تراجع أسعار الذهب اليوم في بداية التعاملات بالبورصة    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 21 نوفمبر 2025    "وول ستريت جورنال": أوكرانيا عدّلت بندا في خطة واشنطن المزعومة للتسوية    تسوية مالية كبرى لزوكربيرج وقادة في "ميتا" بقضية انتهاك خصوصية مستخدمي فيسبوك    تجارة عين شمس تستضيف زاهي حواس في ندوة عن "المتحف المصري الكبير حكاية لا تنتهي"    غياب القادة عن قمة جي 20 يثير تساؤلات حول قدرتها على الوصول إلى اتفاقات رئيسية    وزير الحرب الأمريكى: لا خطوط حمراء بملف فنزويلا    عاجل.. غلق هذه الطرق بسبب الضباب    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    رجل الأعمال محمد منصور يروي مأساة طفولته: قضيت 3 سنوات طريح الفراش والأطباء قرروا بتر ساقي    محمد منصور يكشف كواليس استقالته بعد حادث قطار العياط: فترة وزارة النقل كانت الأصعب في حياتي    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل شابًا من طولكرم شمال الضفة الغربية    هشام حنفي: أتمنى تتويج المنتخب الثاني بلقب كأس العرب.. وأحمد الشناوي كان يستحق فرصة في مباراتي الفراعنة    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    أخبار فاتتك وأنت نايم | إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة.. قائمة منتخب مصر في كأس العرب    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أبرز مواجهات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في مختلف الدوريات العالمية    البابا تواضروس: مصر واحة الإيمان التي حافظت على وديعة الكنيسة عبر العصور    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    انهيار جزئي لعقار بحدائق القبة    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    السعودية تعتبر خرق نتنياهو لسيادة الأراضي السورية تجاوزا متعمدا    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    بعد علاقة دامت 10 سنوات، إعلان موعد زواج النجمين شين مين آه وكيم وو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة.. الأسرى الفلسطينيين
إسرائيل تعذب المعتقلين المرضى وتحقنهم بالموت البطيء
نشر في الوفد يوم 25 - 12 - 2015

25% من أبناء الشعب الفلسطيني تعرضوا للاعتقال منذ عام 48
أمراض السرطان والقلب والرئة والفشل الكلوي والشلل الأكثر انتشاراً بينهم
تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الاسرائيلية، من أكبر القضايا الإنسانية والسياسية والقانونية في العصر الحديث، خاصة أن أكثر من ربع الشعب الفلسطيني قد دخل السجون الإسرائيلية على مدار سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، ويقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 ب800.000 حالة اعتقال، أي ما نسبته 25% من أبناء الشعب الفلسطيني، في واحدة من اكبر عمليات الاعتقال التي شهدها التاريخ المعاصر.
وقد كانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من أصعب المراحل التاريخية التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية طالت الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، إذ قدرت عدد حالات الاعتقال اليومية خلال الانتفاضتين اللتين حدثتا في المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بين 500 و700 حالة اعتقال شهريا، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالسنوات التي سبقت اندلاع الانتفاضتين.
وتؤكد مصادر فلسطينية، أن سلطات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة للاضرار الصحي بالأسري، للضغط عليهم ولإشاعة الاحباط واليأس بين صفوفهم، من خلال ظروف اعتقال سيئة، بالمخالفة لكل القواعد الدولية، الامر الذي ادي بطبيعة الحال الي اصابة الآلاف منهم بأمراض عديدة، خاصة في ظل اتباعها لما يسمي بسياسة الموت البطيء، او ما يعرف بالإهمال الطبي المتعمد، وهو الامر الذي يرفع يوميا أعداد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، ويرشح هذه الظاهرة للانفجار واندلاع ما يعرف بانتفاضة الأسرى.
وكان استشهاد 52 أسيرا في سجون الاحتلال بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمدة، خير دليل على استهتار سلطة الاحتلال بحياة الأسرى، وتعمده عدم تقديم العلاج اللازم والمناسب لهم، وتركهم فريسة للأمراض تنهش أجسادهم الضعيفة بفعل الظروف الصعبة التي يعيشونها داخل المعتقلات، إضافة إلى قلة الغذاء ونوعيته السيئة.
ورغم أن اتفاقية جنيف الرابعة أفردت المادة (92) لهذا الأمر والتي تنص على: «يجب أن تجري فحوص طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهريًا، والغرض منها بصورة خاصة مراقبة الحالة الصحية والتغذوية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن كل شخص معتقل، وفحصًا بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنويًا».
إلا أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي تحمي حقوق الأسرى، بل ويشارك الاطباء بسجون الاحتلال في تعذيب الأسرى المرضى بشكل خاص، إذ إنه لا يصف لهم الدواء اللازم لهم، ولا يوفر لهم تشخيصا حقيقيا لماهية الأمراض التي يعانون منها، إضافة إلى ذلك فإنهم لا يقدمون علاجًا لكل الأمراض سوى حبة الأكامول بما فيها الأمراض الخطيرة جداً.
