بقلم أحمد أبو رتيمة "كما أخرجك ربك من بيتك بالحق" تتحدث هذه الآية في محتواها الموضوعي عن انتقال الإنسان من حالة الاستقرار إلى حالة الهجرة، وهي حالة ثقيلة على النفوس "وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون".. يتشبث الإنسان بالرغبة في الاستقرار ويود لو يظل طوال حياته مستقراً في بيته وفي عمله وبين أقاربه وعشيرته إلا أن المراد الإلهي شيء آخر فالإنسان لم يخلق في هذه الحياة للاستقرار إنما خلق للمكابدة والابتلاء والارتحال الدائم حتى يصل إلى الله "إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه".. تقوم فلسفة الحياة على إخراج الإنسان من حالة الاستقرار إلى حالة الهجرة، ليس بنقله في المكان وحسب فربما يستقر الإنسان طوال حياته في مكان واحد ولكن تتحقق في حياته علة الهجرة فهو في حالة نفسية دائمة من النفير واللا استقرار.. حقيقة الهجرة الأهم تتمثل فيما يتطلبه صدق الإنسان مع نفسه من مواصلة مراجعة إيمانه وأفكاره وتجديدها بشكل دائب غير مبال بغضب الناس أو رضاهم حتى وإن تطلب منه هذا التجديد الدائم ألا يبقى له صديق، وألا يركن في أي مرحلة من المراحل إلى الرغبة التي تدعوه إليها طبيعته الطينية في الاستقرار والاكتفاء بدرجة من التجديد الفكري لأن الركون إلى السكون والاستقرار في أي مرحلة يجرد أفكارنا من روحها ويحولها إلى أصنام نظل لها عاكفين..