تواجه مصرنا الحبيبة موجة من العنف والإرهاب لم تشهد مثيلا لها في تاريخها الحديث ، ولعل أخطر هذه العمليات هي الأحداث الإرهابية المتتالية في محافظة شمال سيناء والتي تستهدف أبناء الوطن الواحد من المصريين .واخر هذه العمليات الارهابية هو استهداف ظابط الأمن الوطني عقب خروجه من صلاة الجمعة بالقليوبية . قدمت مصرنا الحبيبة حتي الآن آلاف الضحايا الأبرياء من الشهداء والمصابين الذين يتساقطون كل يوم برصاص الغدر والخيانة ، لم يفرق الإرهاب بين مواطن مدني أو شرطي أو عسكري كما لم يفرق بين الطفل والشاب والشيخ, أو بين المرأة والرجل, أو بين المسلم والمسيحي, فكل أبناء الوطن يتعرضون للقنص والقتل والترويع صباح مساء. وقد ترتب علي هذه الموجة من العنف والإرهاب استقطاب حاد في المجتمع بين من يطالبون بإيجاد حل جذري للأزمة ،، فرغم الجهود التي تبذلها قوات الشرطة وتساندها القوات المسلحة, فإن هذه الأزمة لها أبعاد دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية, ولهذه الأبعاد دور أساسي في صناعة التطرف الديني الذي يغذي العنف والإرهاب ويصل المنادون بالحل السياسي إلي المطالبة بالبحث عن حلول جذرية لتخليص البلاد والعباد من هذا العنف الغاشم الغادر ، فالارهاب لا دين ولا وطن ولا هوية له ، لأنه نابع عن الفكر المتطرف ولا يقوم به الا أصحاب الجهل والهمجية ولا يصدر الا من النفوس الخبيثة والمريضة . فالتطرف الديني والتعصب القومي المصحوب بالتفكير الإجرامي هما المسؤلان عن ارتكاب الجرائم الإرهابية ضد الأبرياء بغض النظر عن دينهم،أو هويتهم ومن المؤكد أيضاً أن هزيمة التفكير الإرهابي وترسيخ مفهوم التسامح الديني هو مسؤولية كل الحكومات والشعوب لأن الإرهاب له هوية واحدة فقط لا غير وهي استخدام القتل والارهاب والعنف لاثارة الفتن والفوضي كوسيلة لإرهاب الشعوب والحكومات لتغيير سياساتها ومفاهيمها . إمكانية تجاوز الوضع الراهن وإنهاء أعمال العنف والإرهاب يتطلب توافقا مجتمعيا واسع النطاق علي موقف متكامل يقوم علي عدة أسس في مقدمتها أولا : التصدي بكل حزم لأعمال العنف والإرهاب وتقديم مرتكبيها إلي محاكمات سريعة وعادلة في نفس الوقت, وهناك من القوانين ما يكفي لتوقيع العقاب الرادع لهذا العنف, ثانيا": السعي إلي إشراك المجتمع في المواجهة بكل طوائفه , وعدم تحميل قوات الأمن وحدها عبء المواجهة, بالحرص علي حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية .وتصحيح الأفكار الدينية الخاطئة . أما عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لظاهرة الإرهاب والعنف فإنها تتطلب معالجة ربما تستغرق وقتا طويلا ولكنها ضرورية, وما لم نبدأ بها فورا فإن المجتمع سيظل يعاني, خاصة أن المسألة تتعلق بالتطرف الديني الذي يدفع إلي إنتهاج العنف بعد تكفير الأخرين . وهناك جذور اقتصادية واجتماعية وثقافية بالتطرف الديني الذي يتشكل في ظل الفقر والبطالة وفي الأحياء العشوائية ، وهي بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها ، ولا توفر له التعليم الكافي أو النسق الأخلاقي المناسب, مما يسهل اصطياده وتلقينه أفكارا خاطئة وخطيرة تنسب إلي الدين, والدين منها براء مثل تكفير الأخرين ، وتبرير العنف والقتل . . أما عن وسائل الإعلام المختلفة والتي فقدت رسالتها المهنية منذ سنوات عديدة وأصبحت خاضعة لأصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال ، وهمهم الوحيد هو الكسب المالي والمصالح الشخصية دون النظر لمصلحة الوطن .. السؤال هنا:- لماذا لا تلعب وسائل الأعلام المختلفة دورها المهني والوطني والايجابي ؟، وهو دورا كبيرا وهاما ، ولا يستهان به في هذا الصدد لتعريف الناس بما يعيشه المجتمع من مشاكل وأسبابها بطريقة أكاديمية مهنية ، وكيفية علاجها, وتقديم المثل والقدوة في كيفية إجراء الحوار, واستافة العلماء والمشايخ المتخصصين والمخلصين لشرح الدين علي نحو صحيح يساعد الناس علي السلوك القويم. أما عن دور المدرسة والجامعة فهو الأهم والأعظم في القيام بدور أساسي في التربية السليمة وتنشئة الأجيال القادمة علي القيم السليمة الواعية وبالفهم المستنير للدين.