نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إنهاء اتفاقية مشروع محطة الضبعة النووية بين مصر، وشركة روس أتوم الروسية، وكانت أكثر من شركة من جنسيات مختلفة عرضت أن تقوم بالمشروع، لكن "السيسسي" أعلن أن العرض الروسي هو الأفضل. تنص بنود الاتفاقية مع الشركة الروسية "روس أتوم" للطاقة النووية، على بناء 4 مفاعلات نووية بقدرات إجمالية 4800 ميجاوات، من إجمالي 8 مفاعلات، أي أن كل مفاعل يولد كهرباء 1200 ميجاوات. البداية جاءت فكرة امتلاك محطة نووية خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتعاون الاتحاد السوفيتي مع مصر في إنشاء أول مفاعل نووي في أنشاص، وهو مفاعل صغير للأبحاث والتدريب. وفي الثمانينات كان الرئيس الأسبق مبارك على وشك أن يبدأ في المشروع النووي، لكن حادث مفاعل "تشيرنوبل"، أدى لإلغائه. وهو الرأي الذي أكده خبير الطاقة الدكتور رمضان ابو العلا، الذي أكد أن فكرة إنشاء مفاعل نووي بدأت في الخمسينات، إلا انها توقفت بسبب مفاعل أنشاص، وتوقف تطوير المشروع بسبب توقيع مصر على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية. وقال "أبو العلا إن الموضوع أثير مرة أخرى عام 2000 وكان هناك نوع من التهويل من جانب الحزب الوطني الذي كان يستغل الأمر لأهداف سياسية وكسب شعبية اكبر بين الجماهير المصرية، خصوصًا أن المشروع لم يتعد مجرد الشو الإعلامي". من ناحية أخرى، أكد الدكتور مدحت يوسف الخبير البترولي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعاد المشروع للحياة مرة أخرى في شهر فبراير الماضي، وأعلن إعادة البدء فيه، وذلك لسد احتياجات مصر من الكهرباء. ولفت الخبير البترولي الى ان موقع الضبعة بعيد عن حزام الزلازل وآمن من الهزات الأرضية، لافتًا الى ان موقع المحطة الحالي هو الأنسب لأنها أرض منبسطة على البحر المتوسط وليس به تلال أو مرتفعات وكما تتميز الضبعة بوجودها على شاطئ البحر حيث تتوافر المياه اللازمة لتشغيل المفاعل النووي. جدوى المشروع أكد الدكتور مدحت يوسف الخبير البترولي أن مشروع الضبعة هو مشروع القمة في مصر ويمكن اعتباره المشروع القومي الاول على أساس انه مشروع انتاج الطاقة الكهربائية دون اللجوء للطاقة الأحفورية من مصادر البترول والغاز الطبيعي والفحم وخلافة. ولفت الخبير البترولي الى أن مشاريع انتاج الكهرباء من خلال محطات الطاقة النووية يعيبها في المقام الاول حجم الاستثمار الضخم، إذ تبلغ قيمة المحطة النووية ما بين 10-12 مليار دولار مع انخفاض المصروفات الجارية لعدم الاعتماد على وقود أحفوري ولكنها تعتمد على وقود نووي مخصب. من ناحيته، قال الدكتور رمضان ابو العلا "المشروع خطوة لا بأس بها، لكن يجب ألا نهول من المشروع، والاعتماد عليه فقط في علاج أزمة الطاقة في مصر، خصوصًا ان معظم الدول الكبرى، لا تعتمد على الطاقة النووية كمصدر أساسي في إنتاج الطاقة، نظرا للمشاكل التي ترتب عليها، وما حدث في اليابان كان خير دليل على ذلك". وأشار إلى أن نتائج المشروع لن تظهر الا بعد فترة زمنية طويلة تتراوح بين 5 إلى 6 سنوات، لافتًا إلى أن المشروع سيسهم في احتياجات مصر من الطاقة بنسبة 5 : 6% فقط. عقبات تنفيذ المشروع أكد أبو العلا أن مشاريع الطاقة النووية من أخطر المشاريع على مستوى العالم، لافتًا إلى أن العديد من الدول الكبرى، تفرض مزيدًا من القيود على الدول التي ترغب في دخول حقل الطاقة النووية. وأشار