لا احد يختلف علي قيمة الأعمال الأدبية خصوصا تلك الخالدة في تاريخ الأدب العربي, ولا ينكر احد أن بعض الروايات الأدبية لم تكن ليعرفها معظم الناس لولا تحويلها الي مسلسل درامي مثل مسلسل الوتد وشخصياته التي حفرت في ذاكرتنا مثل فاطمة تعلبه والحاج درويش ذلك المسلسل الذي يعرض الي الآن والمأخوذ من رواية الوتد لخيري شلبي, ومع ازدياد عدد الروايات الأدبية التي أصبحت ماركة مسجلة في دراما رمضان كل عام كان لابد أن نسأل هل تحويل الروايات الأدبية الي مسلسلات في صالح الدراما ام لا؟ وهل البحث عن رواية أدبية وتحويلها لمسلسل أسهل من البحث عن سيناريو جيد قابل للتنفيذ؟ سألنا المخرج محمد النجار: عندما يكون العمل الأدبي جيدا فبالتأكيد سيثري الدراما ويجعلها أكثر جودة وتشويقا خصوصا لو كانت الرواية محبوكة وبها جميع العناصر الأدبية التي تجعل تحويلها لعمل درامي متكاملا, واعتقد ان هناك من يلجأ لتحويل الرواية الي مسلسل ليس استسهالا بقدر ما هو نقص في السيناريو الجيد, فللأسف كتاب الدراما الجيدون قليلون جدا ولكن لا ينبغي أن يكون هذا هو السائد ولا ينبغي أيضا أن نقوم بتحويل روايات كبار الأدباء كنجيب محفوظ وخيري شلبي ويوسف إدريس ونتناسي الكتاب الشباب خصوصا المبدعين منهم. ويقول السيناريست والكاتب باسم شرف والذي كتب العديد من المؤلفات الأدبية وكانت له تجربة تحويل رواية الرجل والاشياء لإبراهيم أصلان الي فيلم قصير: تحويل الأعمال الأدبية لأعمال درامية ليست إفلاسا لكتاب السناريو ولكنه أمر طبيعي و موجود في كل دول العالم والعمل القصصي مرحلة من مراحل كتابة السيناريو والمهم النتيجة ان يكون هناك عملا عظيما وقد كانت لي تجربة تحويل قصة إبراهيم أصلان وغيرت في بناء القصة لأنها دخلت في نوع فني آخر وهو السينما وهذا لم يزعج المؤلف لكنه كان يعلم ذلك, ويعرف أن السينارست قد يعمل علي ملئ فراغات النص التي لم يحكيها الكاتب فتكون النتيجة مختلفة وقد تكون مكملة للقصة. لان السينارست محكوم بتحويل الجملة القصصية الي صورة يستطيع المخرج ترجمتها الي لحم ودم. ويقول الناقد الفني طارق الشناوي هل تحويل الروايات الأدبية الي دراما فيه استسهال للمنتج فقال: اقتصاديا ليست المعلومة صحيحة لان المنتج يدفع لصاحب القصة أو الورثة ودور النشر أموالا باهظة إضافة الي السيناريست الذي سيحول الرواية الي سيناريو يترجم الرواية الي صورة, اما فنيا فيجب أن نعرف انه ليس بالضرورة ان تصنع الرواية العظيمة عملا فنيا عظيما, فقد يكون هناك قصة متوسطة ولكن لها خيط درامي جيد يستغله السيناريست بشكل جيد فيصنع منها عملا فنيا عظيما, وفي المجمل فان تحويل الرواية الناجحة لعمل فني ليست هي الوصفة السحرية للنجاح لمن يراهنون علي ذلك, وليست كل القصص الأدبية العظيمة صالحة لكي تكون عملا فنيا ناجحا, ولا يوجد هناك قاعدة ثابتة في هذا الموضوع ولكن لا ينبغي أن ننكر عنصرا مهما جدا في هذا الإطار وهو الوسيط, أو من يقوم بتحويل الرواية الي سيناريو, فمدي براعته وموهبته الفنية تؤثر كثيرا في نجاح المسلسل من عدمه واكبر دليل علي ذلك هو فيلم الأرض مأخوذ عن رواية بنفس الاسم لرحمن الشرقاوي, أخرجه الراحل العظيم يوسف شاهين ولكن السيناريست حسن فؤاد صنع من الرواية تحفية فنية تزداد قيمتها مع مرور الزمن.