بدء التصويت في جولة الإعادة ب19 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    مصدر أمني: انتظام الخدمات الأمنية بمحيط لجان الدوائر ال 19 الملغاة من انتخابات النواب    تراجع رسمي بعد ساعات.. البحيرة تلغي قرار منع جلوس السيدات بجوار السائق    روسيا تعلن إسقاط 7 مسيّرات أوكرانية وكييف تتعرض لهجوم صاروخي    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة البحرية على هذه الشواطئ    الإعلان التشويقي لفيلم الإثارة Apex وهذا موعد عرضه رسميا (فيديو)    في غياب الدوليين.. قائمة النادي الأهلي لمواجهة المصرية للاتصالات "وي" اليوم بدور ال 32 من كأس مصر    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 27 ديسمبر 2025    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى مدينة 6 أكتوبر    أخبار مصر: قرار لمحافظ البحيرة بشأن ركوب "السيدات بالمقعد الأمامي"، موقف ترامب من "أرض الصومال"، درس من أبوريدة لمحمد هاني    اليوم.. جنايات الإرهاب بوادي النطرون تنظر محاكمة «تكفيري» أسس جماعة إرهابية    من 8 صباحا والعودة مفتوحة، فصل الكهرباء اليوم عن 5 مناطق في إسنا جنوب الأقصر    انفصال بعد 21 عامًا يشعل السوشيال.. داليا مصطفى في صدارة الاهتمام وتفتح صفحة جديدة فنيًا    منها السرطان والخصوبة، النوم بجانب هاتفك يصيبك ب 4 أمراض خطرة على المدى الطويل    "التحالف الوطني" يُطلق مسابقة "إنسان لأفضل متطوع" ويوقع أعضاؤه أول ميثاق أخلاقي مشترك للتطوع في مصر| صور    ضبط 11 محكومًا عليهم والتحفظ على 4 مركبات لمخالفة قوانين المرور    عماد الزيني رئيسًا ل "هواة الصيد" ببورفؤاد.. والجمعية العمومية ترسم لوحة الانتصار ب 2025    افتتاح مسجد «عبد الله بن عباس» بمدينة القصير بتكلفة 7.5 مليون جنيه| صور    جاهزية 550 مقرًا انتخابيًا في سوهاج لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب 2025    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد    بورسعيد تهدي الوطن أكبر قلاعها الطبية.. افتتاح المستشفى الجامعي| صور    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    مدرب مالي يهاجم التونسي هيثم قيراط حكم ال VAR بعد التعادل أمام المغرب في أمم إفريقيا    شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    صور من الظل إلى العلن.. الديمقراطيون يفضحون شبكة علاقات إبستين    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    طارق سليمان: شخصية محمد الشناوى الحقيقية ظهرت أمام جنوب أفريقيا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    الشدة تكشف الرجال    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    إقبال كبير من أعضاء الجمعية العمومية لانتخابات الاتحاد السكندري    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة.. الأسرى الفلسطينيين
إسرائيل تعذب المعتقلين المرضى وتحقنهم بالموت البطيء
نشر في الوفد يوم 25 - 12 - 2015

25% من أبناء الشعب الفلسطيني تعرضوا للاعتقال منذ عام 48
أمراض السرطان والقلب والرئة والفشل الكلوي والشلل الأكثر انتشاراً بينهم
تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الاسرائيلية، من أكبر القضايا الإنسانية والسياسية والقانونية في العصر الحديث، خاصة أن أكثر من ربع الشعب الفلسطيني قد دخل السجون الإسرائيلية على مدار سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، ويقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 ب800.000 حالة اعتقال، أي ما نسبته 25% من أبناء الشعب الفلسطيني، في واحدة من اكبر عمليات الاعتقال التي شهدها التاريخ المعاصر.
وقد كانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من أصعب المراحل التاريخية التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية طالت الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، إذ قدرت عدد حالات الاعتقال اليومية خلال الانتفاضتين اللتين حدثتا في المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بين 500 و700 حالة اعتقال شهريا، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالسنوات التي سبقت اندلاع الانتفاضتين.
