وزير الإعلام يؤكد للمتظاهرين "حقهم في الاحتجاج" والأمن يضرب الثورة في أسبوعها الثالث الهتافات لإسقاط البشير تعلو في الذكرى ال23 لانقلابه العسكري ووصله إلى سدة الحكم
فم يرحب بالتظاهر ويد تضرب بالسياط، هذه هي طريقة تعامل النظام السوداني مع الثورة الشعبية التي يشهدها الشقيق الجنوبي منذ 16 يونيو الماضي ودخلت في أسبوعها الثالث، وهي الثورة التي بدأها طلاب جامعة الخرطوم وانتشرت شرارتها في كل مدن البلاد مطالبة بتحسين الظروف الاحتماعية السيئة والوقوف ضد غلاء الأسعار ثم تزايدت المطالب وتبلورت في جملة واحدة"الشعب يريد إسقاط النظام".
"حق التعبير السلمي مكفول"، كانت تلك تصريحات غازي الصادق -وزير الإعلام السوداني- اليوم، مضيفا في تصريحات إعلامية أن "الاحتجاجات والتعبير السلمي عن الرأي حق يكفله القانون والدستور للمواطن لكن دون اللجوء إلى العنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل سير الحياة وسير التنمية وزعزعة الأمن والاستقرار في السودان".
"احذروا الأيد الخفية التي تعبث بأمن الوطن"، عبارة ما زالت تتردد في ثورات الربيع العربي الممتد، وعل نغمتها ناشد الصادق "الشعب السوداني بضرورة تفويت الفرصة على المتربصين بالسودان وأمنه واستقراره".
دعوات وزير الإعلام للمحتجين بالتظاهر والتعبير عن رأيهم في حرية تتناقض مع القمع الذي مارسه الأمن السوداني مع المتظاهرين خلال اليومين الماضيين، وكان ناشطون قد دعوا إلى تنظيم مظاهرات كبرى يومي الجمعة والسبت مصادفة للذكرى ال23 لما أسموه "الانقلاب العسكري الذي أوصل عمر البشير الى الحكم"، وهي المظاهرات التي أطلق عليها منظموها والمشاركون بها اسم "لحس الكوع"؛ - وهو تعبير شعبي يعني فعل المستحيل والقيام بأصعاب الأمور- وطالبوا من خلالها بإسقاط الرئيس البشير.
وقال شهود عيان أن الشرطة السودانية أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين لتفريقهم، كما استخدمت الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن إصابة عدد من المتظاهرين خاصة كبار السن بحالات اختناق.
الرصاص الحي وقنابل الغاز لم يكونا الأدوات الوحيدة للنظام ضد الغضب الشعبي، بل أيضا استمرت حملات الاعتقال ومعها الهجمات على المكاتب الصحفية والإعلامية؛ حيث اعتقلت السلطات 5 من كوادر المؤتمر الشعبي المعارض بمدينة الأببض (جنوب البلاد) أثناء مشاركتهم في مظاهرة، كما داهمت قوات الأمن السودانية أول من أمس مكتب وكالة فرانس برس (أ ف ب) في الخرطوم، واعتقلت طلال سعد - المراسل المتعاقد مع الوكالة - بسبب التقاطه صورا لمظاهرات ضد النظام السودانى، وتمت عملية الاعتقال بعدما وصل سعد إلى المكتب حاملا صورا التقطها للتظاهرة في مدينة أم درمان قرب الخرطوم، ومنع الأمن المراسل من إجراء اتصال هاتفي وهدد بمصادرة كل أجهزة الكمبيوتر في المكتب إذا لم يتم محو الصور، مما اضطر المراسل إلى تلبية طلبهما.