فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مسئولة أممية أمام مجلس الأمن: الكلمات تعجز عن وصف ما يحدث في غزة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    بعد اتهامه بدهس سيدتين.. إخلاء سبيل عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    مفاجأة.. شركات النقل الذكي «أوبر وكريم وديدي وإن درايفر» تعمل بدون ترخيص    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    «بلاش انت».. مدحت شلبي يسخر من موديست بسبب علي معلول    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : تهيئة المرأة للمشاركة في اتخاذ القرارات
نشر في الزمان المصري يوم 20 - 05 - 2014

في عالم اليوم هناك مفارقة عجيبة على مستوى أنظمتنا، إننا في حاضر نصفق فيه لعلو شان الديمقراطية، في الوقت الذي نرثي فيه الواقع القائم في بلدان كثيرة ولعل الدول النامية أولها، والمتمثل في أن البرلمان وهو المؤسسة الأساسية للديمقراطية، يواجه أزمة تتصل بالشرعية، إذ تسيطر السلطة التنفيذية على أجندته، كما يؤدي التعاون الدولي وما يعرف الآن بالعولمة إلى إتباع إجراءات لصنع القرار لا تتبع الأسلوب الديمقراطي، في حين يشكك الجماهير فيما إذا كانت الإجراءات السياسية الحالية قادرة حقا على إفراز برلمانات تستطيع أن تخدم مصالحهم على تنوعها. إذن يعتبر الحكم الشفاف أساس الديمقراطية التشاركية وحجر زاوية لتحقيق مطالب المواطنين، فمن حق المواطن أن يعيش في ظل حكم شفاف وهو إذن يعد واجبا أساسيا من واجبات البرلمانات والسلطة التنفيذية وغيرها ممن يقوم بتنفيذ المهام والأدوار الرسمية، وفي غياب الديمقراطية فإن المشاركة الكاملة والحكم الرشيد والمسؤولية سوف لن تحقق ومن ثم سينتشر الفساد.
وفي ظل ما سبق تواجه البرلمانات تحديات جمة منها العلاقات المتغيرة التي تربط البرلمان بالجمهور ووسائل الإعلام والسلطة التنفيذية وحتى المنظمات الدولية، كما تواجه أيضا مشكل التمثيلية أي تمثيل جميع فئات المجتمع من رجال ونساء وأقليات ومجموعات مهمشة إذ يشمل التمثيل الفعال الوقوف على المصالح المنافسة لهذه المجموعات والمواءمة بينها وضمان حقوق متساوية لكل البرلمانيين لا سيما المنتمين إلى المعارضة، أمام كل هذه التحديات، لكي يصبح البرلمان مؤسسة سياسية ديمقراطية يجب أن يكون تمثيليا شفافا ومستقلا مراقبا لعمل السلطة التنفيذية،أن تمكين المرأة داخل مجتمعها، يعد ركيزة أساسية لتقدم هذا المجتمع كما أن تطوير واقع المرأة المسلمة وتحرير طاقاتها، لا يمكن تحقيقه دون وجود منظومة من التشريعات القائمة على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وإدماج قضايا المرأة في أوليات خطط وبرامج التنمية الشاملة، وفي إطار هذه السياسات لا بد من توعية المجتمع بقضايا المرأة، وقدراتها التي تخولها المشاركة في صنع القرار على مختلف المستويات، بما يعزز دورها الإيجابي في الأسرة والمجتمع.. ولتحقيق مثل هذه السياسات العامة، تلجأ منظمة المرأة العربية إلى وضع خطط وبرامج، تعتمد المنهجية القائمة على تحليل المواقف، وتحديد الأهداف والأوليات وآليات التنفيذ.
ويأتي في إطار هذه الأوليات العمل على رفع قدرات المرأة العربية، وتمكينها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وقانونياً في المجالات التالية: – في مجال التربية والتعليم: حيث تعطى الأولوية في ذلك للقضاء على الأمية، من خلال اعتماد آليات تنفيذ تقوم على اتخاذ تدابير تضمن إلزامية التعليم، ودعم نظام تعليم الكبار عبر برامج خاصة تستخدم أساليب التعليم عن بعد. – في مجال الصحة والبيئة: حيث تعطى الأولوية لتعزيز البرامج الوقائية، التي تحسن من صحة المرأة، وإدماج الصحة الانتخابية في البرامج التنموية للمجتمعات المحلية، وأيضاً زيادة وعي المرأة بالمخاطر البيئية، وانعكاساتها على صحة أفراد الأسرة.