وتؤكد مصادر فلسطينية، أن سلطات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة للاضرار الصحي بالأسري، للضغط عليهم ولإشاعة الاحباط واليأس بين صفوفهم، من خلال ظروف اعتقال سيئة، بالمخالفة لكل القواعد الدولية، الامر الذي ادي بطبيعة الحال الي اصابة الآلاف منهم بأمراض عديدة، خاصة في ظل اتباعها لما يسمي بسياسة الموت البطيء، او ما يعرف بالإهمال الطبي المتعمد، وهو الامر الذي يرفع يوميا أعداد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، ويرشح هذه الظاهرة للانفجار واندلاع ما يعرف بانتفاضة الأسرى.
وكان استشهاد 52 أسيرا في سجون الاحتلال بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمدة، خير دليل على استهتار سلطة الاحتلال بحياة الأسرى، وتعمده عدم تقديم العلاج اللازم والمناسب لهم، وتركهم فريسة للأمراض تنهش أجسادهم الضعيفة بفعل الظروف الصعبة التي يعيشونها داخل المعتقلات، إضافة إلى قلة الغذاء ونوعيته السيئة.
ورغم أن اتفاقية جنيف الرابعة أفردت المادة (92) لهذا الأمر والتي تنص على: «يجب أن تجري فحوص طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهريًا، والغرض منها بصورة خاصة مراقبة الحالة الصحية والتغذوية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن كل شخص معتقل، وفحصًا بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنويًا».
إلا أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي تحمي حقوق الأسرى، بل ويشارك الاطباء بسجون الاحتلال في تعذيب الأسرى المرضى بشكل خاص، إذ إنه لا يصف لهم الدواء اللازم لهم، ولا يوفر لهم تشخيصا حقيقيا لماهية الأمراض التي يعانون منها، إضافة إلى ذلك فإنهم لا يقدمون علاجًا لكل الأمراض سوى حبة الأكامول بما فيها الأمراض الخطيرة جداً.
ويعاني أكثر من 1700 أسير فلسطيني أمراضا متنوعة وبعضها خطير، حيث يعاني 25 أسيرا مرض السرطان، إضافة إلى 75 أسير بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة وسريعة، وأكثر من 150 بحاجة لعمليات بسبب الفشل الكلوي، وانسداد الشرايين، والسكري والضغط والجلطات، ويحتاج نصفهم إلى عمليات جراحية عاجلة فورية، ويماطل الاحتلال في إجرائها.
تتنوع وتتعدد وتتزايد الحالات المرضية للأسرى في سجون الاحتلال نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمدة التي تمارسها إدارة مصلحة السجون بحق الأسرى المرضى، إضافة للظروف السيئة التي يعيشونها في ظل الضغوط النفسية وسياسة القمع وعدم توفر شروط حياة انسانية ومعيشية لائقة بهم كبشر!
وعلي سبيل المثال يقبع في سجن الرملة ما يقارب 20 أسيرا مريضا، متواجدين داخل قسم مكون من 3 غرف صغيرة، ومنهم من يعاني من شلل نصفي وأمراض الرئة والقلب والتهابات حادة في الأمعاء، إضافةً إلى أن منهم من هو مقعد على كرسي متحرك، غير أن هناك 15 حالة ثابتة ومقيمة بكل الأوقات على أسرة المستشفى.
وكل يوم يمر على الأسرى ترتفع فيه أعداد المرضى منهم، كما يتلاشى الأمل لديهم بالشفاء نتيجة المماطلة التي تمارسها إدارة السجن بحقهم، وعدم تقديم العلاج المناسب لهم في وقته، والذي قد يتأخر لشهور أو لسنوات وقد لا يأتي أصلاً.
وفي تقرير صدر مؤخرا عن وزارة شئون الأسرى والمحررين، تضمن بعض أخطر الحالات المرضية في السجون ومنها
الأسير معتصم رداد، ويبلغ من العمر 30 عاماً، من مدينة طولكرم، اعتقل في العام 2006 ومحكوم عليه بالسجن 20 عاماً، يعاني من سرطان الأمعاء ومشاكل صحية متعددة من التهابات في الرئة وفقر الدم ومشاكل في القلب، وهو من الأسرى المهددة حياتهم بالخطر الشديد، ونشوء مضاعفات ومشاكل صحية أخرى نتيجة الاهمال الطبي المتعمد.
