منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب ..هل ينقذ الدراما من أزمتها ؟
نشر في صوت البلد يوم 25 - 05 - 2016

ظلت السينما منذ نشأتها تعتمد علي الأدب في نسج حبكاتها وصياغة أفكارها، إلا أنه، في مصر تحديدا، توقف هذا الرابط المتين بين الفن الأقدم والفن الأحدث والأوسع انتشارا بسبب اعتماده علي لغة الصورة في الأساس، وتوارت الكلمة "المكتوبة" عن أذهان صناع السينما حتي عادت في السنوات الأخيرة من جديد، من خلال تجارب اعتمدت علي روايات لكتاب شبان مثل فيلم "هيبتا" وقبله فيلم "الفيل الأزرق" المأخوذين عن نصين أدبيين.. فكيف يري نقاد الأدب تلك الظاهرة بما لها وما عليها؟ وهل العلاقة بين السينما والأدب علاقة صحية أم أن الدراما تلجأ إلي الأدب فقط حين تفلس؟!
يشير الناقد د. محمد حسن عبد الله إلي أن هذه الظاهرة – إذا عدت ظاهرة- تعد إيجابية في خدمة الإرتقاء بالوعي العام وبلغة الخطاب كما تعد وسيلة للتنويع في طرح القضايا ومستويات الأداء في التمثيل ما بين الواقعي والعبثي والكلاسيكي والتجريبي، حسب طبائع الأعمال الأدبية وأساليب كتابتها، وهذا الأمر من وجهة نظره ليس بالجديد، فقد أسست السينما المصرية بفيلم "زينب" المأخوذ عن رواية ل د. محمد حسين هيكل، وبلغت مدي نجاحها بكتابات طه حسين مثل "دعاء الكروان" .
ويقول د. عبد الله عن التجارب السينمائية الجديدة التي تعتمد علي الأدب: آخر تعليق قرأته في هذا الاتجاه هو تعليق عدد من النقاد علي فيلم هيبتا، لقد رأيت الفيلم وأعجبني أداء وتكنيكا وفكرة، غير أني لم أكن قد قرأت الرواية، ويري بعض نقاد السينما أن الفيلم أقوي من الرواية ومثل هذا الأمر يحكم فيه من يملك الوعي بفن الكتابة وفن السينما علي حد السواء.
ويبدأ الناقد د. حسين حمودة حديثه قائلا: أتصور أن اعتماد بعض المسلسلات علي أعمال أدبية يمكن أن يقدم "ضمانًا" لوجود حد أدني من المستوي الفني، بافتراض أن هذه الأعمال الأدبية هي أعمال يمكن الاتفاق علي قيمتها الفنية، وأنها تنتمي إلي كتاب أو كاتبات يمتلكون أدوات إبداعية مشهودة، كما حدث مع أعمال لنجيب محفوظ وبهاء طاهر وفتحية العسال وخيري شلبي إلي آخره.
ويضيف د. حمودة أن كثيرين من كتاب السيناريو عندما يتقنون مهارات خاصة بكتابة السيناريو فحسب، وبعضهم لا يستطيع أن يصوغ عملا إبداعيا خارج هذه المهارات، وإن كان هناك كتاب سيناريو راحلين، مثل أسامة أنور عكاشة علي سبيل المثال، قد بدأوا حياتهم كتاب قصة ورواية، وعلي ذلك أعتقد أن اعتماد المسلسلات علي أعمال أدبية يمثل ظاهرة إيجابية، تعالج فقر الرؤي وتكدس الأعباء بالنسبه..لكتاب السيناريو.
وعن تحويل أعمال أدبية لكتاب شباب إلي سيناريوهات السينما يضيف حمودة: في السنوات الأخيرة هناك ظاهرة اعتماد السينما علي أعمال أدبية لكتاب شبان، ولكن أغلب هذه الأعمال السينمائية تختار أعمالا روائية رائجة "بيست سيلر" وهي بذلك تراهن علي مخاطبة جمهور واسع وكبير، وتعتمد علي "شباك التذاكر"، وأتمني أن تلجأ السينما إلي اختيار أعمال روائية أخري لكتاب وكاتبات شبان يطرحون مستويات أعلي من الرؤي والمعالجات الفنية.
من أسباب النجاح
أما الناقد د. سيد ضيف الله فيقول: هناك العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية يرجع سبب نجاحها الأساسي إلي أنها كانت عملاً أدبيا تحول إلي سيناريو لمسلسل أو لفيلم سينمائي علي يد سينارست ومخرج يدرك قيمة العمل الأدبي الذي بين يديه وكيف يمكن توظيفه سينمائيًا ودراميًا بشكل يساوي إن لم يفق نجاحه الأدبي، لكن ليس معني ذلك أن الأدب هو الحل لأزمة الدراما والسينما؛ لأن أزمة الدراما ليست منحصرة في وجود أزمة في النص وإنما تتعدي ذلك إلي جوانب عديدة تخص السينما بوصفها صناعة لم يعد نجاحها مرهونًا بنص متميز فحسب.
