أ ش أ أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الليلة الماضية في خطاب ألقاه للشعب الأمريكي من قاعدة "باجرام" الجوية في أفغانستان أن الولاياتالمتحدة قضت على معظم قادة القاعدة، وتخلّصت بالفعل من 20 من إجمالي 30 من كبار قادتها. وقال: "قبل عام وانطلاقا من قاعدة هنا في أفغانستان شنّت قواتنا عملية قتل أسامة بن لادن.. والهدف الذي حددته هو هزيمة القاعدة وحرمانها من فرصة إعادة بناء نفسها، وهذا أصبح اليوم في متناول أيدينا". وتعهّد أوباما في خطابه قبيل انتهاء زيارته المفاجئة إلى أفغانستان أمس (الثلاثاء)، ووزّع البيت الأبيض نسحة من نصّه في واشنطن، بمواصلة سحب الجنود الأمريكيين من أفغانستان بشكل منتظم، وأعلن أنه سيتم سحب 23 ألف جندي أمريكي مع نهاية الصيف، والتمسك بموعد سحب كافة القوات الدولية في أفغانستان في عام 2014 وتسليم جميع المسئوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية. وأكد أوباما أن بلاده لن تقيم قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان، ولن تقوم بدوريات في مدنها وجبالها؛ لأن ذلك سيكون مهمة الشعب الأفغاني، موضحا أن أكثر من نصف مليون جندي أمريكي شاركوا بالتناوب في حرب أفغانستان. وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه وقّع اتفاقية استراتيجية مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي تحدد العلاقات بين البلدين بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي المنتشرة هناك بنهاية عام 2014، وقال: "وقّعت اتفاقية تاريخية بين الولاياتالمتحدةوأفغانستان تحدد نوع العلاقات بين بلدينا في المستقبل؛ حيث ستقع على عاتق الأفغان مسألة الأمن في بلدهم، ونحن نؤسّس شراكة متوازنة بين دولتين مستقلتين لهما سيادة، ونصنع مستقبلا يضع نهاية للحرب ويبدأ مرحلة جديدة".
واستعرض أوباما أسباب عملية أفغانستان، مشيرا إلى أن بن لادن أسس ملجأ آمنا لتنظيمه الإرهابي في أفغانستان وجلب لتنظيم القاعدة مجندين جددا، ودرّبهم للقيام بأعمال إرهابية، وشنّ من أفغانستان هجوما أسفر عن مقتل ما يقرب من 3000 آلاف من المدنيين الأبرياء من رجال ونساء وأطفال، ولذلك شنّت الولاياتالمتحدة والدول المتحالفة معها منذ عشر سنوات حربا ضد تنظيم القاعدة؛ حتى لا يتمكّن هذا التنظيم مطلقا من استخدام هذا البلد لشنّ هجوم ضد أمريكا وحلفائها. ونوّه أوباما إلى أن الولاياتالمتحدة استطاعت خلال الأعوام الثلاثة الماضية تحقيق فرق كبير في الحرب في أفغانستان أدى إلى دحر القاعدة وطالبان، وقال: "لقد حطّمنا قوة دفع طالبان، وأسّسنا قوة أمنية أفغانية قوية، وألحقنا هزيمة نكراء بزعامة القاعدة". وشدد أوباما على أن المهمة لم تنتهِ وأنه "لا تزال هناك أيام صعبة، والتضحيات الكبيرة التي يقدّمها رجالنا ونساؤنا لم تنتهِ بعد، ولكني أرغب في إعلامكم بكيفية استكمال مهمتنا لإنهاء الحرب في أفغانسان". وأضاف: "لقد بدأنا في تحويل القضايا الأمنية إلى القوات الأفغانية؛ بحيث أصبح نصف سكان أفغانستان تقريبا يعيشون في أماكن تتواجد فيها قوات الأمن الأفغانية، وستحدد قمة حلف شمال الأطلسي التي ستعقد هذا الشهر في شيكاجو الهدف للقوات الأفغانية لتولي زمام القيادة في العمليات القتالية في جميع أنحاء البلاد العام القادم، وستواصل القوات الدولية تدريب ومساعدة الأفغان والقتال إلى جانبهم إذا احتاجوا ذلك، ولكننا سننتقل إلى دور الدعم في الوقت الذي يكون فيه الأفغان في المقدمة". واختتم أوباما خطابه بالقول إنه "في الوقت الذي نمضي قدما بهذه العملية ستبدأ قواتنا في العودة إلى بلادها، لقد سحبنا العام الماضي عشرة آلاف فرد من قواتنا من أفغانستان وسيغادر حوالي 23 ألف آخرين بحلول نهاية الصيف، وبعد ذلك ستستمر عملية خفض القوات على نحو ثابت، وبذلك يعود المزيد من قواتنا إلى أرض الوطن". يُذكر أن هذه هي الزيارة الثالثة لأوباما إلى أفغانستان منذ وصوله إلى البيت الأبيض، وتأتي بعد مرور عام على قيام وحدة من القوات الأمريكية الخاصة بقتل رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في المجمع الذي كان يتحصّن بداخله لسنوات في باكستان. وينتشر في أفغانستان 90 ألف جندي أمريكي في مهمة تكلف الولاياتالمتحدة ملياري دولار كل أسبوع، فيما لقي 1957 آخرون مصرعهم هناك منذ 2001.