ثريات البيت تومض .معلنه عن قدوم زائر .رفعت الملاءات البيضاء من علي كراسي الانتريه .أزالت غبار الشبابيك .فردت سجاد الحجرة البحرية .وأشعلت نيران المصابيح تختبرها .منذ سنوات لم تضيء .بدا البيت في الليل قطعه مضيئة بين الأشجار . .في صباح اليوم الموعود فتح عزوز باب الدوار علي مصراعيه وأتم نظافة المدخل .هذب الأوراق المتناثرة علي أطراف الباب الخشبي القديم .رفع بقايا الفروع الساقطة أرضا...صباحا مختلف عن مثيله . امتلأ البيت بصوت الشيخ الحصري المنبعثة من الراديو القابع سنوات الصمت خلف باب البهو الداخلي. تناثرت حبات الماء علي شبابيك الدار كأنها تقفز للداخل لتري ولو لمرة واحده ماذا يحدث داخله .ومن القادم الذي يحتفي البيت به . كانت الرحلة من المطار للبيت طويلة والانتظار كان مرا بطعم القهوة المرة. التي أعدتها "عطية "قدمتها للحضور وهي تمسح دموعها علي ابن عمها الذي توفي في غربته ورجع جسدا مسجيا علي محفة.كنا أمام مخزن المطار ننتظر قدومه .نتبادل النظر لبعضنا صامتين .يتخيل الكثير منا انه قادم من صوب المطار حاملا حقيبة سفره. ضاحكا وموبخا لنا لهلع صدورنا عليه .سار الموكب خلف سيارة الإسعاف صمتا و حزينا تمتد أيادينا للمس صندوق النعش كأننا نلقنه السلام ويهمس لنا بالرد .تقدم محمد علام الي سيارة الإسعاف يحمل مع الأهل جسدا طاهرا نقيا الي داخل البيت .لم يك يقوي علي البكاء من طول الانتظار فقد فاضت عيونهم جميعا دموعا وشكوى . سليل العلاميه الذي فارق دروب الوطن.تكاتف شباب العائلة لحمل صندوق الجثمان ليدخلوه المضيفة يتوسطهم ابنه البكر .كان وقع الخبر عليه جللا يهمس لصندوق نعش أبيه" وحيدا كنت انتظر عودتك لتري ابني وتحمله بين يداك مرحا ليتلو من دلال آياتك قليلا ". جلس الصامتون يتبادلون الدموع والصبر والحزن يتوهم بعضهم انه سيقوم من رقدته ليصافحهم بشوشا كعادته .وكنت اتلو آيات الصبر ممتحنا نفسي لفراقه. كان مخبأً لي من غول أيامي اركض إليه كلما ضاق صدري وأفيض اليه بشكواي .اكتفي بهمسه الصبر منه. انتشي من نور عينيه رحيق الصبر. ودا وحبا .لم اكن وحدي. كان صدرا يساع كل البشر كان منارة عاليه يوزع البهجة للجميع بلا كلل . في ظهر اليوم صلي الحضور صلاه الظهر بمسجد البلد ثم صلاه الجنازة. حملنا نعشه وسرنا صامتين إلي المدافن. اكتظت مقابر العائلة بالأهل.. التي مايبس ترابها منذ وفاه شقيقته .فتحنا صندوق النعش بمضيفه المقبرة .بدا من خلال الكفن ببسمته المهيبة يودعنا لانودعه .حملنا جسده الي مثواه كان يلوح لنا بيمناه . غادروا إلي الحياة أنا غادرت الموت..