اجتاحت السودان منذ أكثر من أسبوعين مظاهرات حاشدة خرجت شرارتها الأولي من طلاب جامعة الخرطوم اعتراضا علي إجراءات التقشف التي أقرتها الحكومة السودانية ووافق عليها البرلمان وأدت إلي ارتفاع أسعار السلع والوقود وهي تشبه الي حد بعيد شرارة البداية التي أشعلت تونس ومن بعدهاالثرات العربية الأخري في مصر وليبيا واليمن وسوريا. وفي ثاني جمعات الغضب الشعبي التي أطلق عليها النشطاء " جمعة لحس الكوع " التي جاءت في الذكري الثالثة والعشرين للانقلاب الذي أوصل البشير إلي السلطة تزايدت أعداد المتظاهرين الذين لم يكونوا طلبة فقط بل شتارك مسنون ونساء وأطفال في التظاهرات التي طالبت بالديمقراطية والحرية ونادي الجميع بالشعار الأشهر في الثورات العربية الشعب يريد أسقاط النظام وأتسع نطاق المظاهرات ليشمل أنحاء السودان وأكدت المجموعة التي تطلق علي نفسها اسم قرفتنا للشبان المعارضين علي موقعها علي شبكة الأنترنت أن التاريخ سيذكر أن جامعة الخرطوم كانت القلب النابض للثورة السودانية . وكما حدث في الثورات العربية تعاملت قوات الأمن السودانية مع المتظاهرين بالطريقة المعتادة التي أشعلت الغضب ولم تطفئه فتدخلت لتفريق المظاهرات داخل الجامعات وخارجها وأستخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي فأصيب المئات بينهم مسنين أغمي عليهم جراء الغاز المسيل للدموع وأخرون أصيبوا بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز والضرب بالهروات . وفي هذه الأجواء حدثت بعض الاعتقالات في صفوف الصحفيين والمحامين وصدرت الأوامر بوقف جميع أنشطة حزب المؤتمر الشعبي المعارض برئاسة كمال عمر الذي اتهم الحكومة بالفشل في معالجة مشاكل البلاد الأمنية والأقتصادية وبالسئولية عن الأنفلات والحرائق وعمليات التخريب التي حدثت في الأونة الأخيرة وأعلن عن دعمه وتأييده لهذه المظاهرات ودعي إلي انشاء مشروع انتقالي يؤسس دولة السودان الديمقراطية تعالج مشاكل الأقتصاد السوداني وأكد ان السودان سيشهد صيفا حارا سيقتلع البشير . وتشير آخر الاحصائيات إلي اعتقال أكثر من ألف شخص من قوي المعارضة والناشطيين والصحفيين والمحامين بالإضافة الي الطلبة الذين أشعلوا الشرارة الأولي للمظاهرات. وأمام حالة الغضب الشعبي التي تتزايد يوما بعد يوم لم يختلف الخطاب الرسمي عن كل الثورات العربية الأخري حيث رفض الرئيس عمر البشير الاحتجاجات ضد السياسة الاقتصادية لبلده وقال: إنها جاءت من تدبير بضعة محرضين . واتهم البشير دولة أجنبية مجاورة بمحاولة زعزعة استقرار السودان ودفع خطط التقشف التي وضعها بسبب الانخفاض الكبير في وارد السودان في ظل سياق تبرير دعوته لتخفيض الأنفاق العام بالإضافة إلي تكلفة النزاع والفوضي المستمرة مع جنوب السودان، حيث فقدت السودان منذ انفصالها نحو ثلاثة أرباع انتاجها من النفط وطوال الأسبوعيين الماضي تبنت الجهات الحكومية وجهة نظر الرئيس بوجود مؤامرة أجنبية وأتهمت الإدارة الأمريكية لمواجهة مخطط يسهم في زعزعة أستقرار السودان ودعم المعارضة لأسقاط النظام واكدت في الوقت ذاته علي أن المعارضة لن تستطيع تحريك الشارع السوداني ضد الحكومة . وتقضي الاجراءات الجديدة برفع أسعار الوقود من12.5 % الي 60% كما تشمل زيادة ضريبة الارباح علي البنوك من 15% الي 30% كما أعلن الرئيس البشير عن تخفيض الإنفاق الحكومي وتقليل عدد شاغلي المناصب الستورية ومنهم الوزراء . وما بين النظرة الرسمية للأحداث ونظرة قوي المعارضة للتحركات بين المتظاهرين يتناقل النشطاء وشهود عيان شهادتهم عبر الفيس بوك البوق الإعلامي للثوار في كل الثورات العربية الذين ينقلون الأنتهاكات التي تحدث بين الحين والأخر في حق الطلبة والمتظاهرين . وبينما تنظم قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم لقاءات جماهيرية للدفاع عن موقفها في المناطق الملتهبة بالعاصمة تتوالي الأحداث من الشباب بالخروج كل جمعة حتي يرحل نظام البشير ولكن لا أحد يعرف هل يعرف هل خرج قطار الثورة من محطته الأولي يقف سوي في محطة " تغيير النظام " ام انها مجرد احتجاجات ستنتهي إاذا ألغي الرئيس اجراءاته التقشفية ؟