ويعاني أكثر من 1700 أسير فلسطيني أمراضا متنوعة وبعضها خطير، حيث يعاني 25 أسيرا مرض السرطان، إضافة إلى 75 أسير بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة وسريعة، وأكثر من 150 بحاجة لعمليات بسبب الفشل الكلوي، وانسداد الشرايين، والسكري والضغط والجلطات، ويحتاج نصفهم إلى عمليات جراحية عاجلة فورية، ويماطل الاحتلال في إجرائها.
تتنوع وتتعدد وتتزايد الحالات المرضية للأسرى في سجون الاحتلال نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمدة التي تمارسها إدارة مصلحة السجون بحق الأسرى المرضى، إضافة للظروف السيئة التي يعيشونها في ظل الضغوط النفسية وسياسة القمع وعدم توفر شروط حياة انسانية ومعيشية لائقة بهم كبشر!
وعلي سبيل المثال يقبع في سجن الرملة ما يقارب 20 أسيرا مريضا، متواجدين داخل قسم مكون من 3 غرف صغيرة، ومنهم من يعاني من شلل نصفي وأمراض الرئة والقلب والتهابات حادة في الأمعاء، إضافةً إلى أن منهم من هو مقعد على كرسي متحرك، غير أن هناك 15 حالة ثابتة ومقيمة بكل الأوقات على أسرة المستشفى.
وكل يوم يمر على الأسرى ترتفع فيه أعداد المرضى منهم، كما يتلاشى الأمل لديهم بالشفاء نتيجة المماطلة التي تمارسها إدارة السجن بحقهم، وعدم تقديم العلاج المناسب لهم في وقته، والذي قد يتأخر لشهور أو لسنوات وقد لا يأتي أصلاً.
وفي تقرير صدر مؤخرا عن وزارة شئون الأسرى والمحررين، تضمن بعض أخطر الحالات المرضية في السجون ومنها
الأسير معتصم رداد، ويبلغ من العمر 30 عاماً، من مدينة طولكرم، اعتقل في العام 2006 ومحكوم عليه بالسجن 20 عاماً، يعاني من سرطان الأمعاء ومشاكل صحية متعددة من التهابات في الرئة وفقر الدم ومشاكل في القلب، وهو من الأسرى المهددة حياتهم بالخطر الشديد، ونشوء مضاعفات ومشاكل صحية أخرى نتيجة الاهمال الطبي المتعمد.
الأسير رياض العمور، ويبلغ من العمر 44 عاماً، من بلدة تقوع قضاء مدينة بيت لحم، وهو أب لخمسة أبناء، اعتقل في العام 2002 محكوم عليه بالسجن 11 مؤبداً قضى منها 12 عامًا، ومتواجد في عيادة سجن الرملة منذ 8 سنوات، لإصابته بأمراض عديدة تجول بينه وبين الحركة.
الأسير محمد مرداوي، ويبلغ من العمر 35 عاماً، اعتقل عام 1999، ومحكوم عليه بالسجن 28 عامًا، أمضى منهم 14 عامًا متنقلاً بين السجون، ويتواجد الآن متنقلاً بين سجن «ايشيل» و«نفحة» وما يسمى مستشفى سجن الرملة، ويعاني من أمراض مزمنة منذ عدة أعوام منها التهابات حادة في الرئة وارتفاع ضغط الدم ووجود الماء على الرئتين، وخضع لعملية استئصال جزء من الرئة اليسرى بعد أن أصابها العطل نتيجة الإهمال الطبي الذي تمارسه ادارة مصلحة السجون بحق الأسرى المرضى.
الأسير محمد براش، ويبلغ من العمر 33 عاماً، من مخيم الأمعري، اعتقل في بداية العام 2003، ومحكوم عليه بالسجن 3 مؤبدات و35 عاماً إضافية، أصيب في عينيه في انفجار قبل اعتقاله وقد فقد على أثره قدمه، فقد البصر بشكل كامل، وترفض ادارة السجن اجراء عملية جراحية لزراعة قوقعة.
الأسير مراد أبو معيلق، ويبلغ من العمر 35 عاماَ، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، اعتقل في العام 2001، وحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً، ظهرت علامات المرض عليه في عام 2007 عندما دخل إضراباً عن الطعام مع زملائه، ما سبب له تعفنا في المعدة، نُقل على أثره إلى مستشفى سوروكا في حينها وأجريت له عملية استئصال 60 سم من أمعائه، والمؤلم بالأمر أن الأطباء لم يستأصلوا الأمعاء المتعفنة التي بها الداء، إنما أزالوا السليم وبقي المتعفن.
