروب الشمس، دون أن تكلم أحدا أثناء ذهابه وعودته، ثم تقوم بحرقه بعدها مع عروسة الحسد. ويرتبط طقس عروسة الحسد بالعادات والتقاليد المصرية، فنجد أنهم كانوا يمارسونه في مواسم الحصاد والفيضان، أو في المناسبات والأعياد الدينية، أو في حدث خاص في حياة الإنسان كالزواج والولادة والسبوع، كما يرتبط البعض منها ببعض الممارسات السحرية في نوعي السحر الأبيض أو السحر الأسود. * الابتهالات والتواشيح الابتهالات والتواشيح هي عبارة عن فن ديني راسخ في وجدان المصريين منذ آلاف السنين، وهي مرتبطة بحب الله وبالصفاء الروحي والسمو بالذات، وقد اختلف المؤرخون في نشأة الابتهالات فمنهم من يُرجع أصلها إلى العصر الفرعوني ومنهم من يرجعها إلى عهد الدولة الفاطمية. وقد كان فن المدح والابتهال موجودا منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تطور بعد ذلك وتعددت أشكاله مثل التي نراها اليوم، وأصبحت الابتهالات والإنشاد الديني أفضل أنواع الأداء الموسيقي سواء في المقامات أو أسلوب الأداء. وفي عصرنا الحالي بدأت الابتهالات الدينية في الانتشار في أواخر القرن ال19 وأوائل القرن ال20، إلى جانب انتشار التواشيح الدينية التي تأخذ شكل التنوع في المقامات مع الشعر الديني سواء كان دعاء أو مديحا، ومن أشهر المُنشدين والمداحين: ياسين التهامي، عامر التوني، نصر الدين طوبار. ويدخل فن الابتهالات والتواشيح ضمن أنواع المدائح المختلفة ما بين الشعر الصوفي أو الديني أو الدعاء، وتكون التواشيح الدينية بين الشيخ وبطانته، أما الابتهالات فتكون بالارتجال والألحان الفورية، والغناء الديني يكون إما بالعربية الفصحى وإما العامية، وأيضا المديح الشعبي الديني الذي ينتشر في صعيد مصر والأقاليم.
يمكنك الاطلاع على: طاسة الخضة والعصافير المحبوسة عادات مصرية اندثرت