- في مجال الإعلام، حيث تبدو الأولويات في ذلك:
أ- العمل على مكافحة الصورة السلبية للمرأة، واستبدال صور متوازنة تعزز بها دورها الإيجابي في المجتمع ومشاركتها في التنمية، على أن يتم ذلك عبر آليات تنفيذ تعتمد تشكيل مجموعات خبراء من الإعلاميين، تكون مسئولة عن مراجعة ما ينشر حول المرأة في وسائل الإعلام، وتوفير المعلومات والردود أيضاً، وتخصيص جائزة باسم المنظمة لأفضل عمل إعلامي يبرز دور المرأة الإيجابي، إضافة إلى إقامة برامج تدريبية للإعلاميين، تحثهم على إعداد برامج لتوعية المرأة بحقوقها وواجباتها الشرعية والقانونية، وعلى عدم تقديم المرأة بصورة سلبية، والعمل أيضاً مع وزارات التربية في الدول العربية، على إعادة النظر بالمناهج المدرسية، لإظهار المرأة كشريكة متساوية في بناء الأسرة والمجتمع.
- وفي المجال الاجتماعي: اعتمدت المنظمة على أسلوب التخطيط للنوع الاجتماعي، وتبني مفهوم التخطيط بالمشاركة، والتأكيد على تماسك الأسرة العربية لحماية المرأة والأسرة من المشكلات الممكنة.
- وفي المجال الاقتصادي: تعتمد المنظمة إعطاء الأولوية لمشكلة الفقر، والعمل على خفض نسبة الفقر وتخفيض أثاره على المرأة، خاصة في القطاع الريفي، من خلال توفير فرص العمل والتدريب الملائمة للمرأة.. والتوسع في إقامة المشروعات الصغيرة والبرامج الأسرية المنتجة.
- وفي المجال السياسي: فإن أولويات المنظمة العربية هي دعم المشاركة السياسية للمرأة، من خلال زيادة نسبة تمثيلها في المجالس التشريعية ومواقع القرار، وأيضاً زيادة نسبة عضوية المرأة في الأحزاب والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني..
- أما في المجال القانوني: فإن أولويات المنظمة تعديل التشريعات التي تحول دون مشاركة المرأة العربية، وإزالة أشكال التمييز ضدها، وذلك عبر آليات تعتمد على إنشاء مجموعة قانونية عربية، تسعى لإزالة الفجوة بين النص القانوني والتطبيق الواقعي له.
لذا فإن أي خطط للقضاء على تحديات التنمية المجتمعية لابد أن تعتمد على مشاركة المرأة في التنمية وفي العمل الطوعي وفي مؤسسات المجتمع المدني.
مشاركة المرأة في التنمية
يتصل مفهوم المشاركة بمفهومي التنمية والتمكين اتصالاً وثيقاً ورغم حداثة مفهوم المشاركة النسائية، وارتباطه بتطورات حديثة في الحركة الاجتماعية بصورة عامة، والحركة النسائية بصفة خاصة، فإن ثمة أشكالاً من المشاركة التقليدية للنساء، وبصفة خاصة في مجتمعنا العربي لا ينبغي تجاهلها، بل إن أي دعوة لمشاركة المرأة المسلمة مرهونة في نجاحها، باستلهامها وارتباطها بأشكال المشاركة التقليدية المتجذرة في ثقافتنا، مع إفادتها في الوقت ذاته من المدلولات الحديثة لمفهوم المشاركة. ونستطيع أن نقول في هذا الصدد: إن المرأة بعامة، والمرأة العربية بصفة خاصة، ما تزال تستشعر الكثير من الضغوط المؤسسية الاجتماعية، التي تعوق مشاركتها في صنع القرار، إن مفهوم التمكين هنا، يشير إلى كل ما من شأنه أن يطور مشاركة المرأة، وينمي من قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف الأصعدة: المادية والسيكولوجية والاجتماعية والسياسية، ويتيح لديها كافة القدرات والإمكانات، التي تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها، ومن ثم الإسهام الحر والواعي في بناء المجتمع على كافة أصعدته.
