تباينت الآراء السياسية والحزبية حول قانون التظاهرات الجديد الذي يناقشه مجلس الشوري الآن لتحديد الإعتصامات والتظاهرات بالاشتراك مع لجنة حقوق الإنسان بالمجلس ؛ والذي وصفه خبراء سياسيون بالوجه الأخر لقانون حماية مكتسبات الثورة الذي سعت جماعة الإخوان المسلمين لتمريره من قبل بحجة حماية الثورة ؛ حتى أصدرت الوجه الآخر منه الظآن بإسم حماية التظاهرات الذي يعمل على قمع وإنتهاك الحقوق والحريات الإنسانية لصالح حماية الرئيس والجماعة من هجوم المعارضة المتكرر على قراراتها .. في حين وصفه إسلاميون بأنه قانون حماية الثورة ومبادئها بشكل لا يتعارض مع مصلحة الوطن ؛ خاصة وأن القانون يحدد مكان وتوقيت الإعتصام والتظاهر مع عناصر الشرطة ليس لترهيب الشعب كما تدعي المعارضة وإنما لحماية المتظاهرين من العناصر المندسة بينهم لإثارة الأزمات التي تعوق الإستقرار السياسي والاقتصادي المنشود للجميع . د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري ، وصف مشروع القانون الخاص بالتظاهر والإعتصام الذى أعدته اللجنة التشريعية بمجلس الشورى حالياً بالاشتراك مع لجنة حقوق الإنسان بالمجلس ب " الاستبدادى " الذي ينتهك الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين .. مؤكدا أن هذا القانون مواده التي تجاوزت العشرين سيكون أشد سوءاً من قوانين التجمهر والإجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية التي صدرت في عامي 1914 و 1923 في ظل الإحتلال البريطانية علي مصر . وأوضح أن هذا المشروع الديكتاتوري أعطي السلطات والصلاحيات المطلقة للشرطة بأن تحضر الإجتماعات العامة والخاصة إضافة لإختيارها المكان الذي تعقد فيه هذه التجمعات وأيضاً الحق في إلغائها وفض المظاهرات بل والجنازات أيضاً ، الأمر الذي ينذر بعودة الشرطة إلى عهدها السابق في معاملة المواطنين على غرار الأمن المركزى وأحدثه من أفعال ضد الإنسانية أدت إلى إندلاع ثورة الخامس والعشرين . مضيفاً أن هذا القانون وضع مواد تعد الأولى من نوعها في العالم ، وهي أن يمنع هذا المشروع التظاهر قبل السابعة صباحاً أو بعد السابعة مساء ، كما يجرم حق الإضراب إذا أدى إلى توقف العمل والإنتاج رغم أن تعريف الإضراب بأنه "الامتناع عن العمل" ويفرض القانون عقوبات سالبة للحرية ومغلظة تصل للحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه "لكل من قام بفعل أو حرض أو ساعد على مخالفة هذا القانون وترتب عليه تعطيل العمل" . وتابع السعيد : بأنه في حال السماح بتمرير هذا القانون الإخواني السلفي والسالب للحريات والحقوق سوف تعود مصر لعصر أسوأ من السابق عليه في ظل إصدار مثل هذه القوانين المدمرة للحقوق والإنسانية أيضاً والمكبلة للرأى . تكميم الأفواه ومن جانبه أشار د. أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية ، لرفضه لنص قانون التظاهر الجديد الذي يقضي على أهداف الثورة ومكتسباتها بعد والسماح لفصيل سياسي بتكبيل الحريات والحقوق لمنع الإعتراض على الطرق الخاطئة التي تتدار بها البلاد من قبل مكتب الإرشاد العام للجماعة ، خاصة وأن هذا القانون لم يعطي الضمانات الكافية لحماية المتظاهرين من إعتداءات الشرطة عليهم في حال التظاهر أو الإضراب ؛ بل أعطي اللشرطة العصا التي تجلد بها المتظاهرين ، في ظل الحقوق والصلاحيات التي تم منحها لرجال الشرطة في إدارة الحريات وتكميم الأفواه ، دون إعتراض من قبل المتظاهرين على ذلك حتى لا يلاقي العقاب الذي يجعل من الشرطي ديكتاتور لحماية النظام القائم على غرار منظومة الحزب الوطني السابق ورجال أمن الدولة . وأضاف مهران بأن القانون لم يعطي حقوق للمواطن المصري في التعبير حقوقه أو المطالبة بها من جانب النظام الحاكم . في حين وضع قانون التظاهر الجديد على عاتق المتظاهرين حماية أنفسهم وحماية المؤسسات من أى اعتداء من المندسين حولهم وإحترام القانون ، دون تحديد ضمانات حقوقهم. وقال د . مجدي حمدان عضو جبهة الإنقاذ الوطني ، إن قانون التظاهرات الجديد المزمع مناقشته بين أروقه الشوريّ هو نفسه القانون الذي تم طرحه من قبل ولكن بإسم " قانون حماية مكتسبات الثورة" ، وهي محاولات تتبعها السلطة الحاكمة ومكتب إرشاد الجماعة لتأصيل دولة الديكتاتورية الإخوانية دون غالب لهم أو منازع في هذه الإمارة على شئ ، والتي بدأت بالفعل منذ الإعلان الدستوري الجديد والذي صدر في أواخر شهر نوفمب لتكريس قارات الرئيس وحمايتها من الطعن الدستوري والمعارض الشعبية في القوت ذاته ، ثم توالت تلك الممارسات التي تتناقض مع حرية التعبير والديمقراطية والدعوة للحوار الوطني مع المعارضة في الوقت الذ ييقوم المجلس الذي توليّ تعيين أعضائه من أجل مناقشة قانون تكميم الأفواه وتكبيل الحريات ومنع التظاهرات والإعتصام وذلك لتمرير القرارات التي يتم إصدارها من قبل الإخوان المسلمين على لسان الرئيس . وبدوره ؛ رفض د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية ،نصوص مواد القانون التظاهرات الجديد ، مشيراً أن القانون الجنائي يتضمن بنودًا تحمى مؤسسات الدولة وتعاقب من يقوم بعمل تخريب لمنشآت الدولة، كما يحق القانون أيضاً التظاهر والتعبير عن الرأي بكل حرية وهذا حق يكفله القانون وجميع المنظمات الحقوقية في العالم ..