«المشاط»: مصر تحرص على توفير الحوافز لاستثمارات الشركات النرويجية    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأجهزة الكهربائية في السنغال    الإمارات تُرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين    الاستعدادات المصرية مستمرة في رفح.. آلاف الأطنان من المساعدات بانتظار الدخول إلى غزة    روسيا تستبعد عقد أي اجتماع بين بوتين وزيلينسكي قريبًا    الإيقاف يضرب ميسي وألبا| ثنائي إنتر ميامي يغيب عن مواجهة سينسيناتي بقرار من الدوري الأمريكي    بشومة هشمت رأسه.. تفاصيل التحقيق مع شاب قتل والده في المنيا    بث مباشر.. حفل تامر حسني والشامي في مهرجان العلمين 2025    بينها النعناع.. قائمة مشروبات طبيعية لتهدئه القولون    البحيرة تستعد لانطلاق امتحانات الدور الثاني لطلاب صفوف النقل| صور    إنقلاب سيارة بأرض زراعية في البحيرة ونقل مصابين إلى المستشفيات    الشيوخ اختبار الأحزاب    نقابة المهن الأخلاقية!    الإسماعيلي يفوز على سبورتنج في أول تجارب الفريق بالإسكندرية    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    كيف أحقق الثقة في الله؟.. يسري جبر يجيب    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    التحالف الوطني للعمل الأهلي: جاهزون لإطلاق قوافل الدعم والمساعدات إلى أهلنا في غزة    دراسة: النوم لأكثر من 9 ساعات يوميا قد يرتبط بمخاطر صحية    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    حرائق الغابات تحاصر ساحل البحر المتوسط في تركيا والحكومة تعلن منطقتي كوارث    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    لتنمية وعي الإنسان.. جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا حول الذكاء العاطفي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأصوليات الدينية وأسطورة الاستثناء الإسلامي
نشر في أخبار مصر يوم 04 - 03 - 2007

تحت عنوان الأصوليات الدينية وأسطورة الاستثناء الإسلامي" كتب "ولد أباه" في جريدة االشرق الأوسط يقول :
إيلي برناوي، مفكر ومؤرخ إسرائيلي معروف، وسفير سابق في باريس.. كتب مؤخرا كتاب بعنوان «الديانات القاتلة»، أثار ضجة هائلة خصص فيه فصلا كاملا «للأصولية الثورية الإسلامية» التي اعتبرها التهديد الأكبر الذي تعاني منه الإنسانية اليوم.
وينطلق برناوي في كتابه من أطروحة رائجة في الدراسات الانتربولوجية، مفادها أن الديانات الكتابية تتميز بتصوراتها الاقصائية العدوانية الناتجة عن فهمها الأحادي الوثوقي للحقيقة وتمسكها بنص مرجعي تحصر دائرة الحقيقة فيه، في مقابل الديانات الآسيوية التي هي أقرب لفلسفات عيش وأساليب حياة، أو الديانات الإغريقية الرومانية القديمة التي لم تكن سوى آلية من آليات الجسم الاجتماعي.
إلا أنه يذهب إلى أن الأصولية الراديكالية المسيحية لم تعد تطرح مشكلا، لأنها هزمت منذ عصور الإصلاح والتنوير في أوروبا، وقد كانت الديانة المسيحية منذ نشأتها تحمل جذور العلمنة بتصورها الثنائي للسلطتين الروحية والزمنية الذي أفضى في نهاية المطاف إلى إقصاء الدين من المجال العمومي، فتم تحييده وتقليم أظافره.
كما يرى أن الأصولية الراديكالية اليهودية قد هزمت بدورها نتيجة لقيام الدولة الصهيونية التي احتضنتها ضمن رمزيتها السياسية وهياكلها الديمقراطية، فحولتها إلى نزعة معزولة، لا تهدد أحدا لأنها غير قابلة للتصدير، ما دامت اليهودية ديانة قومية بدون طموح كوني. فالأصولية الراديكالية الإسلامية تمثل بالنسبة له الاستثناء الأوحد في التقليد الكتابي، مسؤوليتها ظاهرة في كل أزمات
العالم وكل جرائم الإرهاب والعنف.
ولئن كان برناوي يرفض التأويلات الرائجة لظاهرة الأصولية الثورية الإسلامية المقاربة السوسيواقتصادية وأطروحة صراع الحضارات والمقاربة التاريخية الاستراتيجية إلا أنه يدافع عن أطروحة أخرى رائجة في الأدبيات الاستشراقية العتيقة، مفادها أن «مأزق» الإسلام راجع إلى كونه الديانة الوحيدة التي لا انفصام فيها بين الدين والسياسة، ولا مكان فيه للعلمانية من حيث هي تكريس للقيم الإنسانية الحرة.
ويخلص برناوي من كتابه الصدامي إلى مطالبة الغرب برفض مقولة «حوار الحضارات» التي يصفها بالساذجة والسخيفة من حيث كونها تقوم على أولوية حق التنوع على قيم التنويروالعلمنة التي هي قيم الحضارة الكونية الحديثة، كما يطالبه بتعلم ممارسة الحرب من جديد للدفاع عن قيمه الثقافية والقانونية في مواجهة «الفاشية الإسلامية». ليس من همنا التعليق المسهب على أطروحة برناوي التي يبدو أنها لقيت تجاوبا واسعا في الإعلام الغربي (الفرنسي على الأخص)، وإنما حسبنا الوقوف على الجانب المتعلق منها بتفسير ظاهرة التطرف الإسلامي بما أعتبره خصوصية التماهي بين العقيدة والسياسة في الإسلام في مقابل الأصوليتين اليهودية والمسيحية «المسالمتين».
والمفارقة القائمة هنا هي أن الاتجاهات الإسلامية تكرر المقولة ذاتها (خصوصية الاقتران العضوي بين الدين والسياسة) وإن من خلفية مغايرة غير واعية بالاستتباعات النظرية والإجرائية لهذه المقاربة. ولنبادر بالإشارة إلى أنه من غير الصحيح أن الأصوليتين اليهودية والمسيحية مسالمتان وقع تدجينهما ضمن النظم الديمقراطية، وفي الأحداث العنيفة التي هزت العالم في السنوات الأخيرة بيان كاف على زيف هذه المصادرة (حرب البلقان التي تسببت فيها الأصولية الأرثذوكسية الصربية وجرائم الأصولية اليهودية في إسرائيل التي ذهب ضحيتها رئيس الوزراء الأسبق رابين).
فما نشهده في الواقع هو توظيف القاموس الأصولي الديني في الاستراتيجيات السياسية التي أصبحت تتغذى من الميتولوجيا الخلاصية، مما لا يمكن للعلمنة المؤسسية القائمةأن تحجبه حتى لو أقصت الدين كعقيدة ومنظومة طقوسية من المجال العام.وقد تفطنت الفيلسوفة اليهودية الأمريكية المعروفة حنة أرنت قبل خمسين سنة إلى هذا الأمر، مبينة أيام الحرب الباردة أن صراع العالم الحر ضد الاستبداد الشيوعي قد ولد اتجاها متناميا إلى تأويل هذا الصراع بحسب الاصطلاحات الدينية، مما نجم عنه نمط من عودة الدين للفضاء العمومي. إنه المشهد الذي نلمسه بوضوح في خطاب الرئيس الأمريكي الحالي بوش بما لا يحتاج لمزيد من التوضيح.
وما نستنتجه من هذا المؤشر ليس رجوع النظام التيوقراطي في الغرب أو انحسار العلمانية وإنما تركز النظرة الاستراتيجية إلى الاخر في نفس القاموس الطهوري الإقصائي الذي اعتبره برناوي جوهر المخيال الديني الوسيط التي لم يخرج منه الإسلام بعد.
وليس من الصحيح، على عكس ما يتصور برناوي والأصوليون الإسلاميون، أن الإسلام هو الديانة الوحيدة التي يقترن فيها العقدي بالسياسي ويحتكر فيها الدين مقومات الشرعية السياسية.
فمع تسليمنا بأن كل المجتمعات الوسيطة اقترن فيها تاريخيا الديني بالسياسي لأسباب معروفة ليس هذا مجال ذكرها إلا أن الإسلام اختص بكونه وضع الأساسين المرجعيين الضروريين لفكرة الإدارة البشرية للشأن السياسي التي هي الخلفية العميقة للعلمانية (في ما وراء شحنتها الأيديولوجية).
أما الأساس الأول فهو نزع القداسة عن الدولة بصفتها كيانا قهريا دنيويا ليس بإمكانه تجسيد الجوهر الأخلاقي للدين ( على عكس التقليدين اليهودي والمسيحي الوسيطين).
وليس في المنظومة القيمية أو التشريعية الإسلامية ما يسمح بالقول بالدولة الدينية، باعتبار أن هذه المنظومة تؤطرها قيم السلوك الأخلاقي (بمعنى الأتيقا) وليس معايير القيم المدنية بالتصور اليوناني القديم الذي رفضه الفقهاء والمتكلمون الأوائل (أي القول بأن قيم الفضيلة لا تتحقق إلا في المدينة). ويتأسس هذا الموقف على الفصل الجذري في ديانة التوحيد بين مجال الألوهية ومجال الخلق، الذي استنتج منه علماء الأمة الأوائل أن شؤون السلطة وضعية تعاقدية وليست من أصول العقيدة
وأساسيات الدين.
فالإشكال لا يتمثل في السؤال الاعتيادي المتعلق بوجود نظرية سياسية في الإسلام (تنحصر عادة لدى القائلين بها في مبادئ العدل والمساواة التي هي مبادئ أخلاقيةشاملة)
وإنما بالنظر في منزلة الدولة ككيان يحفظ نمط الاجتماع المشترك في المرجعية الدينية. والميزة الكبرى للنمط الإسلامي كما فهمه علماء الأمة الأوائل هو أنه اعتبرها كسبا بشريا لا يمكنه التدثر بقدسية الدين ولا تجسيده.
وليس خلاف ذلك سوى تنطع الغلاة أو سوء فهم المتأولين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.