مشاركة المرأة في التنظيمات غير الحكومية
يتمثل النشاط الأهلي للنساء في أنماط متعددة، من أقدمها وأكثرها شيوعاً الجمعيات الخيرية النسائية، وهي الجمعيات التي ترتبط بالبر والإحسان، وتحاول بالتالي ترميم وإصلاح العيوب ومعالجة المشكلات من موقف إصلاحي، وهي أكثر أصناف الجمعيات رواجاً وعراقةً. وهي تارة جمعيات خيرية "مختلطة" تساهم فيها نساء، وتارةً أخرى جمعيات خيرية نسائية صرفة، لا تعمل فيها إلا نساء.. وهناك جمعيات واتحادات نسائية، مرتبطة بأحزاب في السلطة أو خارجها، فإن كانت هذه الأحزاب خارج السلطة، فإنها قد ترتبط بالحركة الوطنية، وتربط نظرتها للمرأة بموقفها الإيديولوجي، أما تلك المنظمات التابعة لأحزاب في السلطة، فهي تتحرك في إطار الحزب، وتتسم بدرجة عالية من البيروقراطية. وتشير البيانات والإحصاءات المتوافرة على الصعيد العربي إلى ضعف المشاركة النسائية بصورة عامة، في التنظيمات والجمعيات الأهلية، فضلاً عن ضعفها في العمل النقابي، وتواجد المرأة أساساً على المستويات القاعدية دون القيادية، وبالتالي ابتعادها عن مواقع صنع القرار. كما تأتي هذه المشاركة في هذه التنظيمات، من فئات وطبقات اجتماعية معينة ممن يملكن الوقت والمال، وكذلك من فئات عمرية متأخرة نسبياً بعد سن الأربعين غالباً، حتى لا يكون هناك أطفال في حاجة إلى الرعاية، كما تتسم هذه التنظيمات في الغالب بالطابع الحضري، فتستوعب نساء الحضر، مما يعني تهميش قطاعات ومناطق وأجيال وطبقات اجتماعية، عن المشاركة في العمل الأهلي النسائي العربي، يؤدي ذلك حتماً إلى صياغة مضمون النشاط الأهلي، في إطار أنساق فكرية وثقافية وقيمية، لا تمثل الغالبية العظمى من النساء العربيات.
مشاركة المرأة في العمل التطوعي
تلعب النساء المسلمات دوراً بارزاً في مؤسسات العمل التطوعي والجمعيات الخيرية ويمكن للمرأة المشاركة في إدارة موارد العمل الطوعي خاصة وأنها تمتلك المهارات الإدارية والقدرة على التخطيط، كما يمكن أن تلعب دوراً بارزاً في تطوير هذه الموارد، عن طريق تشغيل هذه الأموال واستثمارها. لذا فإن أداء هذه الأدوار من قبل المرأة يعمق من خبرات النساء العاملات، ويطور قدراتهن الإبداعية والابتكارية، ويكسبهن العديد من المهارات، ويزيد من نطاق تفاعلهن، كما يساعد على حل بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، الناجمة عن التغيرات العالمية والمحلية في المجتمعات العربية، وعلى رأسها مشكلة البطالة والفقر، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى أنها ستكون قادرة على تفهم مشاكل العديد من النساء، مما سيتيح لها المساهمة في تحسين الخصائص المختلفة، لقطاع عريض من النساء في المجتمعات العربية، ومنها الخصائص التعليمية والاقتصادية والأسرية والصحية. وفي الحقيقة توجد عدة أسباب، تدعو إلى إشراك المرأة إشراكاً كاملاً في صنع القرار الاقتصادي في المؤسسات الخيرية، لأن للمرأة مهارات تناسب العمل التطوعي، وتتناسب بشكل خاص مع مبادئ الإدارة العصرية، إذ اكتسبت المرأة العديد من تلك المهارات من واقع خبرتها في إدارة مواردها الشحيحة ووقتها الضيق، وفي قيامها بمسؤولياتها المتعددة، وتوفير الرعاية والقيام بالعمل دون أجر داخل الأسرة، وهذه القدرة على القيام بعدة مهام في الوقت نفسه ثمينة جداً، يمكن استثمارها من خلال إشراك مساهمة المرأة في مؤسسات العمل التطوعي، كما يدفع ذلك إلى زيادة نسبة تمثيل المرأة في الهيئات المانحة والمتلقية لأعمال البر والخير، حيث سيتيح ذلك للمرأة القيام بدور حيوي، خاصة في إيصال العديد من الخدمات التي تلبي احتياجات المرأة، كما تقوم المنظمات النسائية بدور أساسي في تفعيل مشاركة المرأة مع هذه الجهات، خاصة من ناحية تأهيل وتدريب المرأة على المهارات المهنية والفنية، التي تتطلبها أنظمة العمل في هذه المؤسسات.