الأسير رياض العمور، ويبلغ من العمر 44 عاماً، من بلدة تقوع قضاء مدينة بيت لحم، وهو أب لخمسة أبناء، اعتقل في العام 2002 محكوم عليه بالسجن 11 مؤبداً قضى منها 12 عامًا، ومتواجد في عيادة سجن الرملة منذ 8 سنوات، لإصابته بأمراض عديدة تجول بينه وبين الحركة.
الأسير محمد مرداوي، ويبلغ من العمر 35 عاماً، اعتقل عام 1999، ومحكوم عليه بالسجن 28 عامًا، أمضى منهم 14 عامًا متنقلاً بين السجون، ويتواجد الآن متنقلاً بين سجن «ايشيل» و«نفحة» وما يسمى مستشفى سجن الرملة، ويعاني من أمراض مزمنة منذ عدة أعوام منها التهابات حادة في الرئة وارتفاع ضغط الدم ووجود الماء على الرئتين، وخضع لعملية استئصال جزء من الرئة اليسرى بعد أن أصابها العطل نتيجة الإهمال الطبي الذي تمارسه ادارة مصلحة السجون بحق الأسرى المرضى.
الأسير محمد براش، ويبلغ من العمر 33 عاماً، من مخيم الأمعري، اعتقل في بداية العام 2003، ومحكوم عليه بالسجن 3 مؤبدات و35 عاماً إضافية، أصيب في عينيه في انفجار قبل اعتقاله وقد فقد على أثره قدمه، فقد البصر بشكل كامل، وترفض ادارة السجن اجراء عملية جراحية لزراعة قوقعة.
الأسير مراد أبو معيلق، ويبلغ من العمر 35 عاماَ، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، اعتقل في العام 2001، وحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً، ظهرت علامات المرض عليه في عام 2007 عندما دخل إضراباً عن الطعام مع زملائه، ما سبب له تعفنا في المعدة، نُقل على أثره إلى مستشفى سوروكا في حينها وأجريت له عملية استئصال 60 سم من أمعائه، والمؤلم بالأمر أن الأطباء لم يستأصلوا الأمعاء المتعفنة التي بها الداء، إنما أزالوا السليم وبقي المتعفن.
كما أصيب بمرض السرطان نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة السجون، وعاد إليه الورم في الخصيتين أثناء وجوده في سجن نفحة، وجرى له عملية تنظيفات في مستشفى «أساف هروفيه»، وظهر الورم للمرة الثالثة، وأجريت العملية الثالثة له في مستشفى سوروكا حتى أبلغوه الأطباء أنهم سيشرعون في إعطائه علاجًا كيماوياً من أجل القضاء على هذه الأورام، بعد أن فقد من وزنه 20 كيلوجراماً.
أساليب التعذيب الجسدى والنفسي في سجون الاحتلال
يواجه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أوضاعاً قاسية من الناحية الصحية، حيث يتعرضون لأساليب تعذيب جسدي ونفسي ممنهجة، تهدد حياتهم وتتمثل هذه الأساليب في الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية، والمماطلة في تقديم العلاج للأسرى المرضى والمصابين، وفي أساليب القهر والإذلال والتعذيب التي تتبعها طواقم الاعتقال والتحقيق، والسجانون التابعون للعديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
فأساليب إضعاف الإرادة والجسد على السواء ثنائية مأساوية، متبعة في دولة تدعي الديمقراطية، في حين يقوم نظامها السياسي والقضائي بتقنين التعذيب والضغط النفسي بحق الأسرى والمعتقلين، في سابقة غير معهودة على المستوى العالمي، ما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية.
