تحقيق :رفيدة الصفتي: تتغير معالم الجسد ويبدون لوهلة أنهن كبرن ويجب أن ينصعن لأوامر آبائهن، الذين يستخدمون الشدة والحبس تارة، والعنف والإجبار تارة أخرى في مرحلة المراهقة.. وهو ما ينتج نساء مشوهات يؤثرن بشكل سلبي على أطفالهن فيما بعد. فبدلاً من أن تعيش الابنة معززة مكرمة في بيت منزلها أصبحت تتحين الفرصة التي تخرج فيها من المنزل الذي سبب لها كبتًا لحريتها، وقتل شخصيتها، وحرمها الحب بسبب سوء المعاملة والقسوة. في حين يرى الآباء أن الضغط أو الشدة حلا لإصلاح بناتهن بعد فترة الطفولة المُتّسمة بالدلع والحرية المطلقة حتى يَكُن أسوياء– من وجهة نظرهم- إلا أن الواقع سرعان ما يكشف الحقيقة، بعد نفور البنات أو هروبهن، أو يصبحن ذات شخصيات ضعيفة في الحياة، وفاشلة في تربية الأبناء. وترى الدكتورة نعمت عوض الله المستشارة النفسية والاجتماعية أن المراهق "شخص بالغ يحاسبه الله، وكل شغلنا إننا نربيهم قبل هذه المرحلة، وليس في هذه المرحلة، وما يفعله الآباء هو ما يسمى بالتربية المقلوبة". وقالت: "للأسف الآباء تدلع البنت وهي صغيرة، لكن لما يلاقيها قدامه عروسة بيبقى عايز يعلمها.. المفروض يبدأ يعلمها وهي صغيرة، مش يسيبها براحتها ويقول أصلها عيلة، وبعد كده يفرض عليها قراراته". وأضافت: "قلة الخبرة وقلة السنين مع الشدة من الآباء ينتج عنها أشياء سيئة في كل الاتجاهات، وممكن يؤدي الأمر إلى إن البنت تنطوي وتستعمل الإنترنت وما أدراك ما هو، وتعيش في عالم تاني خالص، وفي نفس الوقت مبتعرفش تعيش وسط الناس، ممكن يبقى لها شخصية من خلال الإنترنت جميلة وكيوت وتعاكس وتحب، وهي في الحقيقة مش كده خالص". وتابعت المستشارة النفسية: "أو ممكن تفلت وتعمل اللي على كيفها، وأنا قابلت بنات سابوا بيوتهم وهربوا وكانت لهم شخصية مختلفة تماما عن شخصية أهاليهم، بتكون شخصية تانية خالص". وعما يجب فعله، نصحت عوض الله أن تكون العلاقة بين الآباء وبناتهن المراهقات قائمة على "المصاحبة والنصح بمحبة، ومحدش يربي المراهق لأنه بيحاول يثبت للكون كله أنه شخص مستقل له آراء وأفكار". وأوضحت أن المراهق "يرفض ويتحدى، ويطلع أشكال غريبة مثل اللبس وتسريحة الشعر والحركات الغريبة، من باب إثبات الذات، كما يجب على الآباء أن يتقبلوها". وأشارت إلى أن "الابنة لو كانت ضعيفة، وتقبل إساءة والدها فإن شخصيتها ستكون فاشلة، ولن تتعود على أنها تفكر وتقلب البدائل، بل بتخلق بني آدمة زي قلتها.. إنسانة مش هتقدم أي إضافة لا للزوج، ولا للأولاد، ولا لأي حد، ومش هتعرف تربي أولادها وهيطلعوا سلبيين أو مفتريين". وأضافت عوض الله: "كل شيء لازم له ميزان، ويجب مسك العصا من المنتصف، لأن أنا لو مش موزون الميزان بيميل للناحية دي أو دي، فإما أن يكون الأبناء سلبيين مع الأم الضعيفة، أو مفتريين يلومونها على تربيتها، وده اللي العلم بيقوله، لكن إرادة ربنا حاجة تانية ولازم أعمل اللي عليا". ومن جانبها وجهت الدكتورة دعاء راجح مستشارة العلاقات الأسرية والاجتماعية نداءً عاجلًا إلى الآباء بأن الحفاظ على البنات لا يكون بالشدة والحبس والغلظة والمنع وإجبار البنت على لبس معين وإنك تكسر للبنت ضلع، انت كده بتكسرها، بتكسر قلبها وتخليها ضعيفة أدام أي حد يقولها كلمة حلوة أو حتى يبص لها بصة إعجاب من وراء الشبابيك المغلقة". وتابعت في تدوينة لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ياما شفت بنات تتفنن في الإفلات من الحظر المفروض عليها، وبتعمل بلاوي من ورا أهلها، انت كده بتقفل عقلها وتخليها شايفاك أنت نموذج للرجولة، وبعد كده تقبل أي واحد يتقدم لها هروبا من نارك، ويمكن كمان تقبله زيك وتلاقيها تقبل منه الإهانة والضرب والخشونة وكأن دا هو الطبيعي". وأضافت موجهة حديثها للأب: "انت كده بتقتل شخصيتها وبتخليها تحس إن لا وجود لها بذاتها إلا في ضل راجل، فتتعلق بزوجها تعلق الغرقان بالقشة مهما كان سوء خلقه وسوء تعامله معاها انت كدة بتخلق أم ضعيفة نفسيا مش هتقدر تربي أولادها تربية سليمة سوية". ونصحت راجح الأب بأن "يحاوط الابنة بحضنك، بدل ما تحاوطها بالجدران، امنحها حبا وحنانا بدل التكشيرة والصراخ، كن صديقا آمنا تقدر تحكيلك كل حاجة وهي حاسة بالأمان انك مش هتصرخ فيها، اديها حرية وحط لها حدود واضحة وقللها على أد ماتقدر علشان ماتحسش انها زي العصفور اللي بيطير جوه القفص". وأوضحت: "عايز تحافظ عليها خليها تفهم الغلط وتفهم هو ليه غلط، خليها تتجنب الغلط حبا فيك وخوفا انك تزعل منها مش خوفا منك، اجعل سلطانك عليها هو سلطان الحب وليس سلطان القهر، حبوا بناتكم علشان يقدروا يشيلوكوا في كبركم، ماتخليهاش تحس في يوم من الأيام انها بتتمنى موتك وهي في بيتك، ومش فارق معاها موتك لو في بيت جوزها".