وبناءً على ذلك يمكن توصيف الدور التنموي للمرأة العاملة في الجمعيات الخيرية بأنه:
- دور قيادي يتمثل في تأسيس عديد من المشروعات الإنتاجية والمشاركة مع القطاع الخاص في تنفيذ العديد من المشروعات لدعم الاقتصاد وتحقيق التنمية الاجتماعية.
دور تفصيلي لأدوار المرأة، يتمثل في التدريب وحل المشكلات وإقامة المشروعات، وإيجاد فرص عمل متزايدة لقطاع عريض من النساء في القطاعات الريفية والحضرية.
دور تنشيطي لبرامج التنمية للارتقاء بخصائص المرأة، من خلال التمويل لعديد من البرامج وتأسيس مشروعات خدمية، للارتقاء بالخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمرأة.
وحتى تتعزز مشاركة المرأة في مؤسسات الخير ، يجب أن تتوفر للمرأة عدة متطلبات أهمها:
- توفير الوقت الكافي واللازم، للإشراف والإدارة على الأعمال والمشروعات ومتابعة طرق الأداء بها وتنسيق خدماتها.
- القدرة على الإبداع والابتكار في مجال العمل الخيري، وتحقيق القدرة المالية للمؤسسات الخيرية، عن طريق بلورة أفكار لبرامج ومشروعات استثمارية، خاصة بالنسبة للمنظمات النسائية المتلقية لهذه المساعدات، مما يساعد على تطوير الموارد الذاتية، أو المساعدات المقدمة من مصادر خارجية.
دور المرأة التنموي في البلدان الإسلامية
نستطيع إيجاز واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية فيما يلي:
"ضعف العلاقة التبادلية بينها وبين المجتمع. حيث همش دورها العام المستغَّل داخل المنزل، كما هُمش واستغل مجال عملها خارج المنزل في الزراعة، والرعي، وقطاع الخدمات فيما بعد". وقد نتج هذا عن الوضع الاقتصادي العام المتمثل في تفاقم البطالة المُقَنَّعة، والأعمال الهامشية التي يكون للمرأة فيها النصيب الأكبر. وإذا أضفنا لذلك غياب الوعي الاجتماعي المتكامل لأهمية دور المرأة في التنمية، وفقاً للمفهوم الشامل الذي يتخطى المواضيع الكمية والأعمال القياسية، فقد تتضح الصورة بشكل أكبر:
فإن ما تقوم به المرأة كزوجة أو كَرَبَّة منزل أو كأم طوعاً، له من غير شك قيمة اقتصادية فعلية، وليس هو من تحصيل الحاصل. والدليل على ذلك أن ما تقوم به المرأة في الأرياف، ومناطق البداوة الزراعية حتى الآن، هو في أساس اقتصاد هذه المناطق. أما في المدن والمناطق الحضرية، فيتخذ شكلاً أكثر تأكيداً على قيمة عمل المرأة المنزلي اقتصادياً، بسبب استعانة العديد من الأسر بالخدم المأجورين، أو ببعض مؤسسات الخدمات الاجتماعية المساعدة، (مطاعم، وجبات جاهزة، محال تنظيف وكي،… إلخ)، لتقديم بعض الخدمات مقابل أموال تدفع لهم. وهو دليل على أن ما تؤديه المرأة له أضعاف قيمة أي جزئية يستعان بالغير لتقديمها، وبالتالي فعمل المرأة المنزلي يحقق نتائج ذات عائدية أساسية على الاقتصاد، وعليه فقد اعتمدت منظمة العمل الدولية في مؤتمر بِكِّين الشعار التالي: "كل امرأة هي امرأة عاملة". وهو ما ينقلنا إلى المرأة ذاتها، التي لم تبحث في مسألتها الأساسية، ضمن رؤية لنفسها على أنها مورد إنساني وطني، تتوزع طاقاته