الملخص: تناولت هذه الدراسة موضوعا حيويا جديدا، لم يطرق من سابق – في مجتمع الدراسة – سواء بالبحث او المعالجة. لذلك يأتي المجتمع المدني تدعيم قيم المواطنة، وإرساء ثقافة الحقوق والواجبات، وتعميق مبادئ المساواة والحرية والعدالة والشفافية والمساءلة وكشف الفساد، وغير ذلك من مؤشرات الحكم الرشيد، ويرتبط بذلك الدور ضرورة ضمان الدولة للحريات والحقوق الأساسية للمواطنين واستمراها في صمودها ضد التحديات المختلفة التي تواجها داخلية وخارجية. إذ لا دولة مدنية بدون مواطنة كاملة تمارس كل حقوقها وتقوم بكل واجباتها الوطنية، كما أنه لا مواطنة مستديمة بدون دولة مدنية تسن القوانين التي تحمي مفهوم المواطنة ومتطلباته، وترفده بالمزيد من الآفاق وأدوات الفعالية المجتمعية كالحوار والتسامح وحرية التعبير وحقوق الإنسان، فقد تناول موضوع الدراسة المجتمع المدني والمواطنة وعلية ري الباحث اهمية تناول هذا الموضوع بوصفة إحدى الازمات المحلية والاقليمية والدولية التي يواجها المجتمع الدولي والمحلي والإقليمي. وفي هذا السياق تتجه الدراسة إلى التعرف على مدى فعالية منظمات أو مؤسسات المجتمع المدني ودورها في دفع عجلة الانتماء والمواطنة كما أن مجتمع المواطنة لا تتوقف فقط على القواعد والإجراءات التي يتبناها ويكفلها المجتمع بل أيضا على طريقة استخدام المواطنين للفرص. إذا تتمحور الدراسة في توضيح واظهار بنية المجتمع المدني وإسهامات منظمات المجتمع المدني في تدشين عملية الانتماء والولاء وترسيخ مبدئ المواطنة، وكذلك معرفة تأثير الإطار الدولي للمجتمع المدني العالمي وتأثيره على المجتمع المدني في مصر. فماذا نعني بالمواطنة؟ وما هي أبرز أسسها؟ وكيف تبلورت كنسق اجتماعي وسياسي بالعالم الغربي؟ برزت الإرهاصات الأولية لمفهوم المواطنة مع بروز دولة المدينة اليونانية؛ حيث يشارك المواطن في وضع قواعد المدينة الأمر الذي يترتب عنه أولويات؛ فالحقوق والواجبات تمنحه حق المواطنة اذ تم تسليط الضوء على أن المسؤولية الأولى لغرس روح المواطنة داخل المجتمع هي مسؤولية الدولة وذلك من خلال تأمين المناخ الديمقراطي المناسب لتطبيق مفهوم المواطنة وتليها مسؤولية منظمات المجتمع المدني بعد أن يتم إطلاق يدها في توعية وتثقيف المواطن ثقافياً واجتماعيا وإنسانياً، فيرتبط المواطن بعلاقة مزدوجة بينه وبين المجتمع وبينه وبين الدولة، وعلية بنيت نتائج الدراسة: فالمواطنة هي أساس العلاقة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق وواجبات واساس استمراره ونهوضه. وعليه فقد أصبحت المواطنة بمثابة آلية فعلية للحد من الصراعات الأثنية، والعرقية، والاجتماعية، على قاعدة مبدأي عدم التمييز والمساواة، فأصبح من غير الغريب أن تجد مجتمعاً متعدد الأعراق والأصول كفئة موحدة وفق منظومة من البنى القانونية، والمفاهيم الاجتماعية والقيمية التي تشترط عدم التمييز والمساواة في الحقوق والواجبات؛ وقد أدى هذا إلى إنهاء مفهوم العنصرية الذي أصبح مفهوماً مثيراً للاشمئزاز للإنسان، وأظهرت الدراسة: ان واقعنا العربي يشير الباحث إلى أن اتساع الفجوة بين واقع الأمة يجب ضرورة الاتفاق بين جميع الدول العربية على مفهوم الدولة الوطنية، وأن القوات المسلحة والشرطة في كل البلدان العربية، لا ترعى الأنظمة ولكن ترعى المواطنين وتمكنهم من الحرية والتملك داخل وطنهم. من يريد أن يقيم شرعا، يجب أن يقيم الدولة الوطنية أولا". التزمت الدولة بسياسات تنموية ليبرالية جديدة، تقوم على مبادئ التقشف في الإنفاق العام، والتخلي عن الدور الاجتماعي لصالح المجتمع المدني، وتبني انفتاح السوق، وعدم التدخل فيه سواء بتحديد الأسعار أو تحديد نوعية الإنتاج، لكن ذاك يظلُّ طموحاً نظرياً بعيداً عن التحقق الفعلي، ما لم يُدرك الباحث أننا بصدد الحديث عن انحسار النموذج الليبيرالي الغربي وانخفاض درجة قبوله في معظم الدول النامية، في مقابل بروز نماذج محلية وبديلة في هذه الدول، ما يعكس جزئياً علاقات القوة والحقائق العالمية. بناء الدولة بين الثابت والمتغير؛ طَرحت هذه الثنائية أسئلة مُزمنة ظلّت عالقةً إلى اليوم على الأصعدة التالية: السيادة، القانون الدولي، مبدأ عدم التدخل، إعادة تصميم قدرات الدولة ووظائفها، حافز البناء، إلخ. للوصول إلى المفهوم الحقيقي لبناء الدولة، ينبغي تتبع هذا المفهوم نظرياً وواقعياً في خضم التغيرات الراهنة. إذن، ما هو التطور النظري والمنهجي لبناء الدولة حسب علماء السياسة المقارنة؟ وما هو البديل المنهجي الذي طرحته النظرية السياسية المعاصرة كمقاربة لمعالجة الظاهرة؟ وخلصت الدراسة: -الي تحديد إن الواجب يستلزم من الأفراد الدفاع عن وطنهم الخاص؛ وهنا تكمن قاعدة السلوك المنظمة لنشاط الأفراد الأخلاقية بحيث تحضر الواجبات والقوانين التي يعرفها كل الأفراد فإذا أردنا القيام بفعل ما، لا يجب أن ينحصر فعلنا في إرادة الخير فقط، بل لابد أيضا من معرفة طبيعة ذلك الخير. أن العقد السياسي يتضمن الأطر الثابتة التي ستحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي المبنية على الأسس الديمقراطية والحقوق الفردية والثقافة الليبرالية، ففكرة استخدام هذا العقد لتبرير أعمال تتنافى والمبادئ الليبرالية أصبح لا مجال لها اليوم في عالم السياسة، وبالتالي فالتنازل هنا مبني على فلسفة حكم الأغلبية المرتبطة بالحقوق الفردية كأساس للحقوق الجماعية، مع ضرورة مراعاة ألا يتم التفاوض مع المواطن أو المجتمع ومقايضتهما للتنازل عن الحقوق مقابل فكرة الأمن الفردي أو صيانة أمن المجتمع من خلال خفض أسقف هذه الحقوق أو إبطالها. قد يرى البعض أن المجتمعات ليست بحاجة لعقد سياسي لأن العقد الاجتماعي موجود، ولكن نظرا لأهمية الفكر السياسي في صناعة الشرعية لأي نظام، فإن فكرة العقد السياسي أصبحت ضرورة ملحة للدول المتحولة نحو الديمقراطية حتى يكون العقد النظري بين المواطن والدولة له شكله وقواعده وبنوده القانونية التي يجب أن لا تتغير تحت وطأة الظروف الاستثنائية، إذ إن الاستثناء في الديمقراطية هو القاعدة المؤدية للديكتاتورية. إن الثورات العربية ما هي إلا إعلان عن (سقوط العقد الاجتماعي الذي كان قائم بين المواطنين ودولهم) وبالنظر إلى الوضع في مصر حاليا، فإن هناك نظاما جديدا، أعلن منذ إسناد مقاليد الحكم إليه أنه يستهدف بناء دولة جديدة، وتحقيق تنمية شاملة، كما أعلن أنه يستهدف استعادة واستنهاض الدور الإقليمي للقاهرة، وهى أهداف يتطلب تحقيقها من بين ما يتطلب، استنهاض كل أدوات القوة والتأثير لدى الدولة المصرية، مع ملاحظة أن عبئا جديدا يضاف على الدولة الجديدة، ويتمثل في أنها تحتاج إلى استنهاض قواها الناعمة في النفاذ إلى مواطنيها أولا، لاستعادة العلاقة والروابط والتماسك بين الدولة ومواطنيها، مشكلة الدراسة: – وتنطلق مشكلة الدراسة ان مفهوم المواطنة فإن هذه المنظمات فقد كان لها دورا إيجابيا في الحفاظ علي الدولة المدنية وتفعيل دور الانتماء والولاء وترسيخ مفهوم المواطنة للمحافظة علي الدولة الوطنية وصمودها في مواجهة التحديات التي واجتها محليا وعامليا مما ادي الي رسوخ الدولة وصمودها. ومن ثم فان اهمية الدراسة الراهنة تكمن في انها تسلط الضوء على موضوع يعد من اهم المواضيع التي تغيب عن الباحثين على المستوي الدولي والمحلي والاقليمي، هل هناك تعارض في المصالح أم تبادل في الأدوار أم استراتيجيات للتعايش؟ هل تخترق علاقات القرابة والروابط الجهوية والمصالح الفئوية منظمات المجتمع المدني، وهل تؤثر في نوع المطالب وأشكال الاحتجاج؟ هل قطعت هذه المنظمات مع زبونيه الإدارة والتسيير والولاءات والتكتلات الفئوية؟ ومن ثم فان الدراسة الراهنة: قد حاولت الدراسة الإجابة على العديد من التساؤلات المتعلقة بمؤسسات المجتمع المدني في عملية الصمود والترسيخ، والعوامل التي يمكن أن تؤثر في تفعيل أو إعاقة دور هذه المنظمات. لقد حظي مصطلح المجتمع المدني خاصة مع نهاية القرن العشرين بأهمية كبيرة، فقد تناول الدارسون هذا المفهوم من أبعاد مختلفة وربطوه بمتغيرات مختلفة أيضا، وهو شأن هذه الدراسة التي ربطت المجتمع المدني بالمواطنة وحاولت البحث في الواقع والمعوقات من خلال محاولة الإجابة على إشكالية مفادها: ما هو واقع ومعوقات المجتمع المدني التي تحول دون تمتع الفرد بصفة المواطنة؟