ويضيف علي ذلك أنه ربما يكون ذلك الإحساس بوجود أزمة في الدراما والسينما راجع إلي مقارنتنا بين دراما وسينما إقليمية ودولية حققت طفرات في منجزها الفني فضلاً عن مقارنتنا بتراثنا السينمائي والدراما.
أن جمهور القراء الذي يسعي إلي نصوص أدبية يعرف نوع المتعة الذهنية الذي ستقدمه له بل ويعرف حجم القلق الذي ستتركه له من جراء طرح أسئلة حرجة علي واقعه ومصيره، ولذلك مجرد التفكير في توسيع هامش هذه المساحة بالاعتماد علي الأدب لحل مشكلة السينما والدراما يعني أنهما سيغامران بجمهورها الحالي وحساباتها التجارية، بل أزعم أنها سوف تغير جلدها أي ستلقي نفس مصير الأدب، وهو تقليص حضوره في الساحة الثقافية ليغدو أشبه بولي لا يسعي إليه إلا من يعرف من مريديه سرّه الباتع.
وتري الكاتبة والناقدة د. لنا عبد الرحمن أن الدراما لها تقنيات فنية وأدوات مختلفة عن الأدب، فليس شرطا أن يكون عملا أدبيا جيدا حتي يتحول إلي عمل درامي جيد إلا اذا كان كاتب السيناريو والمخرج لديهم دراية واسعة بالمجالين، ولو وضعنا عملا أدبيا متميزا في أيدي كاتب سيناريو سيء ومخرج سيء سينتج مسلسلا رديئا فنيا، لكن الدراما تخاطب الجماهير، ولها أدواتها في استخدام الصورة والحوار بشكل وأسلوب أكثر حضورا من العمل الأدبي القائم علي نص مكتوب، وقارئ. هذه الفروق الواضحة لا تسمح بمقارنة دقيقة، هناك أعمال درامية بديعة لم تؤخذ عن نصوص أدبية لكن حققت نجاحها بفضل عبقرية كاتب السيناريو، والمخرج مثل " ليالي الحلمية" و" الراية البيضا" " زيزينيا" و" الشهد والدموع"، في المقابل هناك أعمال درامية تفوقت علي النص المكتوب أيضا مثل مسلسل " ذات".
الارتباط وثيق
يبدأ الناقد عمر شهريار حديثه مشيرا إلي أن السينما طوال تاريخها كان لها ارتباط وثيق باﻷدب، والسينما المصرية طوال تاريخها كثيرا ما اعتمدت علي روايات أدبية، لكنها مع الوقت بدأت تنفصل وتقريبا وصلت إلي مرحلة الفطام واعتمدت علي نصوص تكتب خصيصا للسينما، وبدأ الاتكاء علي نصوص أدبية يخفت شيئا فشيئا، بل شاهدنا مؤخرا كثيرا من الروايات التي تعتمد علي تقنيات السينما مثل المونتاج والمشهدية وغيرهما من التقنيات، لكن في فترات ضعف السينما وانتشار أفلام المقاولات تعود السينما مرة أخري إلي اﻷدب بحثا عن نصوص أدبية تعصمها من الزلل وتنتشلها من السيناريوهات الركيكة، فتصبح فعلا ملاذا لها، لكن المعضلة أننا في الفترات اﻷخيرة وجدنا كثيرا من اﻷعمال السينمائية والدرامية المأخوذة عن أعمال أدبية تحاول الهروب من خلطة دراما العنف والرقص والمخدرات السائدة حاليا، لكن هذه اﻷعمال اعتمدت علي نصوص أدبية متهافتة وضعيفة وبلا قيمة تقريبا، وهذا نتيجة قلة وعي القائمين علي السينما وصناعها، وثقافتهم السطحية، ما يجعلهم يستسهلون اللجوء إلي روايات "البيست سيلر" المشكوك في أدبيتها أصلا، بل إن بعضها مسروق أصلا من أفلام أجنبية، وذلك علي عكس ما كان يحدث سابقا، عندما كان صناع السينما لديهم ثقافة حقيقية وعميقة فكانوا يلجأون إلي نصوص ذات قيمة أفادت اﻷدب والسينما معا مثل دعاء الكروان وبداية ونهاية والثلاثية والحرام ومالك الحزين والحب فوق هضبة الهرم.. ما أعطي زخما للفنين معا، أما اﻷعمال الأدبية التي يتم تحويلها اﻵن إلي أفلام فتسيء للأدب والسينما علي حد سواء وتساهم في انحدارهما.
