محمد معيط: لم أتوقع منصب صندوق النقد.. وأترك للتاريخ والناس الحكم على فترتي بوزارة المالية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    القوات الأمريكية تبدأ عملية عين الصقر ضد داعش بسوريا    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    عمر معوض: هذا ما قاله توروب للاعبين قبل مواجهة سيراميكا    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة عنيفة بفندق بالقاهرة الجديدة    سوء الطقس في عدة دول.. سبب تأخر إقلاع رحلات مصر للطيران من مطار القاهرة    بحضور رئيس الأوبرا وقنصل تركيا بالإسكندرية.. رحلة لفرقة الأوبرا في أغاني الكريسماس العالمية    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    وزير الحرب الأمريكي يعلن بدء عملية عسكرية في سوريا ضد "داعش"    بريطانيا واليونان تؤكدان دعم وقف إطلاق النار في غزة    مصر تتقدم بثلاث تعهدات جديدة ضمن التزامها بدعم قضايا اللجوء واللاجئين    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    "القاهرة الإخبارية" تكشف تفاصيل قصف مدرسة للنازحين شرق غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    أرقام فينشينزو إيتاليانو مدرب بولونيا في آخر 4 مواسم    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    كأس عاصمة مصر.. قائمة شباب بيراميدز لمواجهة الجونة    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة تطالب بإنهاء مشكلات الضرائب وفتح استيراد الليموزين    برودة شديدة ليلًا وشبورة صباحًا.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس السبت 20 ديسمبر 2025    موعد أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل عروس المنوفية    الكاتب المجرى لاسلو كراسناهوركاى فى خطاب الفوز بنوبل |عن الأمل .. والملائكة والكرامة الإنسانية    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    عمرو عبد الحافظ: المسار السلمي في الإسلام السياسي يخفي العنف ولا يلغيه    تحذير عاجل من الأرصاد للمواطنين بشأن هذه الظاهرة غدًا(فيديو)    «دولة التلاوة» يعلن نتائج الحلقة 11 وتأهل أبرز المتسابقين للمرحلة المقبلة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    القلق يجتاح «القطاع»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : حركة العصابات المنتظمة وشيوع الجرائم وتغييب القانون
نشر في الزمان المصري يوم 15 - 06 - 2012

يأتي دور الكبت الاجتماعي والبنية التقليدية المتزمتة للمجتمع ( والتي هي نتيجة أخرى لفشل التحديث) أو نتيجة التحديث المدمر والعشوائي الخالي من كل ضمان ضد الوحشية ، خاصة في التجمعات السكانية العشوائية الجديدة التي تفتقد لكل مقومات الوجود الاجتماعي الحضاري , والتي تتحول لمعسكرات لاجئين في أوطانهم , ومستبعدين من الحضارة , تضم في أكواخها مختلف أنواع المحرومين والمكبوتين والمحتاجين ....
من هنا وبسبب غياب الدول التام واستقالتها من كل مسؤولياتها ، سوف تشكل الأصولية الضامن الوحيد ضد اندلاع العنف والإجرام ، بواسطة تبنيها لمنظومة قيم موروثة وجاهزة ومحترمة وغير قابلة للنقاش والتعديل , قاسية ومتصلبة للدرجة التي تجعلها قادرة على حراسة انتظام الجماعة الشكلي الخارجي القسري والنمطي الماضوي , حيث يراد بها التغطية على حقيقة الصراع الداخلي العنيف والمطلوب كبته على الدوام ، حيث لا يمكن تصور إمكانية نجاح مثل ذلك الكبت في غياب الديمقراطية , والقدرة على التأثير على الدولة والسلطة وإجبارها على تحمل مسؤولياتها , بل لا بد في هذه الحال من اعتماد نظام قيمي متزمت غير مطروح للنقاش ومتفق عليه بداهة ومرفوع لدرجة التقديس ، محروس فقط بسلطة المقدس والانتماء العصبوي والتجمع الفاشي حول زعيم أو إمام ، حيث النظام السياسي يحتكر استخدام العنف لنفسه لخدمة أمنه هو وخدمة بقائه هو .
وهذا كله ينتهي بهذه التجمعات لتبني نظام عقلي و أيديولوجي متزمت ، فالأصولية تعوض عن غياب المضمون الحقيقي للوحدة الاجتماعية القائمة على الحرية والإرادة الحرة وحق الاختلاف والتسامح والحب والرغبة في المستقبل ، وتعكس حالة غياب وفقدان الحضارة وتحطم المجتمع المدني , ودمار المجتمع الأهلي التقليدي الريفي والمدني على السواء ، واقتصار مهام الدولة على وظيفة حراسة أمن واحتكار السلطة الفاسدة المؤبدة . لذلك تلعب المنظومة الدينية الموروثة بعد تشديدها ، دورا كبيرا في تغطية حاجة المجتمع للنظام , في ظل غياب الدولة الديمقراطية وسيادة القانون والقضاء النزيه والفعال ، الذي يمكن الاحتكام إليه ، فيستبدل كل ذلك بالنموذج القديم للتنظيم الاجتماعي ، الذي يقوم على الخضوع للقيم والتقاليد والشريعة ، التي يجسدها الإمام بشخصه هذه المرة وبطريقة فاشية .
