انتشرت في مدارسنا الثانوية ، ظاهرة غياب الطلاب بشكل متكرر ، والعزوف عن حضور اليوم المدرسي ، حتي صار عدد مرات غياب الطلاب ، يتخطي عدد مرات حضورهم اليومي للمدرسة ، مما جعل الأمر طبيعياً ، أن تجد دفترغياب كل فصل يكتظ عن آخره بأسماء الطلاب المتغيبين يومياً ، وكثيراً ما يضطر موظف الغياب إلي تسجيل أسماء الحاضرون فقط بدفترالغياب ويكتب فوق تلك الأسماء " الطلاب الحاضرون " ، وذلك لضيق المساحه المتاحه عنده بأن يسجل أعداد الغائبين والتي ربما تصل لأكثر من نصف الفصل ويزيد ، في أيام كثيره من العام الدراسي !! وتنتشر ظاهرة الغياب المدرسي بكثافه ، في مدارس الأرياف ، ربما بسبب وجود إعتقاد خاطئ بين أهل الريف ، بتدني دور المدرسة كمؤسسة تعليمية من شأنها أن تنهض بمستوي أبنائها ، فهم بذلك متوهمون أن المدرسة مجرد مضيعة للوقت ، ليس أكثر . وفي أيام غياب الطلاب ، يحضر معلموهم إلي المدرسة ، للتوقيع في دفتر الحضور، ثم يستأذنوا للانصراف خارج المدرسة ، للذهاب إلي بيوت الطلاب الغائبين ، لإعطائهم دروساً خصوصية ، مما يشكك أن تكون بعض مرات الغياب الطلابي ، ثم تجد أن طلاب آخرون ، يتغيبون بسبب سهرهم الطويل ليلاً للمذاكره للالتحاق بكليات القمة ، ثم النوم نهاراً لأجل إراحة الجسد من عناء السهر ، فما أصبحوا يذهبوا لمدارسهم إلا أياماً معدودات !! ومع تراكم أيام الغياب علي عاتق كل متغيب ، تبدأ إدارات المدارس ، في إخطار أولياء أمور الطلاب المتغيبين لفترات طويله سواء متصله أو منقطعه ، عن طريق ارسال إنذارات متكرره ، تفيد بأن هؤلاء الطلاب قد إجتازوا - بالفعل - عدد مرات غيابهم الممكنه ، ومع تجاهل الأهالي بالإنذارات المدرسية الخاصة بغياب أولادهم ، تضطر المدارس إلي فصل هؤلاء الطلاب لمدة أسبوع أو أكثر، وربما يتطور قرار الفصل ليصبح نهائياً ، مما يجعل أولياء الأمور يشتاطون غضباً ويمتلئون رُعباً علي مستقبل أبنائهم ، فيهرولون إلي أقرب مستشفي أو عيادة طبيب يعرفونه عن قُرب ، فيطلبوا منه أن يكتب لهم شهادة مرضية مُزوَره ، تفيد أن إبنهم كان مريضاً ولايزال يعاني آلام المرض ، ولذا يلزمه الراحه في فراش البيت لأطول فتره ، وأحياناً يقوم بتلك المهمه الزائفه ، أطباء معدومي الضمير، أما الأطباء المحترمون ، فيخافون الله ، ويرفضون هذا التحايل والكذب مهما كانت المساوامات . وذات مره ، سأل الطلاب موظف الغياب ، عن سبب الغياب المتكرر لإبنه - الذي هو زميلهم - فأخبرهم بأنه حصل علي أجازه مرضية ، ويمكث في البيت للتداوي ، ولا ندري أهو جلس في بيته لهذا السبب أم لأجل الإستذكار كما فعل آخرون ؟! وقد تجد بعض الطلاب يقلدون مُدرسيهم ، بالذهاب إلي المدرسة صباحاً ، ثم الإنتظار داخل الفصل ، حتي يتم تسجيل حضورهم ، وبعدها يغادروا الحرم المدرسي ، إما بالخروج من بوابه المدرسة ، إن تساهلت إدارة المدرسة معهم دون أي عقبه ، أو يتجه البعض لقفز أسوار المدرسة ، وسرعة الهرب قبل أن يلاحظهم أحد ، أما من يفشلون في مغادرة المدرسة ، فتجدهم يجلسون في فصولهم حتي آخر اليوم ، وكأنهم سجناء في محبسهم ، حزناء وغضبي ، لمجرد اجبارهم علي إكمال اليوم الدراسي ، وتبقي أزمة الغياب قائمة ، وتظل المدارس الثانوية فارغة من أبنائها إلا قليلاً منهم ، حتي تعود القوانين لحزمها ، ويرجع المتغيبون لمدارسهم !!