ظلت طيلة حياتها مع زوجها تعمل وتكد وتتعب ليضعا قرشاً على قرش يكفيهم لتوفير نفقاتهم اليومية، ولأن الحياة لا تبقى على وتيرة واحدة، توفى السند والظهر وتركها تسبح بأولادها الأربعة ضد تيار الفقر وإرتفاع أسعار المعيشة وغلاء تكاليف الزواج وقسوة الحياة ومرارتها. ولأنها تعلمت الصمود أمام الأمواج المرتفعة فلم تهاب ولم تخشى الغرق، فمهدت من الشارع سبيلاً لكسب العيش، ولم تجد أطهر من لقمة الخبز لتبيعها لكل من رغب تناول طعاماً تجد بين طياته رزقاً حلالاَ لها ولأبنائها. أم عبده كما يناديها الجميع أو ناهد على سيدة أربعينية، تجلس على أحد الأرصفة بمنطقة بولاق، وتفرش أمامها كمية من الخبز تخرج فى السابعة صباحاً، وتعود إلى منزلها بعد إنتهائها من بيعه فى الوقت الذى يقدره المولى عزوجل. تقول أم عبده لدى بنت متزوجة، وأخرى حاصلة على قدر من التعليم توفقت عند الصف الأول الإعدادى وثالثة غير متزوجة أيضاَ، وإبن 22 سنة حاصل على دبلوم، ويعمل على توك توك سائق، فيوم يعمل ويومان لا يجد عمل، لأننا لا نملك ثمن شراء توك توك خاص به. وأضافت، كل ما أحصل عليه من الدولة 360 جنية شهرياً معاش أيتام، ولأنى أم لإبنتان على مشارف الزواج أقترض بإستمرار لأوفى متطلباتهم ونفقات علاجى بعد إجرائى عملية قدم سكرى قبل شهر رمضان الماضى بأيام قليلة، وعاودت إجراؤها مرةً أخرى منذ أسابيع. وواصلت "ناهد" حكايتها المأساوية وقالت، إخوتى قاموا بتزوير إمضاء أبى بعد وفاته، وباعوا بيته الذى كنت أسكن فى شقة فيه مساحتها 60 متر عبارة عن غرفة وحمام ومطبخ منذ زواجى، بدون علمى، ولم أحصل على نصيبى من الإرث، وتركونى للمالك الجديد ليعذبنى ويحملنى أكثر من طاقتى. حيث أدفع شهرياً 60 جنية إيجار "قديم" وبالرغم من أنى مريضة وأرملة لم يرحمنى مالك المنزل، فقام بفتح محل أسفل النافذة، ولا أستطيع حتى نشر ملابسنا بعد غسلها، فشقتى دور أرضى. وحتى يضيق علينا الحياة قام بسد "المنور" الذى كنا نتنفس منه بعض الهواء، وغرمنى تغير ماسورة الصرف الصحى التى تكلفت عليً 1500 جنية. ولم يكفيه ما بى من عذاب، بل يطالبنى بالخروج منها حيث المجهول أنا وأبنائى، ولا متوى لنا. وفى نهاية حديثها قالت "أتمنى حد يساعدنى فى زواج البنات، أو يوفر لى أى مساعدة للتغلب على مشاق الحياة.