ولما كان الدين منظومة متكاملة ومغلقة وشمولية ، ويتعمد منظومة قمعية جنسية ، كانت ضرورية في المرحلة السابقة ، كان من الطبيعي توقع العودة لوضعية دونية للمرأة ، والعودة لتوليد الكبت الاجتماعي والجنسي أيضاً .. وأركز بشكل خاص على اضطهاد المرأة ، وعلى الكبت الجنسي في مجتمع فتي وفقير ، وفي ظروف يستحيل فيها ممارسة الجنس بشكل منتظم لمجموع الشبان الذي يصلون سن البلوغ الجنسي بشكل مبكر نسبيا ، والذين يحتاجون للكثير من الموارد لكي يتمكنوا من ( الزواج الشرعي ) ، والواقعين تحت ضغط كل أشكال الإثارة الجنسية بسبب انتشار الإعلان ووسائل الاتصال .
فهذا القدر من الكبت قد يكون كافيا لتدمير التوازن النفسي وتعطيل طاقات الشباب. ( في القديم كان الدين يلعب الدور الأهم في تنظيم المجتمعات ، في حين كانت الدولة مجرد سلطة خارجية بعيدة ، وارتباط الدين بالكبت الجنسي كان ضروريا , في زمن كان فيه ضبط الغريزة الجنسية هو أهم عامل في تنظيم المجتمعات ، نظرا لغياب الدولة القانونية الحديثة بقدراتها الهائلة ، وفي ظروف حياة بدائية وقاسية ، فكل الحضارات القديمة قامت على استخدام الدافع الجنسي ، وازدهرت بمقدار قدرتها على ضبطه ، وهذا ما ترسخ في الديانات ، التي هي بحكم كونها ديانات تشكل منظومة عقلية قيمية مغلقة . تتطور بالقفزات وليس بالتدرج السلس ، وكل فتح وقفزة تتطلب ثورة من داخلها لإنجاز تطور نوعي فيها ، فهي تفتقد آليات التطور الذاتي المتدرج والتلقائي ، لكونها تعتمد المقدس ، ولكون المقدس شيء غير قابل للنقد والتشكيك ، فهو شيء افتراضي جماعي موروث تعاهدت الجماعة على تقديسه . وليس من السهل أبدا تغيير المقدس من دون حشد تأييد أغلبية الجماعة ومن دون حاجة حقيقية لفتح باب التغيير . ) وباستخدام درجة كبيرة من القهر السياسي و الكبت الاجتماعي والاقتصادي وبشكل خاص الجنسي ، يمكن تحويل الطاقة المتجمعة في الليبيدو نحو التزمت الفكري والتعصب .
ومن ثم توظيفها في إنتاج العنف السياسي ، فيأتي السلوك الإرهابي ليعبر عن درجة الاحتقان الداخلي ، الذي يعاني منه الشاب المحبط والمحروم والعاجز عن الحياة والتعبير ، والذي تصبح حياته عبارة عن جحيم يجب الخلاص منه نحو النعيم الأخروي ، حيث تتوفر له كل وسائل المتعة .. لذلك لا بد أيضاً من إجراء إصلاح ديني ، لكن هذا الإصلاح لا يمكن توقعه في ظروف الانغلاق والكبت والحاجة للوحدة الفاشية المتزمتة .. بل هو مرهون بشروط حياة أكثر مرونة وسهولة ، ومرهون بدولة قادرة على القيام بمسؤولياتها تجاه تنظيم الحياة الاجتماعية وتأمين السكن والعمل والضمان الصحي اللازم والأمن والسلم الاجتماعي .. وكل ذلك تعجز عنه سلطة الاستبداد والفساد والفقر والإفقار والنهب الوحشي والتخريب المتعمد لكل مناحي الاقتصاد ولكل مقومات الإنسان وقدراته .. فهي لا تكتفي بتحطيم الاقتصاد بل البيئة والبشر والثقافة والتعليم والوعي والعقل .. وهي كما توصف بأنها أسلحة التدمير الشامل الحقيقية , والتي تشكل العامل الرئيس في تهيئة الأرض لنمو ظاهرة الإرهاب . إن أهم سلاح يمكن استعماله في الحرب على الإرهاب هو سلاح الديمقراطية والحرية والانفتاح
**كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
الخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.