كما أصيب بمرض السرطان نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة السجون، وعاد إليه الورم في الخصيتين أثناء وجوده في سجن نفحة، وجرى له عملية تنظيفات في مستشفى «أساف هروفيه»، وظهر الورم للمرة الثالثة، وأجريت العملية الثالثة له في مستشفى سوروكا حتى أبلغوه الأطباء أنهم سيشرعون في إعطائه علاجًا كيماوياً من أجل القضاء على هذه الأورام، بعد أن فقد من وزنه 20 كيلوجراماً.
أساليب التعذيب الجسدى والنفسي في سجون الاحتلال
يواجه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أوضاعاً قاسية من الناحية الصحية، حيث يتعرضون لأساليب تعذيب جسدي ونفسي ممنهجة، تهدد حياتهم وتتمثل هذه الأساليب في الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية، والمماطلة في تقديم العلاج للأسرى المرضى والمصابين، وفي أساليب القهر والإذلال والتعذيب التي تتبعها طواقم الاعتقال والتحقيق، والسجانون التابعون للعديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
فأساليب إضعاف الإرادة والجسد على السواء ثنائية مأساوية، متبعة في دولة تدعي الديمقراطية، في حين يقوم نظامها السياسي والقضائي بتقنين التعذيب والضغط النفسي بحق الأسرى والمعتقلين، في سابقة غير معهودة على المستوى العالمي، ما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية.
ومن خلال مراقبة الوضع الصحي للأسرى، اتضح أن مستوى العناية الصحية سيئ، وأصبح العلاج شكلياً بل وشبه معدوم في ظل ازدياد عدد المرضى، وبات موضوع علاج الأسرى موضوعاً تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين؛ الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً لمواد اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة «المواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمواد (91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة»، والتي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
كما اتضح أن عيادات السجون والمعتقلات الإسرائيلية، تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، والمعدات والأدوية الطبية اللازمة، والأطباء الأخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المختلفة، وأن الدواء السحري الوحيد المتوفر فيها هو حبة الأكامول كعلاج لكل مرض وداء.
كما تستمر إدارات السجون في مماطلتها بنقل الحالات المستعصية للمستشفيات، وإجراء العمليات الجراحية لكثير من الحالات المرضية، والأسوأ من ذلك أن عملية نقل الأسرى المرضى والمصابين تتم بسيارة مغلقة غير صحية، بدلاً من نقلهم بسيارات الإسعاف، وغالباً ما يتم تكبيل أياديهم وأرجلهم، ناهيك عن المعاملة الفظة والقاسية التي يتعرضون لها، الأمر الذي تسبب في وفاة مئات الأسرى المرضى والمصابين.
وتتمثل اهم الانتهاكات الصحية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون والعرب فى الإهمال الصحي المتكرر والمماطلة في تقديم، إلا بعد قيام زملاء الأسير المريض بأشكال من الأساليب الاحتجاجية من أجل تلبية مطالبهم بذلك، وعدم تقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى كل حسب طبيعة مرضه، فالطبيب في السجون الإسرائيلية هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص الأكامول أو بكأس ماء، كما تفتقر عيادات السجون إلى وجود أطباء مناوبين ليلاً لعلاج الحالات الطارئة، وعدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين، حيث يوجد العديد من الحالات النفسية، والتي بحاجة إلى إشراف خاص، ولا تقدم وجبات غذائية صحية مناسبة للأسرى، تتماشى مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها كمرض السكري، والضغط، والقلب، والكلى، وغيرها.
كما يتم حرمان الأسرى ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم، كنوع من أنواع العقاب داخل السجن، بالإضافة لفحص الأسرى المرضى بالمعاينة بالنظر، وعدم لمسهم والحديث معهم ومداواتهم من خلف شبك الأبواب، كما يعاني الأسرى المرضى من ظروف اعتقال سيئة، تتمثل في قلة التهوية، والرطوبة الشديدة، والاكتظاظ الهائل داخل السجون، بالإضافة إلى النقص الشديد في مواد التنظيف العامة وفي مواد المبيدات الحشرية.
وتستخدم قوات الاحتلال العنف والغاز لقمع السجناء مما يزيد من تفاقم الأمراض عندهم، بالاضافة الي العديد من الإجراءات العقابية بحق الأسرى تزيد من تدهور أحوالهم النفسية، والتي تتمثل في المماطلة في تقديم العلاج، والنقل إلى المستشفيات الخارجية، والحرمان من الزيارات، والتفتيش الليلي المفاجئ، وزج الأسرى في زنازين العزل الانفرادي، وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بطريقة مهينة.
كما تعاني الأسيرات عدم وجود أخصائي أو أخصائية أمراض نسائية، إذ لا يوجد لديهم سوى طبيب عام، خاصة أن من بين الأسيرات من اعتقلهن وهن حوامل، وبحاجة إلى متابعة صحية، خاصة أثناء الحمل وعند الولادة، وتم إجبار الأسيرات الحوامل على الولادة، وهن مقيدات الأيدي دون مراعاة لآلام المخاض والولادة.