وقدراته في مختلف المجالات والفروع، بل استغرقت في نضالها المطلبي، وانساقت وراء جزئيات متفرقة: تحررها من اضطهاد الرجل، أو المساواة به في جميع الميادين، أو تعديل التشريعات والنصوص، أو الخروج من مملكة المنزل إلى مملكة العمل بصرف النظر عن نوعه ومردوده، أو التحول إلى ربة منزل عصرية بالمفهومين التقليدي والاستهلاكي معاً، أو… إلخ. أي أنها -وعلى رغم أهمية ما سعت إلى توجيهه وضرورته وفقاً لرؤية حيادية منطقية تتوافق مع المنطق والعقل، ولا تتنافى مع الأديان والشرائع- أغفلت إلى حد ما التركيز على القضية الأصل، أو المرتكز الأساس في كل هذا وهي أن المرأة تعد إنساناً ومواطنة عاملةً تسهم في الاقتصاد وفق قيمة مقاسة، سواءً أكانت تعمل داخل المنزل أو خارجه، وذلك وفقاً لما تحققه من نتائج.
تعليم المرأة لتمكين الأطفال
وعليه فقد نستطيع القول: إن المشكلة الرئيسة التي لها انعكاساتها السلبية على تمكين المرأة من الأداء الفعّال في النشاطات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة تتمثل في قصور تعليم المرأة. ولاشك أن تعليم المرأة سيؤثر بالضرورة على أسرتها وعلى تمكين أطفالها للدخول بكفاءة في ميدان العمل للأسباب التالية:
- قيامها بتنشئة أطفالها، وترسيخ مكارم الأخلاق والقيم في نفوسهم، وتنمية الشعور بالمسؤولية داخلهم.
- السهر على راحة أفراد أسرتها، بشكل يزيد من نشاطهم الاقتصادي وإنتاجيتهم.
- إدارتها لشؤون المنزل من حيث نمط الاستهلاك العائلي (ترشيد الاستهلاك)، نمط الإنفاق في ميزانية الأسرة.
وتتجلى أهم آثاره في النشاط الاقتصادي المباشر من خلال:
- التعداد الكمي للمتعلمات داخل سوق العمل، وازدياد فرص وصولهن إلى الأعمال المناسبة.
- شرائح الأعمال الإنتاجية والخدمية المباشرة وغير المباشرة التي تنتسب إليها المتعلمات.
- مستوى وعي المرأة بحقوقها، وكيفية الحصول على هذه الحقوق.
- فرص مشاركتها في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار واتخاذه.
هذا عدا عن الافتراض بأن تعليم المرأة، وعملها الذي قد ينتج عنه، سيؤدي إلى تحملها أعباء ومسؤوليات تفوق قدرتها وإمكانياتها، وتخرج عن إطار واجباتها، وهو ما قد ينعكس على سيادة قيم الاتكال والتراخي في نفوس الرجال، وزيادة الضغط النفسي والتوتر في حياة المرأة. إضافة إلى الاعتقاد، بأن التعليم يُفقِد المرأة فرصة الزواج المبكر، أو لا يُتيح لها الحصول على الزوج الذي يتحمل مسؤولية تكريمها واحترامها، بمنع تعرضها لمساوئ العمل خارج المنزل. إضافة إلى ضعف الارتباط بين مستويات التعليم وفرص العمل والمردود الاقتصادي، حيث إن العمل لدى القطاع العام، وأجهزة الإدارة العامة، والذي يستوعب غالبية العمل النسائي، قد انطلق من حق إتاحة العمل للجميع، في وظائف وأعمال لا تشترط مستويات تعليمية معينة، ولا تختلف معدلات أجورها بنسب كبيرة عن غيرها من المستويات عالية التعليم، وقد أدى هذا مع غيره من العوامل، إلى ترسيخ القناعة بانتفاء الحاجة إلى متابعة تعليم الأنثى.
