يواجه حزب الوفد حاليًا تحديا خطيرا متمثلا في الجدل داخله بين تيارين الأول مدعم لعمليات اندماج أحزاب أخرى في الوفد تحت رايته واسمه التاريخي، في المقابل يعارض تيار أكبر تلك المساعي ويدعو للحفاظ على هوية الوفد السياسية، سواء التنظيمية أو حتى الدخول في الاستحقاقات الانتخابية إلا بشكل منفرد. بدأت الأحزاب المدنية من قبلها أحزاب التيار اليساري، تشهد عمليات اندماج سياسي متزايدة من أجل إيجاد ظهير شعبي قوى، يساعدها في إثبات الحضور السياسي، وهي أمام استحقاقات انتخابية قادمة سوف تكون نتائجها عاكسة للثقل والتواجد الحقيقي لتلك القوى بالشارع، وتحديدًا البرلمانية منها بغرفتيها النواب والشيوخ، بعد الضربات التي يتعرض لها التيار الديني، الذي هيمن على تلك المشاهد من قبل. بدا هذا الاندماج في مسارين رئيسيين حتى الآن، الأول: اندماج سياسي كامل، كما حدث بين حزبي الجبهة الديمقراطية والمصريين الأحرار، اللذين قررا الاندماج السياسي تحت زعامة واحدة ومسمي حزبي واحد، والثاني: استقطاب قيادات حزبية من بعض الأحزاب لدعم صفوف أحزاب أخرى، كما حدث بين حزبي المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدالة، بعد رفض الهيئة العليا للأخير قرار الاندماج مع المصري الديمقراطي بالشروط التي طرحت، فحدثت موجة كبيرة من نزوح قياداته وقواعده للانضمام للمصري الديمقراطي. وصرح المستشار أحمد عودة مساعد رئيس حزب الوفد ل "بوابة الأهرام"، بأن فكرة الاندماج تم طرحها علي جدول أعمال اجتماع المكتب التنفيذي لحزب الوفد مؤخرًا، وستتم دراستها بشكل متكامل وعرضها على الهيئة العليا للحزب في الاجتماع المقبل من أجل حسم القرار فيها. وأكد عودة: أننا في حزب الوفد نرحب بأي حزب أو جماعة سياسية تقبل العمل معنا في كيان مؤسسي وحزبي واحد، وفق مبادئنا الوفدية وتحت لواء وراية الوفد، وليس تحت إطار أو مسمى جديد، لكون حزب الوفد هو بيت الأمة منذ قديم الأزل، ويجب الحفاظ على هويته. وقال عودة: أما من يعرض علينا الاندماج بشروط أو مطالب تتجاوز هذا، فلن نقبل أي شروط من أحد تتعارض مع مبادئ وأسس وتقاليد الوفد وثوابته التاريخية، مشيرا إلي أن بعض الأحزاب الساعية للاندماج السياسي مع الحزب، عرضت فكرة تغيير الاسم، سواء للوفد أو لتلك الأحزاب، بعد الاندماج، بحيث يكون المسمى الجديد بعنوان تكتل الأحزاب المدنية أو الليبرالية، وغيرها من الأسماء، لكن هذا الأمر بات مرفوضًا تماما من جانب مؤسسات حزب الوفد، فلن تكون هناك عمليات اندماج سياسي مع أي حزب آخر إلا تحت اسم وراية الوفد. وأوضح عودة أن باب العضوية مفتوح داخل الحزب، لمن يريد من الأحزاب الأخرى الانضمام للوفد، نحن نرحب دومًا نرحب بأي عضو تتفق توجهاته وآراؤه مع مبادئ وتوجهات الوفد. يأتي ذلك في الوقت الذي علمت فيه مصادر البوابة من مصدر داخل حزب الوفد أن معظم الوفديين وتحديدًا الأمانات الحزبية والقواعد الشعبية، يرفضون مبدأ اندماج الوفد مع إي أحزاب أخري أو حتى مجرد التحالف الانتخابي معهم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مطالبين بالحفاظ على هوية الحزب، ومؤكدين في الوقت نفسه أن الوفد له تاريخ عريق يجب عدم التضحية به، ولابد أن يسعي في الفترة المقبلة لتعزيز تواجده السياسي، لكسب أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة تتناسب مع تاريخه بشكل منفرد من دون التحالف مع أحد، مشيرين أيضًا إلي أن الحزب قادر علي ذلك لو تم إدارته بطريقة سليمة. هذا في الوقت الذي أكدت فيه تلك المصادر للبوابة، أن فكرة الاندماج السياسي تلقي في المقابل قبولاً عامًا من عدد كبيرة من رموز الحزب وقياداته العليا من أجل إيجاد تكتل سياسي يكون له ثقله الكبير في المشاهد الانتخابية المقبلة، يعزز من فرص الوفد لتشكيل الحكومة بعد حصوله على عدد كبير من مقاعد مجلس النواب، عوضًا عن حالة التشرذم التي تعاني منها الأحزاب الموجودة حاليًا التي وصلت لأكثر من 90 حزبًا سياسيًا. ولذا يتوقع أن تكون مسألة الاندماج السياسي مع الأحزاب الليبرالية والمدنية موضع جدل ونقاش حاد داخل الحزب في الفترة المقبلة، إلى أن تحسم بشكل نهائي لصالح أي من التيارين الداعي إليها أو الرافض لها.