وبالتالي لا يجوز إصدار قانون يقيد هذه الحريات بل ويضعف من كرامة الموطن المصري بعد أن خرج في أعظم ثورة شهدها العالم من أجل إسترداد حريته وكرامته والتي كانت من أهم مبادي ثورة يناير فكيف يقوم المجلس التشريعي الأن في ظل هذا الإنقسام وعدم القبول العام والجماهيري على الكثير من الأوضاع بإصدار مثل هذه القوانين التي تنذر بكارثة جديدة لن يقبلها الشعب مرة اخريّ . وفي السياق ذاته ؛ أكد تامر القاضى المتحدث بإسم إتحاد شباب الثورة ، أن حقيقة القانون الجديد للتظاهر والمزمع عرضه على مجلس التشريعي الأن من أجل حماية الثورة والمتظاهرين كذباً ، في حقيقة أنه وضع لتحصين الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين من الثورة والمعارضة لسياساتها والضغط بإستخدام القانون على الشعب المصري لقبول قرارتها والإنصياع لأوامرها دون جدال أو رفض من قبل المعارضين عليهم ، خاصة في الفترة المقبلة وقبل إجراء الإنتخابات البرلمانية لمجلس النواب والذي تسعي الجماعة إلى تقسيم المقاعد بينها وبين التحالفات التي تعمل على إنجاح فكرها وأهدافها في السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد دون منازع معه في ذلك . وتابع القاضي : إن صدور مثل هذا القانون في الوقت الذي ضاق الرئيس مرسى من معارضيه وهذا ما يتضح من خلال خطاباته التي يتهم فيها المعارضة دائماً بالتحريض على قلب نظام الحكم والخيانة العظمي والعمالة للخارج وغيرها من الإتهامات التي تتدين الفصيل الإسلام السياسي الرافض لوجود معارضة له في الحكم . مضيفاً أن هذا القانون ضد الثورة مبادئها ، خاصة بعد تقييد حرية التظاهر والإعتصام ،لافتاً إلى أن إقرار مثل هذا القانون ستبدأ المرحلة الجديد من حكم الإخوان خاصة للمعارضيهم . وطالب إتحاد شباب الثورة للخروج فوراً في حال إصرار جماعة الإخوان المسلمين والقوىً الإسلامية على تمريره بشكل شرعي بإسم الدستور والقانون . وعلى صعيد آخر ؛ أكد ناصر الحافي وكيل لجنة الإقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة أن قانون تنظيم التظاهرات الجديد يعمل على حماية الحق في التعبير عن الرأي ولكن دون المساس بالمنشآت العامة والخاصة للدولة ،ضمانا لوصول الحق لصاحبه وحفاظاً على حقوق وحريات الأخرين وهذه تعد من أهم أهداف الثورة ، مضيفاً أن القانون لم يجرم الإعتصام أو التظاهر بمثلما يدعي البعض بل يعمل هذا القانون على حماية هذه الإعتصامات والتظاهرات من المندسين بينهم والذين يعملون على إشعال الفتن والأزمات . وأشاد أسامة رشدى المستشار السياسى لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، بقانون الإضرابات والإعتصامات الذى يشرعه مجلس الشورى حالياً ؛ مؤكداً أن مصر في الوقت الراهن بأمس الحاجة إلى هذا القانون الذى يتوافق مع الدستور الجديد الذى يسمح للمواطنين بحرية التعبير بشكل يضمن حماية الحقوق والمؤسسات العامة والخاصة بالدولة والمواطنين ، وأيضاً حماية المتظاهرين أنفسهم من الزج بعناصر مخربة ومندسة تعمل على الإطاحة بأمن الوطن وإستقراره حتىّ لا تستقر البلد إلى بر الأمان بعد لمصلحة العديد من الأطراف التي تسعي جاهدة لحدوث ذلك . وأضح عز الدين الكومي وكيل لجنة حقوق الانسان ، أن المشروع الذي يتم مناقشته الآن أمام اللجنة ليس المنتج النهائي كما يروج البعض من قوىّ المعارضة .. مؤكدأً أن اللجنة إتخذت قراراً بأنه لن يخرج هذا القانون سوىّ بعد عرضه على الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية وغيرها من أجل فتح حوار مجتمعي حول مواده ؛ فالقانون يتضمن تعريفات لمصطلحات التظاهر والتجمهر والإضرابات كما يتضمن قواعد تنظيم التظاهرات والإبلاغ عنها والعقوبات المحددة في حال مخالفة مواد القانون بشكل لا يتعارض مع الحرية في التظاهر والتعبير عن الرأى بل يؤيدها ولكن بشكل أكثر تنظيماً وحماية للمتظاهرين والمنشأت والمؤسسات العامة للدولة دون المساس بحق التظاهر .