إذا كانت الروايات التي تدور في أجواء الرعب تعتبر درباً من دروب الأدب تحت عنوان أدب الرعب؛ فإن رواية دراكولا للكاتب الأيرلندي برام ستوكر هي البرهان الحقيقي لوجود أدب يسمى أدب مصاصي الدماء Vampire literature؛ وحيث تعتبر روايات وقصص مصاصي الدماء في الغرب أدباً مستقلاً عن أدب الرعب، ولا يتم الخلط بينها كما يحدث في عالمنا العربي. بدأ أدب مصاصي الدماء في الظهور بالحياة الأدبية الأوروبية في القرن الثامن عشر، وفي أعمال شعرية بعيداً عن عالم الرواية والقصة، ثم شهد هذا الأدب ميلاده الثاني برواية مصاص الدماءThe Vampyre للكاتب البريطاني جون ويليام بوليدوري John William Polidori الصادرة في أبريل 1819. ولكن رواية دراكولا تعتبر الميلاد الحقيقي والإثبات الرسمي أن هنالك ما يسمى بأدب مصاصي الدماء، صدرت الرواية عام 1897 وأثارت فور صدورها صدى نقدياً واسعاً، وتعتبر أهم ما كتب ستوكر؛ رغم أنه صاحب الاثنتي عشرة رواية وثلاث مجموعات قصصية؛ إضافة إلى خمس كتب أخرى متنوعة، و12 قصة قصيرة نشرت بالصحف وتم تجمعيها في كتبه. ومنذ نشر الرواية وحتى يومنا هذا يثور جدل حول ماهية شخصية الكونت دراكولا، وهل ما قيل حول شخصيته حقيقي أم لا؛ فالكونت فلاد دراكولا في حد ذاته شخصية حقيقية معروفة في كتب التاريخ تحت اسم "فلاد دراكولا الثالث المخوزق"، حَكَم منطقة والاشيا أو الفلاخ، حَكَم أجزاء من رومانيا ما بين عامي 1456 و1462، اشتهر خلالها بشراسته غير المعهودة مع المجرمين والفلاحين والفاسدين؛ حيث ابتكر وسائل لقتلهم وتعذيبهم. أما فكرة شرب دمائهم فهو أمر محل جدل، وإن كانت فكرة شرب دماء البشر بوجه عام هو حدث حقيقي لدى بعض القبائل وبعض الساديين والطغاة؛ لذا لا يستبعد أن يكون فلاد دراكولا واحداً منهم. يعتبر دراكولا في رومانيا بطلاً شعبياً لصده الغزو التركي العثماني، وقصر دراكولا في رومانيا مزار سياحي يذهب له الملايين سنوياً، وإن كان قد تعرض للغلق مراراً لترميمه. ولكن فلاد دراكولا نفسه لم يصمد طويلاً أمام الأتراك؛ حيث خانه أخوه ودبر انقلاباً ضده وتم نفي الكونت إلى المجر؛ حيث تزوج هنالك من الأسرة المالكة، ثم أسس جيشاً لتحرير رومانيا من الغزو التركي وفعلها عام 1475؛ فما كان من السلطان العثماني محمد الثاني إلا أن ضرب إمارة الفلاخ التي يحكمها دراكولا في الأراضي الرومانية عام 1476 وأسر الفلاد وأعدمه، وتم تعليق رأس دراكولا بمسمار لإثبات وفاته بمدينة كونستانتينوبل ودفن جسمه في مدينة سناجوف بالقرب من العاصمة بوخارست. ورغم نجاح الرواية إلا أن شخصية دراكولا الروائية لم يكتب لها الحياة إلا حينما التقطها الأدب الأمريكي المصور، تصبح واحدة من شخصيات الكوميكس الأمريكي؛ فظهرت في العديد من الأعمال إلى أن أفردت شركة مارفيل كوميكس مجلة خاصة للشخصية في أبريل 1972 بعنوان "قبر دراكولا Tomb of Dracula"، وهي المجلة التي لا تزال تنشر حتى يومنا هذا. وفي عام 1991 حدث لقاء فريد بين دراكولا وباتمان عبر الرواية المصورة باتمان ودراكولا تحت المطر الأحمر Batman & Dracula: Red Rain، كما كان دراكولا ضيفاً مرات عديدة في عالم الرجل إكس. أسست رواية ستوكر أسس وتيمات وتقنيات أدب مصاصي الدماء؛ سواء قدراتهم الخارقة مثل التحول إلى ذئاب، أو كيفية التخلص منهم والشمس التي تحرقهم وحياتهم الليلية؛ مما يجعل دراكولا هو عميد أدب مصاصي الدماء، وظل عالمه الأدبي هو العالم الوحيد لمصاصي الدماء منذ نشر الرواية عام 1897، وحتى عام 2005 حينما قامت روائية أمريكية شابة عمرها اثنتين وثلاثون عاماً تدعى ستيفاني ماير بإصدار روايتها "الشفق Twilight" التي حققت مبيعات قياسية وأعادت تأسيس أدب مصاصي الدماء من جديد؛ مما شجع ماير على إصدار ثلاثة أجزاء أخرى. ومهما تطور أدب مصاصي الدماء؛ فإن الكونت دراكولا سوف يظل البداية الحقيقة لهذا الأدب، والمرجع الأول لكتابه؛ بل حتى لكافة أنواع أدب الرعب، ويكفي أن أول رواية لكاتب الرعب الأول في الأدب العربي الدكتور أحمد خالد توفيق دارت حول الكونت دراكولا عام 1993؛ تحديداً الكتاب الأول من سلسلة ما وراء الطبيعة بعنوان "أسطورة مصاص الدماء" لندرك أن الكونت دراكولا هو تيمة رعب يبدأ عندها كافة ألوان أدب الرعب الأخرى.