خلاص.. انقلبت الساعة الرملية، وبدأ العد التنازلي، أيام قليلة وتبدأ ملحمة الرابع عشر من نوفمبر، ساعات قليلة ويبدأ حلم مدته تسعين دقيقة، حلم قد ينقلب لكابوس -لا قدّر الله- أو رؤية لا نفيق منها أبدا، رؤية ستظل تفاصيلها حية في وجداننا لسنوات كثيرة تأتي. ستحيا ذكريات ذاك الحلم في عقولنا ووجداننا ولن تنتهي، ستعيش تفاصيلها في نفوسنا ولن تندثر بكل ما فيها، تماما كما استمر هدف مجدي عبد الغني في مرمى المنتخب الهولندي عالق في ذاكرتنا حتى لحظة كتابة هذه السطور ممزوج بتهدّج الفرحة الذي أُفعم به صوت محمود بكر وهو يشدو بفرحة الانتصار وزهو الوطنية قائلا: عدالة السماء تسقط على استاد باليرمو، هناك في إيطاليا منذ قرابة العشرين عاما، وما زالت الذكريات شابة لم تصبها الكهولة بعد. ساعات قليلة هي تلك الباقية، ساعات ثمينة.. أثمن بكثير من أن نهدرها في الرد على مجموعة شباب يبحث عن "أفيونة وطنية" على حساب سمعة لاعبينا والنيل من رموزنا وتاريخنا وقلب انتصارنا في السادس من أكتوبر إلى هزيمة. غالية هي تلك الساعات وينتظرنا فيها الكثير لنفعله، أشياء كثيرة ليس من بينها أن نرد على صحيفة لا يشغلها كل صباح سوى البحث عن طريقة لاستفزاز مصر لاعبين وجهازا فنيا وشعبا، فيزعمون مرة أن فضيلة المفتي د.علي جمعة جزائري الأصل، ومرة يحرّفون القرآن الكريم فقط للسخرية من المقاتل حسن شحاتة. فلنترك لهم السباب والسخرية.. فلنترك لهم الأغاني والكليبات الهازئة، ولنبدأ نحن بالتشجيع من الآن ومن لحظة قراءة هذه السطور، فلنترك لهم الحرب النفسية ولنظفر نحن بإعداد العدة، وكما يقال في الأقوال المأثورة.. من يضحك أخيرا يضحك كثيراً. فلنتصرف بشكل صحيح ولو مرة واحدة، فلنتخلَّ عن عواطفنا ونقدس عقولنا، فلنلجم مشاعرنا ونمرر الزمام لعقولنا، لا وقت للصراخ، الوقت وقت المساندة، فلنبدأ حملة تشجيع للمقاتلين ال11 في كل ربع من مصر، في كل شارع وفي كل حارة، في كل ميدان وفي كل إشارة. من يعتقد في علاقته بالله التقى والورع فليسأله النصر، ومن يعتقد في نفسه النشاط فلينشر في كل المدونات والمنتديات والفيس بوك حملة شجع مصر، فلنتأهب جميعا للساعة السابعة والنصف يوم الرابع عشر من نوفمبر الجاري، من يستطيع الذهاب للاستاد فليبدأ من الآن التهام كل كميات الينسون المتوافرة في منزله ومنزل الجيران كي يجعل من حنجرته بوقا لا يتوقف يصل به صوته من مدينة نصر حيث الاستاد. إلى الجزائر وبليدة وإلى كل شارع وزقاق جزائري، ومن سيتابع المباراة في المنزل أو القهوة أو الميادين العامة، فلتحتفظ بعلم مصر أمانة غالية في حقيبتك؛ لأنها بإذن الواحد القادر سيكون هو لون السماء في هذه الليلة الليلاء التي ستكون -والمشيئة لله وحده- يوم نصر يمسح عن وجه الفقير دموع الغُلب. وينسي المريض آلامه -ولو مؤقتا- سيكون انتصارا يعيد إلينا ثقتنا في أنفسنا، فلتؤكدوا للعالم أجمع أننا نحب مصر رغم كل ما فعلته بنا، فلنثبت للدنيا أننا نتشمم منفذا نبرز منه حبنا لهذا البلد، استحلفكم بمن لا يجوز بغيره الحلفان أن تجعلوا من هذا اليوم معلّقة وطنية في حب الوطن يثير منها غبطة الآخرين، ويتعلموا منه دروسا في فنون الوطنية وحب البلد. أما أنتم أيها المقاتلون القابعون في عروس النوبة أسوان، فأنا أعرف جيدا أن معسكركم الحالي أشبه بالقاعدة العسكرية لا مكان فيه للتهاون والتقصير، لا مجال فيه للمصالح أو الخلافات الشخصية، وبدون شك لم تصل كلماتي المتواضعة تلك إلى معسكركم بجنوب الصعيد. ولكني أؤمن بتواصل الأرواح وأؤمن أن رغبتي القوية تلك في وصول صوتي إليكم سيجعله يصل مهما كانت العوائق، لن أستنزف وقتكم في سرد سطور تتحدث عن المجد الذي ينتظركم والصفحات البيضاء الناصعة في التاريخ التي تنتظر أن يحفر فيها أسماءكم بحروف من ماس -ماس يا سادة لا ذهب- لا أطلب منكم الكثير. أطلب منكم فقط أن تتذكروا بينما أنتم على وشك هذا الحدث المهيب، أن تتذكروا مصطفى.. مصطفى أول طالب يقضي نحبه بسبب مرض إنفلونزا الخنازير، مصطفى قال بينما يغالب الدماء التي تسيل على شفتيه وبينما ملك الموت في انتظاره كي يصحبه إلى جنة الخلد: نفسي مصر توصل كأس العالم. بالله عليكم تذكّروا ملايين حمّلوكم مسئولية إسعادهم، ملايين أجهدها الفقر وقلة الحيلة والذل وسال ما يكفي من دمائهم على قضبان السكك الحديدية في العياط والصعيد، ملايين أنهكهم المعاش أبو سبعين جنيه ورغم ذلك فهم على استعداد أن يتناسوا كل ذلك ويغتصبوا ابتسامة من بين ثنايا شفاههم فقط لو رأوا السلام الوطني يعزف في جنوب إفريقيا.. فهل من مجيب... اللهم كان هذا الدعاء ومنك الإجابة.. اللهم كان هذا الطلب ومنك وحدك الاستجابة... يااااااارب
كليب رائع إهداء لمنتخب مصر قبل مواجهة الجزائر (ياحبيبتي يا مصر) إضغط لمشاهدة الفيديو: