كان إهمال الأستاذ شندي ، في حق طلاب المدرسه الثانويه التي يعمل بها ، نابعاً من شخصيته التي اشتهرت بكثرة المزاح ، وإفتقادها لجوهر الحزم والهيبه ، بالرغم من أن الأستاذ شندي ، كان في معظم وقته ، شديد الغضب ، وكان يلجئ لإستخدام قبضة يده القويه ، ليبطش بها وجه كل من يحاول الشغب ، أو يسئ الأدب ، من جانب الطلاب الذين أصابهم هوس المراهقه ، حتي توهموا بأنه لا رادع لهم عن أخطائهم إذا أخطئوا . كان الطلاب يغادرون حجرة الفصل أثناء وجود الأستاذ شندي - معلم اللغة الإنجليزيه ، متجهين إلي فناء المدرسة ، بإذن من معلمهم ، بحجة الذهاب إلي دورة المياه أو الشرب من صنابير المدرسة أو غير ذلك من الحجج المصطنعه ، حتي يتثني لهم مغادرة الفصل والخروج للعب ومضيعة الوقت فيما يضر ولا ينفع . وعندما كان يمر موظف الغياب ، متجهاً نحو حجرات الفصول لتسجيل أسماء المتغيبين ، تجد الطلاب ، يسارعون بالدخول لحجرة فصلهم ، حتي ينتهي موظف الغياب من مهام عمله ، ولا يكتبهم مع المتغيبين ، وبعدما ينصرف الموظف ، يبادر نفس فريق الطلاب بالعوده إلي فناء المدرسة ، لإستكمال أوقات والهرج والمرج بعيداً عن جو الحصة الذي يحسونه كئيباً رغم أنه أستاذهم شندي كان ذو كفاءه علميه في شرح مادته نظراً لخبرات السنين . والعجيب أنه مع استئذان الطلاب للخروج من الفصل للمره الثانية ، نجد معلم الفصل لايحرك ساكناً لخروجهم ، بل يسمح لهم بالخروج بكل يسر ، من غيرأن يسألهم عن سبب مغادرتهم لحصته . وكانت علامات القلق والتوتر تظهر علي وجه الأستاذ شندي عندما يفاجئ بإذن جماعي من الطلاب بالخروج ، بل والإصرار علي مغادرة الفصل بعد موجة إلحاح واستعطاف منهم ، و كان المعلم يشعر بإرتياح كبير، عندما يسمح بخروج فاقدي الرغبه في الحضور أو التعلم ، لأنه كان يدرك أن وجودهم بالفصل سيجعلهم كتلة شغب ضده لأجل مضايقته ، وتعطيل عمله ، والتشويش علي من يرغبون في الإستفاده من كل دقيقه في حصة اللغة الإنجليزية . لم يكن يري معلم الإنجليزيه ، عجباً أن ينقسم طلاب الفصل إلي فريقين ، أحدهما فضَل أن يبقي داخل الفصل للتعلم ، أما الفريق الآخر فقد حرَكته شحنات المراهقه ، وأبي أن يحضر اليوم الدراسي كاملاً ، فصار يحضر حصه ، ويغادر الأخري ، وكان الأجدر بحضرة المعلم أن ينصح المستهترين مرات ومرات ، ويستخدم معهم الشده واللين لأجل التحفيز علي البقاء وقت حصته ، كي يتعلموا منه ، إن كان يعلم أنه وزملائه مسئولون أمام الله السميع البصير . كيف لمعلم أن أن يترك طلابه يخرجوا للعبث وغيره ... ألم يعلم بأن من ثوابت رسالته أن ينصح الغافل ويُقَوِم المِعوج ، لأن المعلم هو القدوه والقائد والمرشد إلي الصواب ، وكم من آثار طيبه ، تركها المعلمون في أنفس من علَموهُم ، ثم قابلها المتعلمون بقدر وفير من العرفان بالجميل . وهكذا ظل الطلاب في حالة إنشغال يومي بالفناء الذي رأوه ساحه متاحة للعب ، وأحياناً كانوا يفترشون الحصير البلدي الذي أحضروه ، ليجلسوا عليه يضحكون ويتمازحون ويتمايلون علي بعضهم البعض في صورة تهين الحياء والأدب داخل الحرم المدرسي ، دون مُحاسب ولا رقيب ، وما وجدوا من ينصحهم ، حتي يلتزموا ويتزنوا، ويعتزموا الاستقامه نحو نيل العلم برضي واقتناع ، ولعل كل معلم داخل محراب العلم هو سيد النصيحه ، وخير آثر ومؤثر في طلابه .. هذا لو أنه أيقظ ونصح .. بعكس أستاذنا شندي الذي لم ينصح !!