ابو العلا الى أن وقوف الجانب الروسي بجوار مصر في تنفيذ المشروع سيسهم بصورة كبيرة في تخفيف الضغط، خصوصًا أن المشروع يهدف الى علاج ازمة الطاقة في مصر وتوليد الكهرباء وليست له أي اهداف أخرى. وقال يوسف "تحظر الدول الكبرى على إقامة محطات نووية لدى دول ذات اتجاهات سياسية لا تتفق مع المعايير الدولية لإمكان الحصول من تلك المحطات بعد فترات زمنية محددة على وقود نووي يصلح لإنتاج قنابل ذرية، لذلك تعهدت حكومة مصر مع الوكالة الدولية للطاقة النووية بالتفتيش على تلك المحطة في أي وقت شاءوا فيه التفتيش". وتابع "المشكلة الأخرى أن المحطات النووية تحتاج الى وقت طويل للإنشاء، إذ يستغرق انشاء المحطة ما بين 8 -9 سنوات، وتتطلب خبرات متخصصة وعمالة مدربة على أعلى المستويات وإجراءات الحماية والصيانة تتم من خلال شركات عالمية متخصصة". مزايا المشروع شملت أهم بنود الاتفاقية التي تم إبرامها أمس مع شركة الطاقة الذرية "روس أتوم"، على توفير وسائل الأمن وحماية الدولة من أي أخطار، كما أكد مسئول وزارة الكهرباء على أن أرض الضبعة خضعت للدراسات لأكثر من مرة من خبراء روس ومصريين ودوليين قبل التفكير في المشروع التي أثبتت أنها صالحة لإقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء عليها. كما قدمت الشركة تسهيلات في اتفاقية إقامة المحطة تتمثل في سداد تكاليف المشروع على مدى 35 سنة، وقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أن العرض الروسي هو أفضل عرض، كما أعلن أن سداد التكاليف لروسيا سيكون من عائد إنتاج المشروع بدون تحمل الموازنة العامة أي أعباء مالية. أوضح يوسف أن مزايا إنشاء محطات نووية لإنتاج الكهرباء وفي ظل انحسار في إنتاج الطاقة الأحفورية بمصر من زيت خام وغاز طبيعي وفحم هو في التنوع في مصادر انتاج الطاقة الكهربائية، علاوة على عدم الخضوع لتقلبات أسعار البترول عالميًا صعودًا وهبوطًا لمستويات سعرية وصلت لحدود 148 دولارًا/ برميل وبالتالي صعوبة تدبير التمويل اللازم لشراء البترول ومشتقاته عند تلك المستويات السعرية المرتفعة. ولفت الى أن المزايا تشمل ايضا انخفاض التكاليف المرتبطة بالصيانة اذا ما قورن بتكاليف محطات الدورة المركبة، وكذلك انخفاض الانبعاثات من الغازات نواتج الاحتراق عند إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الأحفورية. وعن قدرة المشروع على علاج أزمة الطاقة في مصر، أكد الخبير البترولي أن المشروع يسهم في علاج أزمة الطاقة في مصر ولكن بنسبة ليست بالكبيرة، لافتا الى أن المشروع احد أركان تأمين احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية مع الاعتماد على محطات التوليد بنظام الدورة المركبة باستخدام الغاز الطبيعي والمحطات التي تعمل بالفحم وكذا إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وخلافه. وقال "يجب ألا ننسى ان العديد من محطات توليد الكهرباء تحتاج الى تخريدها لانخفاض أدائها بشكل كبير لانتهاء عمرها الافتراضي منذ فترات طويلة، ووجوب الإحلال بمحطات جديدة بكفاءة عالية متعددة المصادر، مع العلم ان المحطات النووية عمرها الافتراضي طويل يصل الى 35 سنة اما محطات الدورة المركبة فعمرها 15 سنة فقط. واختتم حديثه مؤكدًا أن الفترة المقبلة سيتم الاعتماد على الغاز الطبيعي كأهم مصدر لإنتاج الكهرباء في مصر إلى حين دخول المحطات النووية بعد 9 سنوات ومحطات الفحم بعد أربع سنوات.