أثارت أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها مصر بشكل متلاحق في العديد من المحافظات على مستوى الجمهورية، والتي انتهت باشتباكات بين عناصر الأمن والمتظاهرين بمحيط قصر الاتحادية، والتي أسفرت عن العديد من الخسائر والفوضى، جدلًا كبيرًا مما دفع أعضاء مجلس الشورى للشروع في إصدار هذا القانون مرة أخرى باسم "قانون التظاهر السلمي" بعد أن تم إصداره لعدة مرات، إلا أن مواجهات القوى المدنية والليبرالية لرفضه باعتباره الوجه الآخر لقانون الطوارئ الذي يهدف لقمع الحريات وتكميم الأفواه للمواطنين. حسين عبد الرازق، القيادي بحزب التجمع اليساري، أكد أن قانون التظاهر السلمي الذي يتم مناقشته داخل مجلس الشورى حاليًا مع لجنة حقوق الإنسان بالمجلس يعمل على تكميم الأفواه وانتهاك الحريات العامة والخاصة بالمواطن المصري، والتي بدأت بسحل المتظاهرين والاعتداء عليهم أمام قصر الاتحادية من قبل رجال الشرطة والأمن المركزي، حتى يسعى الشورى بالعمل على إنشاء قانون يهدف لإقصاء المعارضة وترهيبها ووقف التنديد بالحكم الإخواني. موضحًا أنه في حال الموافقة على هذا القانون القمعي ستعود الشرطة إلى عهدها السابق في معاملة المواطنين على غرار الأمن المركزي قبل اندلاع ثورة الخامس والعشرين. وأوضح عبد الرازق، أن الشورى عجل في إصدار هذا القانون لحماية النظام الحالي من الثوار وليس لحماية المتظاهرين كما يزعم هؤلاء، مضيفًا بأن الجماعة تناقض نفسها وتتهم المعارضة بالانقلاب على الحكم والسعي إلى تخريب الوطن وزعزعة الاستقرار الداخلي له. ومن جانبه أوضح عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن قانون التظاهر السلمي يقضي على أهداف الثورة ومكتسباتها، بعد منح قوات الأمن وعناصر الداخلية الصلاحيات الكاملة في استخدام العنف ضد المتظاهرين، والتي من شأنه تكبيل الحريات والحقوق لمنع الاعتراض على الطرق الخاطئة التي تدار بها البلاد من قبل مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خاصة وأن هذا القانون يعطي الضمانات الكافية لحماية المتظاهرين من اعتداءات الشرطة عليهم في حال التظاهر أو الإضراب، بل أعطى الشرطة العصا التي تجلد بها المتظاهرين، في ظل الحقوق التي تم منحها لهم في إدارة الحريات وتكميم الأفواه، دون اعتراض من قبل المتظاهرين على ذلك حتى لا يلاقي العقاب الذي يجعل من الشرطي ديكتاتورًا لحماية النظام القائم على غرار منظومة الحزب الوطني السابق ورجال أمن الدولة. وفي رأي د. عبد الله المغازي، عضو جبهة الإنقاذ الوطني، أن قانون سلمية التظاهرات المزمع مناقشته الآن بين أروقة الشورى يعد نموذجًا مكررًا من القوانين التي تم عرضها ورفضها من قبل المعارضة التي ترى أن مثل هذه القوانين تهدف لتكميم الأفواه وخلو الحياة السياسية من جبهة المعارضة التي يهدف النظام الحاكم بجعلها معارضة ديكورية لا أساس لها ولا قيمة، وهي المحاولات التي تتبعها السلطة الحاكمة ومكتب إرشاد الجماعة في تنصيب دولة الديكتاتورية الإخوانية دون غالب لهم أو منازع في هذه الإمارة على شيء، والتي بدأت بالفعل منذ الإعلان الدستوري الجديد والذي صدر في أواخر شهر نوفمبر لتكريس قرارات الرئيس وحمايتها من الطعن الدستوري والمعارض الشعبية في الوقت ذاته، ثم توالت تلك الممارسات التي تتناقض مع حرية التعبير والديمقراطية والدعوة للحوار الوطني مع المعارضة في الوقت الذي يقوم المجلس الذي تولى تعيين أعضائه من أجل مناقشة قانون تكميم الأفواه وتكبيل الحريات ومنع التظاهرات والاعتصام؛ وذلك لتمرير القرارات التي يتم إصدارها من قبل الإخوان المسلمين على لسان الرئيس. وبدوره رفض د. محمد أبو الغار، رئيس حزب المصري الديمقراطي، نصوص القانون الجديد، والتي يكرس لعودة ظلم وعنف قوات الشرطة مرة أخرى من خلال السماح لها باستخدام العنف في مواجهة المتظاهرين، بدعوى حماية مؤسسات الدولة من التخريب، والعمل على تحديد مقرات التظاهر من كل محافظة قبل التظاهر.. في حين أن التعبير عن الرأي بكل حرية حق يكفله القانون وجميع المنظمات الحقوقية في العالم، وبالتالي لا يجوز إصدار قانون يقيد هذه الحريات ويعصف بكرامة الموطن المصري كما حدث في واقعة اعتداء عناصر الشرطة على المتظاهرين وسحلهم. وبدوره استنكر حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، شروع مجلس الشورى في إصدار قانون التظاهر السلمي، وتحديد الأماكن العامة والخاصة لهذه التظاهرات، والتي تعتبر استكمالًا للقمع والاستبداد السياسي الذي تم استمراره