ظلت السينما منذ نشأتها تعتمد علي الأدب في نسج حبكاتها وصياغة أفكارها، إلا أنه، في مصر تحديدا، توقف هذا الرابط المتين بين الفن الأقدم والفن الأحدث والأوسع انتشارا بسبب اعتماده علي لغة الصورة في الأساس، وتوارت الكلمة "المكتوبة" عن أذهان صناع السينما حتي عادت في السنوات الأخيرة من جديد، من خلال تجارب اعتمدت علي روايات لكتاب شبان مثل فيلم "هيبتا" وقبله فيلم "الفيل الأزرق" المأخوذين عن نصين أدبيين.. فكيف يري نقاد الأدب تلك الظاهرة بما لها وما عليها؟ وهل العلاقة بين السينما والأدب علاقة صحية أم أن الدراما تلجأ إلي الأدب فقط حين تفلس؟!
يشير الناقد د. محمد حسن عبد الله إلي أن هذه الظاهرة – إذا عدت ظاهرة- تعد إيجابية في خدمة الإرتقاء بالوعي العام وبلغة الخطاب كما تعد وسيلة للتنويع في طرح القضايا ومستويات الأداء في التمثيل ما بين الواقعي والعبثي والكلاسيكي والتجريبي، حسب طبائع الأعمال الأدبية وأساليب كتابتها، وهذا الأمر من وجهة نظره ليس بالجديد، فقد أسست السينما المصرية بفيلم "زينب" المأخوذ عن رواية ل د. محمد حسين هيكل، وبلغت مدي نجاحها بكتابات طه حسين مثل "دعاء الكروان" .
ويقول د. عبد الله عن التجارب السينمائية الجديدة التي تعتمد علي الأدب: آخر تعليق قرأته في هذا الاتجاه هو تعليق عدد من النقاد علي فيلم هيبتا، لقد رأيت الفيلم وأعجبني أداء وتكنيكا وفكرة، غير أني لم أكن قد قرأت الرواية، ويري بعض نقاد السينما أن الفيلم أقوي من الرواية ومثل هذا الأمر يحكم فيه من يملك الوعي بفن الكتابة وفن السينما علي حد السواء.
ويبدأ الناقد د. حسين حمودة حديثه قائلا: أتصور أن اعتماد بعض المسلسلات علي أعمال أدبية يمكن أن يقدم "ضمانًا" لوجود حد أدني من المستوي الفني، بافتراض أن هذه الأعمال الأدبية هي أعمال يمكن الاتفاق علي قيمتها الفنية، وأنها تنتمي إلي كتاب أو كاتبات يمتلكون أدوات إبداعية مشهودة، كما حدث مع أعمال لنجيب محفوظ وبهاء طاهر وفتحية العسال وخيري شلبي إلي آخره.
ويضيف د. حمودة أن كثيرين من كتاب السيناريو عندما يتقنون مهارات خاصة بكتابة السيناريو فحسب، وبعضهم لا يستطيع أن يصوغ عملا إبداعيا خارج هذه المهارات، وإن كان هناك كتاب سيناريو راحلين، مثل أسامة أنور عكاشة علي سبيل المثال، قد بدأوا حياتهم كتاب قصة ورواية، وعلي ذلك أعتقد أن اعتماد المسلسلات علي أعمال أدبية يمثل ظاهرة إيجابية، تعالج فقر الرؤي وتكدس الأعباء بالنسبه..لكتاب السيناريو.
وعن تحويل أعمال أدبية لكتاب شباب إلي سيناريوهات السينما يضيف حمودة: في السنوات الأخيرة هناك ظاهرة اعتماد السينما علي أعمال أدبية لكتاب شبان، ولكن أغلب هذه الأعمال السينمائية تختار أعمالا روائية رائجة "بيست سيلر" وهي بذلك تراهن علي مخاطبة جمهور واسع وكبير، وتعتمد علي "شباك التذاكر"، وأتمني أن تلجأ السينما إلي اختيار أعمال روائية أخري لكتاب وكاتبات شبان يطرحون مستويات أعلي من الرؤي والمعالجات الفنية.
من أسباب النجاح
أما الناقد د. سيد ضيف الله فيقول: هناك العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية يرجع سبب نجاحها الأساسي إلي أنها كانت عملاً أدبيا تحول إلي سيناريو لمسلسل أو لفيلم سينمائي علي يد سينارست ومخرج يدرك قيمة العمل الأدبي الذي بين يديه وكيف يمكن توظيفه سينمائيًا ودراميًا بشكل يساوي إن لم يفق نجاحه الأدبي، لكن ليس معني ذلك أن الأدب هو الحل لأزمة الدراما والسينما؛ لأن أزمة الدراما ليست منحصرة في وجود أزمة في النص وإنما تتعدي ذلك إلي جوانب عديدة تخص السينما بوصفها صناعة لم يعد نجاحها مرهونًا بنص متميز فحسب.