وما يتبع ذلك من تفسير خاطئ للنص الديني في القوامة والأهلية، ومن كيانات وبنى تقليدية في أجزاء الريف، تتمتع بقوة تتجاوز حرمة النصوص الدينية، وفعالية النصوص الوضعية، ومن افتقار المناهج التعليمية لتصوير المرأة كمورد بشري ذي طاقة إنتاجية تسهم في النمو الاقتصادي، ومن انخفاض مستويات الدخول، والاضطرار لاستبعاد المرأة من التعليم توفيراً لنفقاته، أو إدخالها في سوق العمل مبكراً للمساهمة في دخل الأسرة…
1- تفعيل قدرات المرأة المسلمة الذاتية ودعم مهاراتها :
وتتمثل أهم الوسائل والأدوات في التعليم والتدريب، من حيث التوجه نحو الكم والنوع في آن واحد، ومراعاة العوامل المسببة للفجوات الحاصلة فيها، من حيث: الموروث الاجتماعي، تكلفة فرصة التعليم ونفقاته، التوازن ما بين التعليم والعمل، مضمون مناهج التعليم ومعلوماته. وذلك من خلال: وضع وتنفيذ خطة ثقافية تنموية، هدفها توضيح الفهم الديني الصحيح لدور المرأة المسلمة، وأهمية تعليمها ومشاركتها، وشرح وإثبات نتائج تعليمها وعملها على الأسرة والمجتمع. وذلك بالاستعانة بمختلف الأطراف الاجتماعية من دعاة، زعماء أحياء، مراكز استقطاب، رؤساء منظمات، قادة غير رسميين، رجال أحزاب، الإعلام.. إلخ. – توفير المجانية الفعلية للتعليم العام والفني، من حيث (مستلزمات الدراسة، كتب، ملابس، مواصلات، دروس تقوية، هبات مالية لمتابعة الدراسة..)، وذلك بعد تعديل مناهجه وتطويرها، لتخرج عن الإطار التقليدي لتوزيع أدوار المرأة، وتكرس أهمية العلم والمعرفة، وتتحول إلى مدخلات تنتج مخرجات يمتصها سوق العمل ويسعى إليها. ورفد كل ذلك باشتراط خصائص تعليمية ومهارات فنية معينة أثناء التوظيف في القطاعات المختلفة، أو أثناء الترخيص بإقامة مشاريع خاصة.
2- مساعدة المرأة في تحقيق التوازن بين دوريها الأسري والإنتاجي :
من خلال توفير مجموعة الخدمات الاجتماعية: رياض الأطفال، مطاعم الوجبات السريعة، مؤسسات الخدمات المنزلية.. إلخ، وقد أثبتت الدراسات أنه في المناطق الفقيرة، أسهم توفير تسهيلات عامة من قبل الدولة، في زيادة فرص المرأة في العمل لكل الوقت ونصف الوقت.
3- مواجهة آثار الإصلاح وإعادة الهيكلة على المرأة :
بمراعاة تفاوت حيازة كل من الرجل والمرأة للموارد الاقتصادية، وتفاوت الأنشطة التي يعمل بها كل من الجنسين، والعمل على استهداف المرأة من خلال مشروعات تعمل على زيادة دخلها، نظراً لأن ناتج هذا الدخل يتم توجيهه بشكل كبير لخدمة الأسرة ورفع مستواها.
4- الإلزام والقسر على تعيين المرأة وترقيتها في بعض مواقع اتخاذ القرار وصنعه :
لذا ينبغي العمل على تخليص المرأة من قيود العادات والتقاليد والموروثات الشعبية المتخلفة، المضروبة حولها والمعيقة لمشاركتها في تنمية مهاراتها وقدراتها، ومن ثم تنمية المجتمع ككل، ولعل جهود تنمية المرأة ينبغي أن تبدأ بالتعليم، ثم تمتد لتشمل التدريب الفني والتأهيل والتثقيف، الذي يتواكب ومستجدات العصر من علوم وتكنولوجيا ومعلومات.