تل أبيب تنتهك حقوق الإنسان ولا تعترف بالقانون الدولي الإنساني
بما أن «إسرائيل» في عرف القانون الدولي هي دولة احتلال، فإنها مسئولة عن حياة الأسرى وأوضاع المناطق وفقا لما ينص عليه قانون الاحتلال الحربي الذي تخالفه «إسرائيل» ولا تتقيد بقواعده دون أي رقابة أو محاسبة دولية، كما أن «إسرائيل» تنتهك القانون الدولي الإنساني في تعاملها الوحشي مع الأسرى وما يتعرضون له من تعذيب وانتهاكات جسيمة، لاسيما أن سلطات الاحتلال لم توقع على اتفاقيات جنيف للعام 1949 والتي ينطلق القانون الدولي الإنساني من رحمها.
واهتم القانون الدولي بتنظيم جملة من الحقوق للإنسان في زمني الحرب والاحتلال، بما يضمن له حقوقه وحمايته من شرور الحروب، وما قد يرافقها من حالة احتلال حربي، لهذا أبرمت العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان والتي تناولت موضوع حماية المعتقلين بطريقة غير مباشرة (بصورة ضمنية)، وأبرمت من جانب آخر اتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي تحمى الإنسان بصفة عامة من آثار الحرب، وقد أفردت أجزاء منها لحماية المعتقلين بصورة مباشرة وصريحة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يعترف باتفاقيات جنيف، ولا بالقانون الدولي الإنساني، وينتهك هذه التشريعات في تعامله مع الفلسطينيين على وجه العموم، ومع الأسرى على وجه الخصوص.
إن التزام الأسرة الدولية بحماية المعتقلين والأسرى ليس التزاماً جديداً في العلاقات الدولية، فهناك العديد من المبادئ التي يمكن الاستناد إليها لتأسيس واجب حماية المعتقلين والأسرى، منها إعلان سان بطرسبورج الذي وقّع في 29 نوفمبر 1868 الذي يتضمن مبدأ تقيد حق أطراف النزاع باختيار أساليب ووسائل القتال، هذا المبدأ وإن كان لم يشر من قريب أو بعيد إلى حماية المعتقلين والأسرى، غير أنه يمكن الاستناد إليه لتأسيس مسئولية دولة الاحتلال عن الانتهاكات التي تلحق بحقوق الأسرى والمعتقلين.
كما يمكن الإشارة إلى المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء والتي اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 المؤرخ في 14 ديسمبر 1990، حيث تقضي بأن «يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر»، بالإضافة الي أنه «لا يجوز التمييز بين السجناء على أساس العنصر أو اللون، أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد أو أي وضع آخر».
ويعد اعتقال إسرائيل للأسرى انتهاكا صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فالمادة الخامسة من الإعلان تنص على أنه «لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة»، كما تخالف الممارسات الإسرائيلية المادة التاسعة من الإعلان والتي تنص علي أنه «لا يجوز القبض علي أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفياً»، بينما تنص المادة العاشرة علي أنه «لكل إنسان الحق، على قدم المساواة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه»، كما تؤكد المادة الحادية عشرة أن «كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه».
كما تخالف الممارسات الإسرائيلية المادة السابعة من القسم الثالث من العهد الدولي للحقوق المدنية التي تؤكد أنه «لا يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو لمعاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة»، والمادة التاسعة من القسم الثالث من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تنص علي انه «لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي، كما لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه، كما يجب إبلاغ كل من يقبض عليه بأسباب ذلك عند القبض عليه، كما يجب إبلاغه فوراً بأية تهمة توجه إليه».
وتكفل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول كذلك حماية واسعة النطاق للمعتقلين المدنيين خلال النزاعات المسلحة الدولية.
و«إسرائيل» باعتقالها المواطنين الفلسطينيين ومعاملتها الوحشية لهم تنتهك مجموعة المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، سواء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، واتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز العنصري عام 1965، والإعلان الخاص بإزالة التمييز ضد المرأة عام 1967، واتفاقية تحريم وعقاب جريمة إبادة البشر عام 1948، واتفاقية تحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة عام 1984، أضف إلى ذلك اتفاقيات جنيف خاصةً الثالثة والرابعة لعام 1949.
وبما أن اسرائيل، تعتقل الأسرى اعتقالا إدارياً، بحجة الانضمام للمقاومة التي تبيحها القوانين الدولية، وتؤكد عليها بوجه الاحتلال وفقاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، فعلي المجتمع الدولي أن يلزمها بالتقيد بهذه القواعد الدولية، باعتبار أن ذلك يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.