ارتفعت في الآونة الأخيرة معدلات العنف ضد المرأة داخل مجتمعاتنا العربية ؛ خاصة بعد تفشي البلطجة بشكل كبير إلى جانب ارتفاع معدل الجريمة ككل ولكن تمثل حوادث العنف ضد المرأة 60 % من حوادث العنف وفقا لإحصاءات المجتمع المدني وهي الجهات المنوط بها رعاية السيدات والفتيات العربيات من العنف. و في خطوة غير معهودة تلجأ الكثير من الفتيات حاليا لابتكار وسائل مختلفة للدفاع عن النفس منها الصواعق الكهربائية وزجاجات (الselfdefence) ، كما تلجأ أخريات لممارسة الرياضات القتالية مثل الكاراتيه والجودو والكونغ فو كإحدى أسلحة الدفاع و رد ممارسات العنف ضد المرأة. و عن أساليب الدفاع عن النفس المختلفة التى تقتنيها الفتيات هذه الأيام خوفا من التعرض للخطر، تقول "مها نور الدين" تبلغ من العمر "21 عاما" طالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة: إنها تحتفظ في حقيبتها الخاصة بجهاز الصاعق الكهربائي الألكتروني لمواجهة أي محاولة للتحرش أو الاعتداء عليها في أي وقت . وتضيف: إن بعض مواعيد محاضراتها مسائية لذلك فهي تحتفظ بهذا الصاعق الذي يمكنها من شل حركة الشاب الذي يحاول التحرش بها لفترة قصيرة حتى تطلب النجدة من آخرين.. أما "سارة نجم الدين " و هي طالبة بالجامعة الأمريكية فتقول أنها التحقت بإحدى النوادي لتمارس رياضة الكاراتيه حتى وصلت للحصول على الحزام الأسود، وتوضح سارة أن إصرارها على ممارسة هذه اللعبة العنيفة تعرضها هي وإحدى صديقاها للسرقة من قبل أحد اللصوص .. و منذ ذلك الحين أصرت على أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها. وتؤكد "سارة" على أن الرياضة ضرورية لكل إنسان فهي تزيد من ثقة الإنسان بنفسه وتحافظ على مستوى لياقته البدنية والصحية، وتدعو الفتيات الأخريات مثيلاتها لممارسة أي رياضة حتى تكون مستعدة ؛ لمواجهة أي مواقف طارئة خاصة في تلك الظروف الظارئة التي تعيشها مصر. أما "نيرمين مجدي" طالبة بالصف الثالث الثانوي بالمدرسة الألمانية بالقاهرة فتحتفظ في حقيبتها المدرسية إلى جانب الكتب والمذكرات الدراسية بزجاجة تحتوي على غاز "سيلف دفينس" الذي يعمي الرؤية أمام من يحاول مهاجمتها ويشل حركته تماماً وتقول: إنها تتعرض يومياً لعشرات المضايقات اللفظية من بعض الشباب وهذه المضايقات لا ترد عليها ولكن البعض الآخر حاول الاحتكاك الجسدي وهنا تستخدم الزجاجة التي بحوزتها للدفاع عن نفسها وتضيف: إن الشرطة غائبة تماما عن الوجود في الشارع مما يجبر كل فتاة وسيدة على الاعتماد على النفس في مواجهة المتحرشين.. و ليست الفتيات فقط من يقدمن على مثل هذه التصرفات و اقتناء مثل هذه الأدوات للدفاع عن أنفسهن بل السيدات أيضا كإحدى لبنات تلك الشريحة التى تتعرض للمضايقات اليومية و المخاطر في الشارع خاصة في ظل حالات الفوضى التى تعتري المجتمعات العربية بعد الثورات التى اندلعت لتحررها من الأنظمة القمعية. و من جانبها تقول نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق الانسان: إن هناك ثقافة جديدة عند الأجيال الشابة اللاتي يعتمدن على أنفسهن في مواجهة التحرشات والمعاكسات ومحاولات العنف والسرقات وذلك بابتكار وسائل حديثة أو إجادة رياضات قتالية .. وتشير إلى مثال من واقع مجتمعها قائلة: إن الفتيات في مصر مع اندلاع الثورة في الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، استبشر المجتمع خيرا خاصة مع الدور البارز الذي لعبته المرأة المصرية في أحداث الثورة إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن بعد ذلك وصعد نجم التيارات الدينية التي لا تؤمن بدور حقيقي للمرأة وازداد العنف في الشارع ضد النساء بشكل كبير . وتطالب "نهاد" بتغليظ العقوبات في القوانين المصرية في جرائم التعرض للإناث في الطرق العامة لكن "منال أبو الحسن" أمينة المرأة بالقاهرة في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المصرية تخالف آراء "نهاد" حيث ترى أن التيار الإسلامي لا ينتقص من حقوق المرأة . بل يسعى لتقديم هذه الحقوق في منظور إسلامي وليس من منظور علماني كما أن تطبيق الشريعة الإسلامية على حد قول "منال" سيقتصر تماماً على ظاهرة العنف ضد النساء. و حول البحث في أسباب انتشار مثل هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية ترجع د.غادة الخولي أستاذة الطب النفسي انتشار ظواهر العنف التحرش الجنسي في مصر إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد معدلات الطلاق والكبت الجنسي في المجتمع، وقالت: إن "التحرش لا يرتبط فقط بمناطق الفقراء في مصر، بل إن بعض الأماكن الراقية يحدث فيها ذلك، ودللت على ذلك بمنطقة مصر الجديدة التي حدثت فيها واقعة تحرش جنسي مؤخرًا"، وأضافت: إن فكرة الزواج انتابها خلل اجتماعي حيث أصبحت تعتمد بشكل كبير على المصلحة، ولهذا يصيب الأزواج الملل عقب الزواج، فلم يعد هناك صفات القدرة على الكفاح والتحمل التي كانت سائدة في الماضي وتعطي الفرد الإحساس بالمسئولية والانتماء للمنزل. وتقول د. آمنة نصير أستاذة الفلسفة بجامعة الأزهر: إن الثقافة العربية تغيرت فقد أصبح لا شيء يملأ الحياة باستثناء التليفزيون والإنترنت، من جرعات عنف و جريمة دون معالجة سلبيات المجتمع، و الآن لدينا مشكلة الزواج المتأخر، وعندما تجمع كل هذه العوامل في سلة واحدة تكون النتيجة مشاكل اجتماعية مثل التحرش و الذي يفرض على الفتيات أن يلجأن لطرق معينة للتعامل مع تلك المضايقات و استخدام بعض الأساليب التى يفرضها الواقع بمتغيراته السلبية.