سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها.. وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. "بصلة أبي السيسائية" أعرف أن للبصل نوعين... بصل أخضر ذو سوق طويلة... وبصل آخر كروي الشكل، يشبه... يشبه الرؤوس التي أينعت وحان قطافها... أما أن يكون لأبي بصلة فهذا ما لم أتخيله في يوم من الأيام... أبي له بصلة!... (وأخذ يضرب كفاً بكف وهو يقهقه ويسند ظهره إلى الكرسي كأنه سمع مفاجأة لتوّه...) مسكين أبي... من كان يتخيل أن جثتك الضخمة... (انحدرت نغمة صوته)... التي يأكلها دود الأرض الآن... من كان يتخيل أن فيها بصلة؟... بصلة!... (وعاد يضحك من جديد)... تراك يا أبي كنت تعلم؟!... لو كان يعلم، أقسم بالله العظيم، لكان انتحر... أتعرف؟... أمي دائماً كانت تقول عنه أنه إنسان عَفِن... تراها كانت تعلم أن في جثته بصلة؟... نعم... نعم... لا بد أنها كانت تعلم... بل... بل وتعلم أيضاً أن تلك البصلة كانت عفنة، وإلا لماذا كانت تطلق عليه تلك الصفة؟... (هدأ قليلاً)... فظيعة أمي... كل شيء عندها له صفة... وهي غالباً صفة قبيحة!... (شرد قليلاً،... ركز عينيه في نقطة سوداء في حياته، ثم عاد ليتابع كلامه)... المهم أن الرجل مات... (انتفض فجأة)... أنا لم أقصد إيذاءه... أنا أساساً لا أعلم أن له بصلة... صدقني... صدقني أنا لا أكذب... هذا ما حدث فعلاً... عندما دخلت إلى المنزل كان أبي وأمي يتشاجران كالعادة،... ورغم أني اعتدت هذا المنظر... إلا أني لا أدري كيف تصرفت وقتها... في الأحوال العادية، عندما يتشاجران يعني... كنت أذهب إلى غرفة أخرى وأحاول تضييع كل أثر لصوتيهما... أحياناً أستلقي في الفراش وأضع الراديو على أذني... إنه راديو ترانزيستور صغير، ولكنه فظيع،... تصور... يلتقط جميع المحطات التي تبث على ال (إم دابليو)،... لكن للأسف لا يوجد فيه ( إف إم)،... ولكن لا بأس... لا بأس،... إنه راديو جيد... جيد تماماً... (هز رأسه مؤكداً صحة كلامه وهو يبتسم... سكت... تذكر... عاد مرة أخرى...) هو... أبي أحضره لي ،... كنت في كثير من الأحيان أهرب إلى صوت الراديو تحت الغطاء كي لا أسمع انفجارات الحروب التي تشتعل بينهما،... رغم أن الأخبار التي ينقلها الراديو لم تكن أفضل... على العموم أتمنى أن تكون الحروب في بيتنا قد انتهت... أتمنى... لكن من يدري ماذا يدور هناك الآن بين تلك الحيطان الأربعة؟... (استراح لحظة ثم قال بانفعال)... أمي،... أمي هي سبب المشاكل،... نعم... وأبي أيضاً سبب آخر،... كلاهما ساهم في خلق المشاكل... لا أدري لماذا تستمر الحياة في بيت ليس له أساس!... على أساس أن الأمور ممكن أن تنصلح،... هكذا كان يقول أبي... وعلى أساس أن هناك أطفالاً،... هكذا تقول أمي... كل واحد منهما عنده أساس، في بيت لا أساس له!... هل تعتقد أنهما كانا صادقين؟... لا أدري،... ولكن لا،... لماذا إذاً كانت المشاكل تكبر بينهما كلما كبرنا؟... وكلما مرّ الوقت ضاقت مساحة الاتفاق بينهما حتى انتشرت العدوى إلينا أنا وأخوتي... صرنا رؤوساً متناحرة،... كل رأس لا تحتمل أن يلتقي ظلها بظل رأس أخرى، حتى تحولت حياتنا إلى جحيم أسود بشع... ولك أن تتخيل حياة الجحيم!... (تابع وهو يتخيل)... في الجحيم يجب أن يحترق كل شيء،... أن يموت،... ولا يبقى سوى ذلك الطفل الصغير، فهو لم يؤذ أحداً،... صدقني هو لم يؤذ أحداً،... لم يتدخل،... لم يتدخل أبداً... (هدأ قليلاً)... هذه المرة أيضاً كان يجب ألا يتدخل... (انتفض، وارتعشت يداه)... صدقني... صدقني... أنا لم أقصد أن أتدخل أو أن أؤذي أبي،... لو أني سمعت صراخه مع أمي قبل أن أدخل إلى البيت لعدت من حيث أتيت،... لكني... لكني لم أتبين الصوت... عندما دخلت كانا يتشاجران،... كانا يتشاجران بشكل فظيع،... بشع... (ابتدأت عيناه تتذكران)... حاولت أن أوقف الشجار،... أبعدتها عنه، فوجدته يهددها أكثر وأكثر، فدفعته بيدي ووقع على الأرض... ربما... ربما كانت الدفعة قوية،... كان رأسه ينزف من الخلف عندما ارتطم بزاوية السرير... (هدأ ووضع كفه على فمه)... هو بنفسه كان يفك السرير ويركبه،... وهو اختار مكانه هناك،... لماذا اختاره هناك؟... لماذا؟... إنه ليس ذنبي!... ثم من أين لي أن أعرف أن بصلته تقع هناك في أسفل رأسه؟... الطبيب قال أنها تقع هناك، وأنها هي التي تسببت في وفاته... (هدأ)... مسكين أبي،... لو عرف أن تلك البصلة ستتسبب في وفاته لاقتلعها منذ زمن بعيد،... ألم يكن بإمكانه أن يقتلعها؟... (لم يتلق أي رد فتابع)... على أية حال الرجل مات وشبع موتاً... (وراح يهز رأسه في إشارات إيجاب متتالية سكت بعدها)... ضغط الطبيب على الزر أمامه، فحضر اثنان أشار لهما بيده إشارة يعرفانها، فاقتادا الرجل –قاتل أبيه- إلى غرفة معزولة،... وهناك على سرير أبيض ضيق،... وسط فراغ الأشياء، استلقت جثته باستسلام حت تأثير الإبرة المهدئة ريثما تعود أعصابه إلى وضعها الطبيعي، فيعاد بعدها إلى حيث يأخذ التحقيق مجراه، ويصدر بحقه الحكم الأخير!... سماح - سوريا التعليق: الكاتبة لديها إمكانيات كتابة، لكن الإطالة وتشتت الدراما جعلت النص ضعيفا، وبه أخطاء لغوية. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة