أثار قرار وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن تحصيل 50% من قيم تراخيص الاستفادة من ترددات الجيل الرابع بالدولار الأمريكي حفيظة الشركات العاملة في السوق المحلية، التي اعتقدت أن الموقف الحالي في سوق الصرف المصرية وصعوبة توفير السيولة الدولارية اللازمة لاستيراد الأصول التشغيلية للشبكات يمثل أزمة في السوق منذ أكثر من عام، غير أن قرار طرح الترددات بالعملة الأجنبية من شأنه أن يضع عبئًا إضافيًا على الشركات المحلية. ووفق الموقف الحالي في سوق الصرف المصرية فإن توفير أكثر من مليار دولار " أكثر من 9 مليارات جنيه" وهو أقل من 50% من أسعار التراخيص، يعتبر مجازفة يصعب على الشركات خوضها، مع تدني المعروض من العملة الأجنبية، وصعوبة توفيرها. ووفقًا لتلك المدخلات فإن شركات الاتصالات الأربعة "فودافون، وأورنج، واتصالات، والمصرية للاتصالات" لديها سيناريوهات أربعة لا تنفك عنها لتوةفير تلك العملات الأجنبية. السيناريو الأول يتمثل في الاقتراض بالعملة الأجنبية من البنوك المحلية، وهو الأمر الذي يعتبر صعوبة بالغة لتوفير مثل تلك المبالغ حيث تسعى البنوك العاملة في السوق المحلية بكل طاقتها على الحفاظ على ما لديها من سيولة دولارية، أو حتى سحب العملات الأجنبية من السوق من خلال طرح شهادات توفير بمعدلات فائدة مرتفعة "بلغت 15%" في بعض البنوك، مقابل تحويل المدخرات من العملات الأجنبية إلى إدخار بالجنيه المصري. ويبلغ إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية لدى البنوك العاملة في السوق المحلية بالكامل حوالي 47 مليار دولار وفقًا لأحدث تقارير البنك المركزي. السيناريو الثاني ربما يتعلق بلجوء شركات الاتصالات إلى السوق السوداء لتوفير احتياجاتها من العملات الأجنبية، ولما كانت الشركات الأربعة تخضع لرقابة مباشرة من قبل العديد من الجهات سواء شركاتها الأم "في حالة شركات المحمول الثلاثة" أو الجهاز المركزي للمحاسبات "في حالة المصرية للاتصالات" بالإضافة إلى الرقابة من الجهات الرقابية بالدولة، فإن السيناريو المعتمد على السوق السوداء ليس الخيار الأمثل لتلك الشركات. ويتمثل السيناريو الأكثر تفاؤلاً وصعوبة في الوقت نفسه هو الاقتراض من بنوك أجنبية، غير أن التراجع الواضح في قيمة الجنيه المصري في مواجهة العملات الأجنبية، والتغيرات العالمية المتوقعة في سعر صرف العملات مدفوعة بتخارج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تعمل تلك العوامل ضد محاولات الشركات العاملة في السوق المحلية للحصول على القروض بالعملات الأجنبية، ومن ناحية أخرى فإن الوضع الحالي في مصر يصعب معه توفير سيولة أجنبية من بنوك عاملة خارج مصر، خاصة مع مايضيف ذلك من أعباء خدمة دين وتغير سعر الصرف على عاتق الشركات المحلية. والسيناريو الأخير الأكثر قابلية للتحقق هو توفير السيولة الأجنبية لشركات المحمول الثلاثة "فودافون، وأورنج، واتصالات مصر" من شركاتها الأم "مجموعة فودافون بانجلترا، وأورنج الفرنسية، ومجموعة اتصالات بالإمارات" وعلى الرغم من صعوبة السيناريو الأخير غير أنه يمثل النقطة الأكثر قابلية للتحقق في ظل الصعوبات الخاصة بالسيناريوهات الأخرى. وفي هذه الحالة فإن الشركة المصرية للاتصالات لن تجد مفرًا سوى اللجوء لواحد من السيناريوهات الثلاثة الأولى، أو اللجوء للصرف من إيرادات الكابلات الدولية والبحرية التي تحصل مقابل تأجيرها بالعملة الصعبة. كشف المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن أسباب طرح تراخيص الاستفادة بترددات الجيل الرابع بالعملة الأجنبية "الدولار" مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي يرجع إلى احتياج الدولار لاخلاء الترددات واستبدال المعدات الحالية لدعم وبث الخدمات بمعدات جديدة. وأضاف في تصريحات خاصة ل"أموال الغد" أن تلك المعدات تحتاج إلى توفير السيولة الأجنبية لاستيرادها من الخارج نافيًا أن يتم ضخ مقابل التراخيص لدعم الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي. وأوضح القاضي أن تسعير الرخص سيأتي بنسبة 50% من العملة المحلية، و 50% من العملة الأجنبية لتحقيق التوازن متوقعًا أن تتلقى وزارة الاتصالات ممثلة في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الرد من قبل شركات المحمول حول الاستفادة من التراخيص الجديدة مطلع أغسطس المقبل كحد أقصى. وافق مجلس الوزراء على طرح ترخيص خدمات الجيل الرابع فى السوق المصرى وفقاً لضوابط الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وتفويض مجلس إدارة الجهاز بإعداد التراخيص شاملة الالتزامات المالية والفنية والتنظيمية اللازمة وفقاً للقواعد المعمول بها والمنصوص عليها فى قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003. ويأتى ذلك فى إطار خطة تطوير قطاع الاتصالات، وبما يتماشي مع السوق العالمية ووضع مصر فى مصاف الدول التى تقدم خدمات اتصالات الجيل الرابع، وهو الامر الذى سيكون من شأنه تعظيم موارد الدولة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين فى هذا القطاع. وقالت مصادر بوزارة الاتصالات أن التراخيص تشمل الحيزات الترددية المطروحة وسبل الاستفادة منها، بالإضافة إلى التكلفة الخاصة بكل حيز ترددي والخدمات التي يمكن تقديمها من خلاله. وأرسل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الاسبوع الماضي خطابات بشأن شروط الحصول على تراخيص الاستفادة من ترددات الجيل الرابع لشركات الاتصالات الأربعة العاملة في السوق المحلية، تشتمل على الشروط الفنية، والمالية والحيزات الترددية المخصصة لكل خدمة، والتسعير الخاص بها. من ناحية أخرى تفاوتت ردود أفعال الشركات على طرح الترددات بالعملة الصعبة، حيث أكد المهندس أحمد عصام الرئيس التنفيذي لشركة فودافون مصر على صعوبة توفير العملة الأجنبية لتمويل تلك التراخيص، في ظل صعوبة الحصول على السيولة الدولارية في مصر. ومن جانبه كشف ايف جوتيه الرئيس التنفيذي لشركة أورنج مصر عن صعوبة توفير العملة الأجنبية في مصر في حالة طلب تحصيل ثمن تراخيص الجيل الرابع بالعملة الصعبة، مشيرًا إلى أن شركته قد تلجا للخارج لتوفير الدولار لشراء تلك التراخيص. وأضاف في تصريحات خاصة ل"أموال الغد" أن شركته لن تلجأ لتوفير تلك السيولة من الخارج إلا في حالة اضطرارها للدفع بالعملة الأجنبية، مؤكدًا على أنها لم تحدد بعد إذا ما كانت ستحصل على العملة الأجنبية من الشركة الأم أو عبر الاقتراض من بنوك أجنبية. ولفت إلى أنه مع الوضع الحالي للجنيه المصري والتراجع المستمر في قيمته أمام العملات الأجنبية لن يساعد شركات الاتصالات في حالة طلبها للاقتراض من الخارج، مشددًا على أن الشركة مازالت في مرحلة الدراسات لكافة شروط الرخصة خاصة وأنها تلقت العروض الأسبوع الماضي من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.