بقلم وحيد لاشين أم الدنيا .... وصفٌ عرفناه جيداً و حفظناه عن ظهر قلب بأن تلك البلاد التي نعيش فيها و تعيش فينا هي أم الدنيا ،، لا تندهش حين تعلم أن العالم كله يعرف هذا الوصف عن مصر ، فإذا قُدّر لك السفر خارج حدودها ستتأكد بنفسك أنها أم الدنيا و يكفيك تكرار هذا الوصف على أسماعك من كل الذين يتعرفون بك و حين يعرفون أنك مصري كثيرون منهم سيقولون لك "من أم الدنيا" . أم الدنيا لم تصبح أماً للدنيا من فراغ .. فهل نعى ذلك جيداً !!؟؟ .. و هل يكفيها منا فقط تباهينا بها أنها أماً للدنيا في زمنٍ أصبح لا يؤمن بالأم إذا كانت لا تملك القوة و السطوة !!؟؟ هل سنكتفي فقط بتباهينا تارة بل و تعالينا تارات بما تركه لنا أجدادنا من موروث علمي و ثقافي و أدبي و تاريخي إستفادت منه البشرية ، في حين أننا أصبحنا لا نفيد البشرية بقدر ما نزيد أعبائها !!؟؟ تمر مصر "أم الدنيا" الآن بوقت مضطرب و ظروف معقدة في ذلك الوقت من تاريخها ،،، و السبب في ذلك كله .. ليس فقط لأن فلولاً يعملون في الخفاء لضرب الثورة ، و ليس لأن مواردنا لا تسمح ، و ليس لأن عجلة إنتاج - لم نملكها يوماً- توقفت ، و ليس لأن أعداءاً يتربصون بنا ، و ليس لأن قوى خارجية تتحكم و تخطط و تجد مَن يُنفذ لها على الأرض ، و ليس لأن هؤلاء يكرهوننا و غيرهم يحبوننا ، و ليس لأن هذا سارق و ذلك شريف ، و ليس لأن حكومة سابقة تقطن في طره تُحيك المؤامرات و تدبر الأزمات ، و ليس لأن مجلساً عسكريا فٌوِضَ بإدارة البلاد فإهتم بأمور لم تكن ضمن أولويات ما فُوِضَ من أجله ، و ليس لأنه يوماً لم يؤمن بالثورة كي يحميها كما يدّعى ، و ليس لأن حكومات متعاقبة (تصف نفسها بحكومات الثورة) لم تُنجز بنداً واحداً من بنود الثورة بقدر ما صعَّبت على المواطنين حياتهم اليومية ، و ليس لأن إعلانا دستورياً ألبسنا في الحائط ، و ليس لأن مخطط تكفير الشعب بالثورة يُنفذ و بحرفية ، و ليس لأننا إنتخبنا برلماناً فوجدناه منزوع الصلاحية ، و ليس لأنه لم يكن على مستوى الحدث ، و ليس لأنه توجّه لمناقشة تفاهات لم تكن ضمن أهداف الثورة ، و ليس لأن أحزاباً قامت على أسس دينية و مذهبية أصبحت واقعاً بدأ يُرسخ لفُرقة حقيقية بين أبناء أم الدنيا ، و ليس لأن كل حزب (بكافة التيارات) أصبح فقط يحسب حسابات خاصة يملؤها الجشع و الغطرسة السياسية في تعاملاته مع الآخرون خاصةً لو كان يملك قاعدة ، و ليس و ليس و ليس ..... إلخ. لكن السبب هو أن ثورة قد قامت و هزت عروش أباطرة السلطة و الثروة الذين تعاملوا مع شعب أم الدنيا على أنه مجرد عبث لا قيمة و لا معنى لوجوده إلا بما يخدم مصالحهم و إن تعارضت مع دين أو خلق فلا بأس لأن الغاية تبرر الوسيلة. لا عجب في ثورة أرادت لشعب أم الدنيا العيش و الحرية و العدالة الإجتماعية ، فتاهت معالمها منهم و تاهوا معها. لا عجب في ثورة فكّت قيود مَن كانوا بمعتقلات النظام السابق ليُقيدونا هم بمعتقلات أفكارهم . لا عجب أن نرى يومياً دماءاً مصرية تسيل على أرصفة الطرق و ساحات الميادين ، لأن الدماء المصرية هانت على المصريين و لأن النظام السابق يستميت في الدفاع عن سرقاته (التى يعتبرها مكتسبات) للنهاية و لو كلّفة الأمر ذلك أن يفقد الجميع كل شيئ . فقدنا فيما بعد الثورة مصريين ربما فاق عددهم ما فقدناه في الثورة و كُلهم غلاةٌ علينا ، فلا معنى لفقد مواطن بيد أخيه المواطن إلا أن تكون فتنة .... فهل نعى الفتنة و نحاول وأدها !!!؟؟؟ و اليوم يفقد الوطن في موقعة العباسية مصريين ينضمون إلى سابقيهم ممن فقدناهم .... أتمنى أن يتدخل عقلاء الوطن ليوقفوا هذا النزيف اللا مبرر من الدماء الذكية. و لكل من يناصرون الثورة و مطالبها العادلة و لكل مَن يناصبونها العداء أقول : حتماً ستشرق الشمس بعد كل الغيوم. ((الثورة مستمرة))