أرجو الاهتمام والرد.. أنا عندي مشكلة إني في مشاكل مستمرة مع والدي ووالدتي.. وتستمر الخلافات أكثر من شهرين.. الوضع الآن أصبح أسوأ بكثير. بعد زواج أخي وأختي وأصبح لكل منهم حياته المستقلة، أنا الآن وحدي في هذه المشاكل.. ومع مرور الأيام أرى أمامي أمي تتألم أكثر وأبي كذلك؛ حتى أصبحت أحلم بطلاقهما أو انفصالهما، بالإضافة إلى أنني لست قريبة من أبي؛ برغم أنه يحبنا جميعاً ولكنه سلبيّ، وليس لديه أي نوع من الخبرة في الحياة والمعاملات، ولا يريد الاحتكاك بالآخرين؛ حتى عمله (دكتور بيطري) فَقَده بحجة أنه لم يعد يتحمل مشقته؛ رغم أنه صحياً أفضل بكثير من غيره، ولا يعاني من أي مرض مزمن. الوضع الآن أن أمي تعمل وأبي يقبض معاشه البسيط.. ولن أصف المشاكل التي قد تحدث من هذا الوضع؛ لأنكم بالتأكيد ستتوقعونها. أسرتي أسرة محافظة جداً وربونا تربية صالحة؛ ولكني لم أعد أستطيع التحمل، وهذا يؤثر على صحتي وعلى نفسيتي أيضاً. وتحليلي لهذا الوضع أراه جيداً؛ فكل منهما يريد معاملة خاصة، وكل منهما يريد رعاية واهتماماً كافياً.. وبالطبع إذا قمت بتفضيل أحدهما على الآخر يحدث اضطراب للآخر. أنا الآن لم أعد أهتم بهما، ولا يظهر مني إلا الكره والنفور منهما.. ليس ذلك بإرادتي؛ ولكني لا أريد أن أكون طرفاً في هذه النزاعات التي لا تنتهي أبداً، أحب أمي كثيراً وأعلم أن تصرّفاتها لا تُحتمل؛ ولكني أقدر على التعامل معها وإراحتها نفسياً.. وهو الشيء الذي لا يستطيع أي من أخواتي أو حتى أبي فعله. أما أبي فلا أستطيع التعامل معه، ولن أنكر هذا الشعور الذي أحاول كتمانه بداخلي.. لم أشعر بأنه أبي برغم كل مجهوداته الخاصة به، ولن أحزن كثيراً إذا فارَقَنا للأبد.. لا أعلم هل هذه مبالغة مني في ذلك أم لا؛ ولكنه شعور قوي بداخلي أحاول إنكاره حتى أستطيع أن أعيش حياه طبيعية. الطلاق حل لا يمكن تطبيقة بسبب الوضع الاجتماعي وما سيتسبب به في فضائح ومشاكل.. فهل انعزالي عن هذه المشاكل هو الحل.. أم لا بد لي من التدخّل في كل مشكلة؟.. أمي تحتاج لي ولاهتمامي بها لأنها ترى ألا أحد الآن أمامها غيري. شكراً جزيلاً لاهتمامكم. lamonat الصديقة العزيزة، لا أستطيع أن ألومك على ألمك الذي تشعرين به؛ فلكل منا طاقة وأهداف وطموحات كثيراً ما تتكسر على أعتاب مثل هذه المشاكل التي تهدم السَّكِينة وتهزم الاستقرار، لتتحول الحياة إلى بؤرة مركزية من الهموم التي ينبعث منها الاكتئاب طوال الوقت. هذا هو الحال؟ خلافات مستمرة بين والديك، وتشاحن وتطاحن وأنت تقفين في منطقة حرجة.. كل هذا حقيقي ولكن السؤال الآن: ماذا تفعلين أنت حيال ذلك؟ ثم ما الذي يجب عليك فعله بالأساس؟ أولاً اسمحي لي يا عزيزتي أن أقول لك إنك لا تقفين على الحياد بينهما.. أنت لست حائرة بين والدك ووالدتك؛ بل لقد حسمت أمرك ووقفت مع الجانب القوي في المعادلة (أمك)! نعم أنت تقفين بجوار أمك وتؤمنين بكل أخطائها ولا تجدين حرجاً أن تتعايشي مع هذا الأخطاء التي ترين أنت أنها لا تُحتمل!! فقط لأنك تميلين إليها وتحتمين بها وتعتقدين أنها الأمن بالنسبة لك. ففي الوقت الذي تقولين فيه عن أمك: "أحب أمي كثيراً وأعلم أن تصرّفاتها لا تُحتمل؛ ولكني أقدر على التعامل معها وإراحتها نفسياً"؛ لم تسألي نفسك لماذا تحبينها، ووجدت طريقة للتعامل معها ولم تستطيعي ذلك مع والدك..؟ لن أجيبك ولكنك ستجدين إجابة ذلك في كلامك: "بالإضافة إلى أنني لست قريبة من أبي؛ برغم أنه يحبنا جميعاً، لكنه سلبي، وليس لديه أي نوع من الخبرة في الحياة والمعاملات، ولا يريد الاحتكاك بالآخرين؛ حتى عمله (دكتور بيطري) فَقَدَه بحجة أنه لم يعد يتحمل مشقته؛ رغم أنه صحياً أفضل بكثير من غيره، ولا يعاني من أي مرض مزمن". وهكذا رغم اعترافك بحبه لكم إلا أنك تتهمينه بالسلبية تجاه جبروت والدتك التي تحبينها وسطوة الباطل والزيف الذي يعيش فيه المجتمع. أنت تحمّلينه المسئولية في داخلك وهو ظلم كبير له ولنفسك.. والدتك يا عزيزتي لو كانت زوجة طيّبة لحلّت كل مشاكلكم.. إن المفتاح السحري للحل في يد والدتك لا والدك؛ فحتى لو كان سلبياً ومسالماً؛ إلا أنه ليس مؤذياً ولا مرتشياً ولا كذاباً ولا... إنسان غير قادر على أن يتوافق مع مجتمع كاذب وحياة مادية جاحدة، هذه هي طبيعته؛ ولكنه رباكم، وأراد أن يعتزل النفاق المجتمعي، له الحق في هذا، أو لنقل لنلتمس له العذر؛ فقد فعل كما فعل أصحاب الكهف، وفرّوا بدينهم وإنسانيتهم إلى كهف لا شيء فيه سوى ذواتهم الطيبة وربهم الذي يعبدونه. هو لا يعجبك لأن فيك الكثير مما في نفس والدتك من اتهامات له، وتحميله مسئولية الضيق الذي تعيشون فيه، ولو عرفتم قيمته -وأنت بالذات يوم تعرفين قيمة هذا الرجل- ستبكين دماء لا دموعاً على قولك: "ولن أحزن كثيراً إذا فارقنا للأبد". وكأنك تتمنين له الموت!! ما كل هذا الجحود الذي زرَعَتْه فيك أمك سامحها الله.. يوماً ما ستبكي أمك على هذا الرجل الذي يعيش بينكم حياة الغرباء ولا تعرفون قيمته، ولا تدرين كم يحفظكم الله لأجله. أفيقي يا صغيرتي واطردي كل هذه المشاعر السلبية؛ فوالله هو أحق بك من نفسك، وأكرم عليك منها لو أنك كنت فتاة صالحة. استغفري ربك، وواجهي نفسك، وواجهي جحودك هذا ومادية تفكيرك في تقدير قيمة هذا الرجل عندك. عامليه كما يعاملك، وأحبيه وغيّري وجهة النظر التي أغلق عليها الشيطان الأبواب داخلك، واعملي على أن تقولي لأمك بشكل مهذب أنها أيضاً مخطئة؛ فالزوجة يا صغيرتي هي جنة البيت وناره.. ولتعلمي أن النار التي تعيشون فيها هي بسبب طمعها وعصبيتها وتحكّمها. فإن لم تفلحي في أن تُصلحي بالكلمة الطيبة بين والدك وبينها؛ فلا تلتفتي لمشاعر أمك الباطلة وجحودها على زوجها؛ بل تذكّري أنه أبوك وأنه لن يعوض أبداً.. وعامليه بالبر والإحسان ولو أغضب ذلك والدتك؛ فالبر لا يبلى والذنب لا يُنسى والديّان لا يموت. استغلي فرصة وجود والدك على ظهر هذه الدنيا، واقتربي منه، واطلبي منه السماح قبل أن لا تجديه ولا تسمعي منه كلمة تسامح. أما عنك؛ فاصبري على ما يحدث.. واعملي على أن تكوني جناح سلام بينهما، واخفضي لهما جناح الذل من الرحمة، وادعي الله لهما بانشراح الصدر والسداد في الرأي. وتذكّري أن كل البيوت بها مشاكل وبالحب والصبر بالإيمان بالله، نستطيع أن نواجه كل ذلك؛ فاعتبري نفسك في امتحان من الله فأحسني واصبري وإن شاء الله يعوّضك بخير مما تظنين. وراسليني بما توصّلت إليه فنحن نهتم لأمرك.