طوال ثلاثين عامًا من حكم النظام السابق حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير وأُسقط النظام بأكمله. مؤكدًا بأن قانون التظاهر السلمي يهدف لزيادة القمع وتكميم الأفواه عن طريق القانون الجديد الذي طرحته وزارة العدل لمجلس الشورى، وهو أنه لا يجوز تنظيم مظاهرة إلا بعد تقديم إخطار بذلك إلى قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء المظاهرة في دائرته، وذلك قبل موعدها بخمسة أيام على الأقل وفقًا لنص المادة الخامسة من القانون. موافقة سياسية! بينما يرى د. عز الدين الكومي، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، القيادي بحزب الحرية والعدالة، أن هذا القانون لن يتم إصداره دون إقراره من قبل الشورى دون موافقة جميع القوى السياسية والحزبية عليه، وذلك من خلال الحوار المجتمعي بين كافة المنظمات الحقوقية والخبراء والمختصين، وجميع الجهات المعنية بالقانون. نافيًا أن يكون الهدف من إصدار هذا القانون هو النيل من المعارضة كما يروج البعض بشكل أو بآخر، مؤكدًا بأن المجلس يسعى لإعلاء مبادئ حقوق الإنسان من خلال تنظيم التظاهر والإضرابات والاعتصامات، المقرر مناقشته الآن من بين القوانين التي تقوم اللجنة بمناقشتها حاليًا. وأوضح د. الكومي، بأن التظاهر السلمي يقوم على أساس تحديد مكان والمحافظة المقرر التظاهر بها، بعد إخطار الجهات المعنية بذلك. واتفق معه في الرأي د. محمد محيي الدين، المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب غد الثورة، بأن قانون تنظيم التظاهر يعد إصداره في التوقيت الراهن مهمة عاجلة وملحة لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي ووقف حالة العنف المفرط والفوضى العارمة بالبلاد وتصاعدها عقب الأحداث الأخيرة، لافتًا إلى أن طرح هذا المشروع ومناقشته بين كافة القوى السياسية والحزبية من خلال الحوار المجتمعي، للوقوف على أهمية إصدار هذا القانون والموافقة عليه لضمان المصلحة الوطنية، وعدم الترويج لكون هذا القانون تم إصداره لمحاسبة معارضي النظام الحاكم كما يروج بعض من قبل جبهة الإنقاذ الوطني. وتابع المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب غد الثورة: "أن من اختصاص الشورى حاليًا التشريع في إصدار القوانين التي تعمل على الخروج من المرحلة الانتقالية والحفاظ على مؤسسات الدولة وهيئاتها بشكل صارم، كما أن من حق الأغلبية من أعضاء المجلس الموافقة على هذا القانون إلا أن الحوار الوطني يهدف للمشاركة العامة في صنع القرار حتى لا يحتدم الموقف ويزداد اشتعالًا". وعلى صعيد آخر أكد ناصر الحافي، وكيل لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة، أن قانون تنظيم التظاهرات السلمي يهدف لحماية الحريات والممتلكات العامة والخاصة على حد سواء، وفي الوقت نفسه يحفظ الحرية في التعبير عن الرأي دون المساس بها؛ ضمانًا لوصول الحق لصاحبه، وحفاظًا على حقوق وحريات الآخرين وهذه تعد من أهم أهداف الثورة، مضيفًا أن القانون لم يجرم الاعتصام أو التظاهر مثلما يدعي البعض، بل يعمل هذا القانون على حماية هذه الاعتصامات والتظاهرات من المندسين بينهم والذين يعملون على إشعال الفتن والأزمات. ووافقت د. ميرفت عبيد، عضو مجلس الشورى عن حزب الوفد الجديد، على إصدار قانون التظاهر السلمي عقب مناقشته، مؤكدة على ضرورة منح الشرطة وعناصر الأمن ِالصلاحيات الكاملة والحق في استخدام القوة للتصدي للمخربين والذين يحاولون بث الفوضى بين الجميع وزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي، على أن تتم هذه المعاملة مع المخالفين على النص القانوني لهذا المشروع والذي يتم خضوعه لمناقشة كافة القوى السياسية والحزبية من بين جميع التيارات السياسية. وأضافت عبيد، أن القانون منح هذه المنح لرجال الشرطة ولكن في أطر محددة يتم خضوع والتزام الشرطة بالتعامل من خلالها، والتي تبدأ بالتحذير أولًا ثم في حال تعدي المظاهرة إلى حد الاشتباكات والتعدي واستخدام العنف المفرط بين المتظاهرين والتعدي على المنشآت الخاصة بالدولة يتم استخدام العنف، مع هؤلاء بشكل لا يؤدي بحياتهم. وشددت على ضرورة إذاعة الحوار الوطني حول هذا المشروع بين عناصر القوى الوطنية وخاصة جبهة الإنقاذ الوطني التي اعتادت الموافقة على القرارات وما تلبث أن تتراجع عنها بشكل سريع، إضافة لتحريضها للعناصر المخربة والبلطجية والمندسة وسط التظاهرات التي تخرج بها بين الحين والآخر دون وجود استعدادات أمنية وسياسية لتنظيم هذه المظاهرات.