ومن خلال مراقبة الوضع الصحي للأسرى، اتضح أن مستوى العناية الصحية سيئ، وأصبح العلاج شكلياً بل وشبه معدوم في ظل ازدياد عدد المرضى، وبات موضوع علاج الأسرى موضوعاً تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين؛ الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً لمواد اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة «المواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمواد (91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة»، والتي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
كما اتضح أن عيادات السجون والمعتقلات الإسرائيلية، تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، والمعدات والأدوية الطبية اللازمة، والأطباء الأخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المختلفة، وأن الدواء السحري الوحيد المتوفر فيها هو حبة الأكامول كعلاج لكل مرض وداء.
كما تستمر إدارات السجون في مماطلتها بنقل الحالات المستعصية للمستشفيات، وإجراء العمليات الجراحية لكثير من الحالات المرضية، والأسوأ من ذلك أن عملية نقل الأسرى المرضى والمصابين تتم بسيارة مغلقة غير صحية، بدلاً من نقلهم بسيارات الإسعاف، وغالباً ما يتم تكبيل أياديهم وأرجلهم، ناهيك عن المعاملة الفظة والقاسية التي يتعرضون لها، الأمر الذي تسبب في وفاة مئات الأسرى المرضى والمصابين.
وتتمثل اهم الانتهاكات الصحية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون والعرب فى الإهمال الصحي المتكرر والمماطلة في تقديم، إلا بعد قيام زملاء الأسير المريض بأشكال من الأساليب الاحتجاجية من أجل تلبية مطالبهم بذلك، وعدم تقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى كل حسب طبيعة مرضه، فالطبيب في السجون الإسرائيلية هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص الأكامول أو بكأس ماء، كما تفتقر عيادات السجون إلى وجود أطباء مناوبين ليلاً لعلاج الحالات الطارئة، وعدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين، حيث يوجد العديد من الحالات النفسية، والتي بحاجة إلى إشراف خاص، ولا تقدم وجبات غذائية صحية مناسبة للأسرى، تتماشى مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها كمرض السكري، والضغط، والقلب، والكلى، وغيرها.
كما يتم حرمان الأسرى ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم، كنوع من أنواع العقاب داخل السجن، بالإضافة لفحص الأسرى المرضى بالمعاينة بالنظر، وعدم لمسهم والحديث معهم ومداواتهم من خلف شبك الأبواب، كما يعاني الأسرى المرضى من ظروف اعتقال سيئة، تتمثل في قلة التهوية، والرطوبة الشديدة، والاكتظاظ الهائل داخل السجون، بالإضافة إلى النقص الشديد في مواد التنظيف العامة وفي مواد المبيدات الحشرية.
وتستخدم قوات الاحتلال العنف والغاز لقمع السجناء مما يزيد من تفاقم الأمراض عندهم، بالاضافة الي العديد من الإجراءات العقابية بحق الأسرى تزيد من تدهور أحوالهم النفسية، والتي تتمثل في المماطلة في تقديم العلاج، والنقل إلى المستشفيات الخارجية، والحرمان من الزيارات، والتفتيش الليلي المفاجئ، وزج الأسرى في زنازين العزل الانفرادي، وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بطريقة مهينة.
كما تعاني الأسيرات عدم وجود أخصائي أو أخصائية أمراض نسائية، إذ لا يوجد لديهم سوى طبيب عام، خاصة أن من بين الأسيرات من اعتقلهن وهن حوامل، وبحاجة إلى متابعة صحية، خاصة أثناء الحمل وعند الولادة، وتم إجبار الأسيرات الحوامل على الولادة، وهن مقيدات الأيدي دون مراعاة لآلام المخاض والولادة.
تل أبيب تنتهك حقوق الإنسان ولا تعترف بالقانون الدولي الإنساني
بما أن «إسرائيل» في عرف القانون الدولي هي دولة احتلال، فإنها مسئولة عن حياة الأسرى وأوضاع المناطق وفقا لما ينص عليه قانون الاحتلال الحربي الذي تخالفه «إسرائيل» ولا تتقيد بقواعده دون أي رقابة أو محاسبة دولية، كما أن «إسرائيل» تنتهك القانون الدولي الإنساني في تعاملها الوحشي مع الأسرى وما يتعرضون له من تعذيب وانتهاكات جسيمة، لاسيما أن سلطات الاحتلال لم توقع على اتفاقيات جنيف للعام 1949 والتي ينطلق القانون الدولي الإنساني من رحمها.