وقد أشارت العديد من الدراسات، إلى أن ضعف القاعدة البشرية يتمثل بشكل أساسي في انتشار الأمية، وبخاصة بين الإناث، وضعف التعليم الجامعي، ونقص التدريب الفني، وتواضع مستوى التنمية البشرية، وبخاصة في البلدان العربية غير النفطية وقد يؤدي ذلك إلى تدني دافعية الجماهير العربية وخصائصها الفنية، وقدرتها على المشاركة بفاعلية في جهود التنمية، فينبغي لذلك الالتفات إلى هذه الناحية المهمة أولاً كخطوة أساسية للإقدام على أي برنامج يهدف إلى تحقيق التنمية البشرية العربية.
لا نبالغ إذا قلنا: إن المرأة في وطننا العربي والإسلامي، هي من أكثر الطاقات المهمشة في عملية التنمية، فلا زالت حتى اليوم لا تتمتع -في معظم المجتمعات العربية- بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الرجل، وظلت النظرة الأكثر انتشاراً، هي تلك النظرة التي تنظر إلى المرأة بوصفها كائناً لا يصلح سوى لإنتاج الخام البشري، لكن ما يدعو إلى التفاؤل، أن هذه النظرة قد بدأت في التغير شيئاً فشيئاً، وسط ضغوط احتياجات العصر للمزيد من الموارد البشرية المدربة، والمؤهلة للتصدي لجميع التحديات التي يحملها العصر بين ثناياه، ويظل وطننا العربي بوضعه الحالي، أكثر حاجة لإشراك نسائه في خطط وعمليات التنمية، وإدماجهن في مشاريعها الرامية إلى تحسين نوعية الحياة، وتأسيس بيئة أفضل لنمو الجنس البشري، بحيث يمتلك التعليم والتدريب والتأهيل الملائم، لمجابهة تحديات العصر الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وغيرها. ولا يتم ذلك من دون التعبئة العلمية والتخطيطية الشاملة والدائمة للموارد الإنسانية، التي هي هدف من أهداف السياسة الإنمائية، لذا كان لابد من التأكيد على أهمية الإفادة من جميع الموارد البشرية في جميع القطاعات، فعملية التنمية تحتاج إلى تسخير كل الطاقات المادية والبشرية، ولعل أهم عملية استثمارية تقوم بها أية دولة -نامية على الأخص-، هي تنمية مواردها البشرية،
ولا شك أن المرأة في المجتمع -كما هو متعارف- تكوّن نصف الموارد البشرية، التي يعتمد عليها في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى دور المرأة في تكوين شخصية أطفال المجتمع، أو بمعنى آخر في تنمية الموارد البشرية الصغيرة، ويقصد بالمشاركة التنموية، تلك الجهود والإسهامات التي تبذلها المرأة، سواء اتسمت بالطابع الاقتصادي، أو الاجتماعي، والتي تؤدي إلى إحداث التغيير الاجتماعي، وتسهم في تحقيق درجة ما من التقدم الاجتماعي. وتؤكد العديد من الدراسات، على أن من بين مؤشرات تقدم المجتمع، مساهمة نسائه في النشاط الاجتماعي والاقتصادي، بل هناك آراء ترى أن أي خطة تنموية، لابد أن تعتمد في جهودها على مشاركة المرأة بجانب الرجل، بوصفها نصف القوى البشرية في المجتمع، لذلك فإن تخلف مجتمعنا العربي، يعزى بلا شك إلى اقتصاره في مجهوداته التنموية على قوى الرجل، مهمشاً لدور المرأة ومستبعداً لأهمية هذا الدور، فظلت المرأة في تخلفها، ولم تتمكن المجتمعات من تجاوز أزماتها الاقتصادية والاجتماعية لحقب طويلة من الزمان،
