لم تتضح بعد بنود وثيقة المبادئ، لكنها غالبا ستنص على موافقة القاهرة على بناء سد «النهضة» مقابل تعهد خطي من إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر من المياه، مع إشراك مصر في عملية إدارة السد الإثيوبي, وهذه النقطة الأخيرة موضع تحفظ إثيوبي. والحقيقة أننا نحتاج إلى استراتيجية جديدة فى سياستنا الخارجية مع أفريقيا ,فقد تم مثلا تقليص عدد الخبراء الذين ترسلهم مصر عبر (الصندوق الفني للتعاون مع أفريقيا), في الوقت الذي يأتي تمويل هذا الصندوق بالكامل من الاتحاد الأوروبي! ويأتي التخفيض في الوقت الذي تطالب فيه دول أفريقيا بزيادة عدد الخبراء! صحيح أن الصندوق الفني للتعاون مع أفريقيا وقع في أخطاء كارثية ,منها إرسال مدرسين لا يجيدون لغة البلد الأفريقية التي يعملون فيها فتعذر عليهم تدريس اللغة العربية مثلا ومنها عدم التدقيق في اختيار الخبراء! ولكن أن يتم إلغاء الصندوق أو إلغاء الخبراء فهذا ليس خطأ ولكنه خطيئة! وفى الوقت الذي نحرص على تخفيض معونة تأتينا من الخارج للصندوق, تحتل مصر المرتبة الثانية كأكبر دولة لديها عدد من السفارات والقنصليات حول العالم بعد الولاياتالمتحدة الأمريكية! وهذا معناه ملايين الدولارات المهدرة, ناهيك عن سوء أداء معظم سفارتنا في الخارج وتقصيرها في حماية والحفاظ على حقوق المصريين بالخارج! الغريب أن المؤتمر الاقتصادي لم يشهد توقيع اتفاقات تعاون بين مصر والدول الإفريقية وخاصة دول حوض النيل! في الوقت الذي نجد دولا مثل إيران وإسرائيل والإمارات وليبيا، قامت فيه بمشاريع زراعية ومائية مشتركة في أفريقيا، حتى إن بعض الدول استأجرت أراضي وزرعتها وحققت اكتفاء ذاتيا وأرباحا بالتصدير.! إن استمرار السياسات الخارجية الخاطئة تجاه أفريقيا هو الذي قادنا إلى أن تنجز إثيوبيا تقريبا 42% من بناء سد النهضة! غير عابئة بدولة قادها مبارك إلى الحضيض فاستهان بها الصغير قبل الكبير! إن المخطط الأصلي كان مخصصا لتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه! وفجأة ارتفع الرقم إلى 74 ملياراً!!! مما يشكك فى أن هناك تمويلا وأهدافا عدائية لا تريد إسقاط الدولة والنظام فحسب بل قتل الشعب المصري عطشا!! السفير الإثيوبي يصرح بأنه لا يجب اختزال علاقة مصر بإثيوبيا في سد النهضة! ولكن هل ستكون لنا علاقات مع إثيوبيا أو أي دولة أخري ونحن جثث عطشى على ضفتي نيل جفت مياهه بعد أن تغلق اليد الإثيوبية الصنبور الرئيسي للمياه! وهي يد إثيوبية وعقل إسرائيلي وجسد أمريكي وراء (سد الموت) !هذا المشروع الأمريكي بدأ منذ الستينات لمحاصرة مصر عبد الناصر, بالاتفاق على بناء 30 سدا في إثيوبيا, حتي تصبح حياة المصريين ملكا لأمريكا وإسرائيل. أجرم مبارك بإدارة ظهره لإفريقيا, ولكن سيكون جرمنا أكبر اذا لم نصحح خطيئته الكبري سريعا، أن سد الموت أخطر آلاف المرات من داعش وأخواتها. لابد أن توقع إثيوبيا على وثيقة ملزمة بحفظ حقوقنا المائية, ونحتاج ثورة في آليات عمل وزارة الخارجية, واستعدادا للحل العسكري كآخر الحلول الممكنة, ووضع خطة بناء تنموي مشترك مع أفريقيا ودول حوض النيل. ورغم أن جملة رئيس الوزراء الإثيوبي للرئيس السيسي حملت ظلال معاني غير مريحة (إما أن نسبح سويا أو نغرق معا)! إلا أن حقائق الجغرافيا السياسية تؤكد حتمية السباحة مع أفريقيا, فقط على إثيوبيا أن تدرك استحالة السباحة دون وجود مياه.! خبير إعلامي