واهتم القانون الدولي بتنظيم جملة من الحقوق للإنسان في زمني الحرب والاحتلال، بما يضمن له حقوقه وحمايته من شرور الحروب، وما قد يرافقها من حالة احتلال حربي، لهذا أبرمت العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان والتي تناولت موضوع حماية المعتقلين بطريقة غير مباشرة (بصورة ضمنية)، وأبرمت من جانب آخر اتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي تحمى الإنسان بصفة عامة من آثار الحرب، وقد أفردت أجزاء منها لحماية المعتقلين بصورة مباشرة وصريحة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يعترف باتفاقيات جنيف، ولا بالقانون الدولي الإنساني، وينتهك هذه التشريعات في تعامله مع الفلسطينيين على وجه العموم، ومع الأسرى على وجه الخصوص.
إن التزام الأسرة الدولية بحماية المعتقلين والأسرى ليس التزاماً جديداً في العلاقات الدولية، فهناك العديد من المبادئ التي يمكن الاستناد إليها لتأسيس واجب حماية المعتقلين والأسرى، منها إعلان سان بطرسبورج الذي وقّع في 29 نوفمبر 1868 الذي يتضمن مبدأ تقيد حق أطراف النزاع باختيار أساليب ووسائل القتال، هذا المبدأ وإن كان لم يشر من قريب أو بعيد إلى حماية المعتقلين والأسرى، غير أنه يمكن الاستناد إليه لتأسيس مسئولية دولة الاحتلال عن الانتهاكات التي تلحق بحقوق الأسرى والمعتقلين.
كما يمكن الإشارة إلى المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء والتي اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 المؤرخ في 14 ديسمبر 1990، حيث تقضي بأن «يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر»، بالإضافة الي أنه «لا يجوز التمييز بين السجناء على أساس العنصر أو اللون، أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد أو أي وضع آخر».
ويعد اعتقال إسرائيل للأسرى انتهاكا صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فالمادة الخامسة من الإعلان تنص على أنه «لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة»، كما تخالف الممارسات الإسرائيلية المادة التاسعة من الإعلان والتي تنص علي أنه «لا يجوز القبض علي أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفياً»، بينما تنص المادة العاشرة علي أنه «لكل إنسان الحق، على قدم المساواة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه»، كما تؤكد المادة الحادية عشرة أن «كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه».
كما تخالف الممارسات الإسرائيلية المادة السابعة من القسم الثالث من العهد الدولي للحقوق المدنية التي تؤكد أنه «لا يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو لمعاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة»، والمادة التاسعة من القسم الثالث من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تنص علي انه «لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي، كما لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه، كما يجب إبلاغ كل من يقبض عليه بأسباب ذلك عند القبض عليه، كما يجب إبلاغه فوراً بأية تهمة توجه إليه».
وتكفل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول كذلك حماية واسعة النطاق للمعتقلين المدنيين خلال النزاعات المسلحة الدولية.
و«إسرائيل» باعتقالها المواطنين الفلسطينيين ومعاملتها الوحشية لهم تنتهك مجموعة المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، سواء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز العنصري عام 1965، والإعلان الخاص بإزالة التمييز ضد المرأة عام 1967، واتفاقية تحريم وعقاب جريمة إبادة البشر عام 1948، واتفاقية تحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة عام 1984، أضف إلى ذلك اتفاقيات جنيف خاصةً الثالثة والرابعة لعام 1949.
وبما أن اسرائيل، تعتقل الأسرى اعتقالا إدارياً، بحجة الانضمام للمقاومة التي تبيحها القوانين الدولية، وتؤكد عليها بوجه الاحتلال وفقاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، فعلي المجتمع الدولي أن يلزمها بالتقيد بهذه القواعد الدولية، باعتبار أن ذلك يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.