إن عملية التنمية عملية متكاملة، تهدف للارتقاء بالعنصر البشري دون تمييز بين فئاته، ولذلك ينبغي أن تستوعب في خططها كل فئات المجتمع، فنسق القيم من شأنه محو صورة المرأة السلبية، المتخلفة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وإحلال صورة المرأة المثقفة الذكية الواعية الإيجابية، المشاركة في الحركات التنموية المختلفة محلها، كما أنه بالمزيد من الوعي المجتمعي، يتضح الإطار الاجتماعي للعمل والإنتاجية، والدور الاجتماعي للفرد، فيسهل بذلك تحقيق أهداف السياسات التنموية، دونما تفريق في توظيف القدرات البشرية لجميع فئات المجتمع. وحيث أن نسبة مساهمة العاملات السعوديات في سوق عمل القطاع الخاص مازالت دون المستوى المأمول في حين ازدهر تعليم وتأهيل المرأة السعودية داخل وخارج المملكة، فإن الوزارة تلجأ إلى تفعيل آلية الحوار الثلاثي مع الشركاء الاجتماعيين (ممثلي العمال-اللجنة الوطنية للجان العمالية، وممثلي أصحاب الأعمال-مجلس الغرف التجارية والاقتصادية) لتوفير أرضية تشاركية للنقاش وطرح الأفكار والرؤى حول توفير سبل الدعم للمرأة العاملة والتأهيل لتوظيفها وتسهيل اندماجها في سوق العمل وتطوير أدائها، وتمكينها من تحقيق التوازن المطلوب بين دورها الوظيفي التنموي وواجبها الأسري التربوي. وتعتبر ارتفاع معدلات البطالة النسائية وضعف نسبة مشاركة المرأة في القطاع الخاص مع زيادة عدد الراغبات عن العمل – وفق ما افرزته بيانات حافز- أبرز التحديات التي تواجه عمل المرأة. ومن هنا يسعى منتدى الحوار الاجتماعي في نسخته الثالثة إلى بحث معالجة هذه التحديات تنفيذا للأمر الملكي أ/121 والذي تضمن موافقة المقام السامي الكريم على الخطة التفصيلية والجدول الزمني للحلول العاجلة قصيرة المدى والحلول المستقبلية لمعالجة تزايد أعداد الراغبات للعمل،
إذ تضمن أن على وزارة العمل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا الأمر الملكي، إضافة إلى تنفيذ قرار مجلس الوزراء 120 بشأن فتح فرص ومجالات عمل للمرأة. إشكالية التسييس التي تجلّت عندما سخرّت السلطات الحاكمة كافة أنماط الخطاب الثقافي لخدمة سياساتها، ومن ثم جرى إدماج ما يتعلق بثقافة "التطوع" ضمن ثقافة الهيمنة التي فرضتها الدولة، كما خضعت البنى المؤسسية "للأعمال التطوعية" للتفكيك وإعادة الهيكلة والتنميط وفقاً للمسطرة الحكومية. ولما كانت الجماعات الحاكمة في النظم الثورية خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، قد تبنت أيديولوجيات سياسية مفارقة في كثير من جوانبها للتراث السياسي والثقافي للمجتمع، فقد تفاقمت إشكاليات "تسييس" ثقافة التطوع؛ إذ ضاق الفرق بين ما هو طوعي وما هو إجباري حسب منطق السلطة، وهُمِّشت الثقافة الدينية، أو اُختزلت في أفضل الحالات في مقولات مؤيدة لسياسة الدولة؛ الأمر الذي أدى إلى ضمور "ثقافة التطوع" بعد تهميش منبعها الأكبر؛ وهو الثقافة الدينية الأصيلة. *إشكالية التسييس التي تجلّت عندما سخرّت السلطات الحاكمة كافة أنماط الخطاب الثقافي لخدمة سياساتها، ومن ثم جرى إدماج ما يتعلق بثقافة "التطوع" ضمن ثقافة الهيمنة التي فرضتها الدولة، كما خضعت البنى المؤسسية "للأعمال التطوعية" للتفكيك وإعادة الهيكلة والتنميط وفقاً للمسطرة الحكومية. ولما كانت الجماعات الحاكمة في النظم الثورية خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، قد تبنت أيديولوجيات سياسية مفارقة في كثير من جوانبها للتراث السياسي والثقافي للمجتمع، فقد تفاقمت إشكاليات "تسييس" ثقافة التطوع؛ إذ ضاق الفرق بين ما هو طوعي وما هو إجباري حسب منطق السلطة، وهُمِّشت الثقافة الدينية، أو اُختزلت في أفضل الحالات في مقولات مؤيدة لسياسة الدولة؛ الأمر الذي أدى إلى ضمور "ثقافة التطوع" بعد تهميش منبعها الأكبر؛ وهو الثقافة الدينية الأصيلة.
**كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.