ويضيف علي ذلك أنه ربما يكون ذلك الإحساس بوجود أزمة في الدراما والسينما راجع إلي مقارنتنا بين دراما وسينما إقليمية ودولية حققت طفرات في منجزها الفني فضلاً عن مقارنتنا بتراثنا السينمائي والدراما.
أن جمهور القراء الذي يسعي إلي نصوص أدبية يعرف نوع المتعة الذهنية الذي ستقدمه له بل ويعرف حجم القلق الذي ستتركه له من جراء طرح أسئلة حرجة علي واقعه ومصيره، ولذلك مجرد التفكير في توسيع هامش هذه المساحة بالاعتماد علي الأدب لحل مشكلة السينما والدراما يعني أنهما سيغامران بجمهورها الحالي وحساباتها التجارية، بل أزعم أنها سوف تغير جلدها أي ستلقي نفس مصير الأدب، وهو تقليص حضوره في الساحة الثقافية ليغدو أشبه بولي لا يسعي إليه إلا من يعرف من مريديه سرّه الباتع.
وتري الكاتبة والناقدة د. لنا عبد الرحمن أن الدراما لها تقنيات فنية وأدوات مختلفة عن الأدب، فليس شرطا أن يكون عملا أدبيا جيدا حتي يتحول إلي عمل درامي جيد إلا اذا كان كاتب السيناريو والمخرج لديهم دراية واسعة بالمجالين، ولو وضعنا عملا أدبيا متميزا في أيدي كاتب سيناريو سيء ومخرج سيء سينتج مسلسلا رديئا فنيا، لكن الدراما تخاطب الجماهير، ولها أدواتها في استخدام الصورة والحوار بشكل وأسلوب أكثر حضورا من العمل الأدبي القائم علي نص مكتوب، وقارئ. هذه الفروق الواضحة لا تسمح بمقارنة دقيقة، هناك أعمال درامية بديعة لم تؤخذ عن نصوص أدبية لكن حققت نجاحها بفضل عبقرية كاتب السيناريو، والمخرج مثل " ليالي الحلمية" و" الراية البيضا" " زيزينيا" و" الشهد والدموع"، في المقابل هناك أعمال درامية تفوقت علي النص المكتوب أيضا مثل مسلسل " ذات".
الارتباط وثيق
يبدأ الناقد عمر شهريار حديثه مشيرا إلي أن السينما طوال تاريخها كان لها ارتباط وثيق باﻷدب، والسينما المصرية طوال تاريخها كثيرا ما اعتمدت علي روايات أدبية، لكنها مع الوقت بدأت تنفصل وتقريبا وصلت إلي مرحلة الفطام واعتمدت علي نصوص تكتب خصيصا للسينما، وبدأ الاتكاء علي نصوص أدبية يخفت شيئا فشيئا، بل شاهدنا مؤخرا كثيرا من الروايات التي تعتمد علي تقنيات السينما مثل المونتاج والمشهدية وغيرهما من التقنيات، لكن في فترات ضعف السينما وانتشار أفلام المقاولات تعود السينما مرة أخري إلي اﻷدب بحثا عن نصوص أدبية تعصمها من الزلل وتنتشلها من السيناريوهات الركيكة، فتصبح فعلا ملاذا لها، لكن المعضلة أننا في الفترات اﻷخيرة وجدنا كثيرا من اﻷعمال السينمائية والدرامية المأخوذة عن أعمال أدبية تحاول الهروب من خلطة دراما العنف والرقص والمخدرات السائدة حاليا، لكن هذه اﻷعمال اعتمدت علي نصوص أدبية متهافتة وضعيفة وبلا قيمة تقريبا، وهذا نتيجة قلة وعي القائمين علي السينما وصناعها، وثقافتهم السطحية، ما يجعلهم يستسهلون اللجوء إلي روايات "البيست سيلر" المشكوك في أدبيتها أصلا، بل إن بعضها مسروق أصلا من أفلام أجنبية، وذلك علي عكس ما كان يحدث سابقا، عندما كان صناع السينما لديهم ثقافة حقيقية وعميقة فكانوا يلجأون إلي نصوص ذات قيمة أفادت اﻷدب والسينما معا مثل دعاء الكروان وبداية ونهاية والثلاثية والحرام ومالك الحزين والحب فوق هضبة الهرم.. ما أعطي زخما للفنين معا، أما اﻷعمال الأدبية التي يتم تحويلها اﻵن إلي أفلام فتسيء للأدب والسينما علي حد سواء وتساهم في انحدارهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.