طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه بقيادات المجلس الأعلى للصحافة ورؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية مؤخراً بضرورة تشكيل المجلس الوطنى للإعلام، والمنوط به وضع ميثاق الشرف الصحفى الإعلامى، وأكد أن قرار إلغاء وزارة الإعلام جاء استجابة لمطالب الصحفيين والإعلاميين، وأن المجلس الوطنى للإعلام سيكون مستقلاً، لا يشكله رئيس الجمهورية، ولن يتدخل في تشكيله. ورغم تأكيد خبراء أن خطورة إلغاء وزارة الإعلام جاءت لتواكب طبيعة المرحلة الجديدة بعد ثورتين مجيدتين، وبعد وضع دستور 2013 - 2014، الذى حرص على تحرير الإعلام من قيود السلطة، وأكد حرية الصحافة، فإن المساحة الإعلامية تعاني الآن فراغاً كبيراً لعدم تشكيل المجلس الوطنى للإعلام حتى الآن، كما لم يتم وضع استراتيجية تجعل من الإعلام شريكاً في التنمية، ومن المنتظر أن يختص المجلس الوطنى للإعلام بتنظيم شئون الإعلام بكل فروعه المسموعة والمقروءة والمرئية والصحافة الرقمية، كما سيضمن المجلس حماية وحرية الصحافة والإعلام ككل والحفاظ على استقلالهما. وركز الدستور على ضرورة حرية الصحافة والإعلام، وضمان حيادهما، وذلك في المادة (211) التي نصت على أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هو هيئة مستقلة، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وموازنتها مستقلة، ويختص المجلس تنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى، وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية ويكون مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الإعلام والحفاظ على استقلالهما وحيادهما وتعددياتهما وتنوعهما ومراقبة سلامة ومصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية. وتم أيضاً تحديد الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة، ومقتضيات الأمن القومى، كما نصت المادتان (212) و(213) على أن الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، وتطويرها وضمان استقلالها وحيادها، وبذلك يكون الدستور قد وضع أهم النقاط التي تنظم الإعلام والصحافة ولكن أصبح من الضرورى توضيح الطرق التي تضمن الاستقلال المادى والإدارى لتلك المؤسسات من خلال لوائح وقوانين، وهو ما نحاول رصده وتوضيحه عبر هذا الملف. المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية يكشف: وسائل الإعلام تؤجج الأزمات انعدام الوعى لبعض الإعلاميين بالخط السياسى للدولة وراء تفجير المشاكل تحت عنوان: «تصدير الأزمات أصدر المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية دراسة تتناول التأثير السلبى لوسائل الإعلام على السياسة الخارجية للدول. أكد فيها أنه قبل عدة سنوات تسبب الإعلام الرياضى تحديدا فى تعميق وتأجيج أزمة مباراة كرة قدم بين مصر والجزائر لتصل إلى حدود أزمة سياسية بين الدولتين، الأمر الذى كان يقتضى ضرورة التفكير بجدية فى قدرة الإعلام على اختلاق أزمات بين الدول، رغم أن الدول قد تضاءلت قدرتها على السيطرة على وسائل الإعلام ومقدمى البرامج، سواء بسبب ما تحقق من تقدم فى احترام الدولة لحرية الإعلام، أو بسبب تزايد عدد القنوات الفضائية الخاصة. أما قناة «الجزيرة» القطرية فقد كانت عاملاً أساسيًّا فى توتر العلاقات المصرية القطرية منذ ما قبل ثورة 25 يناير 2011، وقامت بتكريس دورها فى تأزيم تلك العلاقات بشكل لافت فى أعقاب ثورة 30 يونية 2013. وكذلك فالإعلام المصرى لم ينج من حالة الشطط هذه التى كانت سبباً فى توتر العلاقات بين مصر وعدد من الدول العربية سردها التقرير مشيراً إلى توتر العلاقات بين مصر وحركة «حماس» بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، حيث بالغ بعض الإعلاميين المصريين فى الهجوم على الحركة، مستخدمين فى ذلك الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة الذى قضى بحظر أنشطة الحركة داخل مصر؛ حيث طالب بعض الإعلاميين بضرورة أن يتدخل الجيش المصرى فى غزة لضرب الحركة، على اعتبار أنها تدعم جماعة الإخوان فى مصر، وتدرب عناصر لها فى القطاع، وتساعد فى العمليات الإرهابية التى تقع فى سيناء. ومن ثم تم تسويق الأمر على أن مصر باتت تتعامل مع «حماس» كما لو كانت عدوّا، وأن مصر بصدد معاقبة قطاع غزة نتيجة تصرفات «حماس». وهكذا تصاعدت الأزمة بين الحركة ومصر بشكل غير مسبوق، وربما يكون ذلك من الأسباب الأساسية للموقف الذى تتخذه «حماس» من مصر. كما أشار التقرير إلى الإعلامية أمانى الخياط، والأزمة التى تسببت فيها بين مصر والمغرب، حيث ردت زوجةُ السفير المغربى بالقاهرة على المذيعة ردّاً لاذعاً، وقدمت السفارةُ بلاغاً للنائب العام، كما نظمت الجالية المغربية فى مصر وقفة احتجاجية أمام مقر القناة، وخرجت مظاهرة فى المغرب حُرقت خلالها صور المذيعة، ولم يُفلح اعتذار المذيعة على الهواء وبيان القناة بالاعتذار فى تخفيف حدة الأزمة، لولا التدخل من النظام السياسى لتطويق الأزمة. مزيد من الأزمات وعلى صعيد آخر، تسببت المذيعة رانيا بدوى فى قناة «التحرير» فى حدوث أزمة مع السفير الإثيوبى بالقاهرة حينما هاجمته بعنف فى مداخلة تليفونية معه انتهت بإغلاقها الهاتف قبل أن يُنهى السفير مداخلته، فأعرب السفير عن استيائه من ذلك الموقف بمذكرة احتجاج إلى وزارة الخارجية المصرية، اشتكى فيها من سوء تعامل المذيعة معه. ولم تجد القناة وسيلة لتخفيف حالة الاحتقان مع السفير الإثيوبى سوى استبعاد المذيعة من القناة، بينما تركت لوزارة الخارجية التعامل مع الآثار السلبية لهذا الموقف مع السفير الإثيوبى. فى الختام أكدت الدراسة أنه يُمكن للإعلام أن يلعب دوراً إيجابياً فى السياسة الخارجية لدولةٍ ما، بما يجعل منه واحداً من أدوات السياسة الخارجية المهمة، ولكن تواضع أو بالأحرى انعدام معرفة الإعلاميين بالخط العام لسياسة الدولة وحدود أمنها القومى وتعاملهم بسطحية وخفة شديدة مع قضايا السياسة الخارجية يؤدى إلى مشكلات عديدة تتحمل تكلفتها الدولة. فالفتنة التى خلقها الإعلام مع الجزائر ورغم احتوائها فيما بعد ظلت تداعياتها مستمرة على العلاقة بين الشعبين، وكذلك الحال مع كلٍّ من المغرب وإثيوبيا. والتكلفة التى تتحملها الدولة هنا ليست فقط فيما يتعلق بعلاقاتها مع الدول الأخرى، ولكن أيضا على المستوى الداخلى، إذ إن تعامل القنوات مع الإعلاميين المتجاوزين بالاستبعاد يوتر العلاقة بين الدولة والوسط الإعلامى؛ حيث يتم إرجاع هذا الاستبعاد، فى كثير من الأحيان، إلى ضغوط مارستها الدولة، وهو الأمر الذى يفرض ضرورة العمل على وضع تصور متكامل لإصلاح الإعلام المصرى والعربى، وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى على المستويين القُطْرى والقومى، والأهم من ذلك ضرورة تأهيل الإعلاميين الذين يتصدون لمخاطبة الجماهير. العلاقات المصرية العربية تدفع ثمن انفلات الفضائيات: الإعلام العربى تحول لسوق عكاظ .. "جعجعة" "مبارزات" الأنظمة العربية تطبق مبدأ هتلر: من يملك الإعلام يملك القول الفصل فى الحرب خبراء: مطلوب ميثاق شرف إعلامى عربى والأهم الالتزام به حروب كلامية وتراشق بالألفاظ والكلمات والاتهامات والبرامج فى كل مكان، دول تم تدمير سمعتها السياسية بفضل الآلة الإعلامية التى أصبحت من أخطر وسائل الحرب فى العصر الحديث، وأخرى فسدت علاقاتها بجاراتها لنفس السبب. وها هى تلك الآلة الحربية الحديثة المسماة بوسائل الإعلام خاصة الفضائيات تصيب العلاقات بين مصر والمغرب فى مقتل، مثلما حدث من قبل مع الجزائر وقطر والسودان وإثيوبيا. حروب كانت الكلمة هى الفاعل فيها، أنظمة أساءت استخدام أجهزتها الإعلامية فكانت النتيجة التفتت والتشرذم بدلاً من التجمع والوحدة، وفى الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة بفضل وسائل الإعلام، أصبحت الدول العربية أكثر تناحراً وتفرقاً بسبب الفضائيات التى أصبحت مجرد وسيلة فى أيدى أنظمتها أو أيدى جماعات منتفعة لمحاربة الأنظمة الأخرى، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن دور مواثيق الشرف الإعلامية، ودور جامعة الدول العربية لوقف حرب الفضاء الدائرة بين الأنظمة العربية العربية. فى الأيام القليلة الماضية شهدت العلاقات بين مصر والمغرب توتراً شديداً بسبب قيام القناتين الأولى والثانية المغربيتين بنشر تقرير وصفت فيه ثورة 30 يونية بالانقلاب العسكرى، وأن الرئيس المخلوع محمد مرسى هو الرئيس الشرعى للبلاد، جاء هذا التقرير ليناقض تماماً الموقف الرسمى للبلاد متمثلاً فى الملك محمد السادس ملك المغرب والذى كان من أوائل الملوك ورؤساء الدول الذين هنأوا الرئيس السيسى عقب نجاحه فى الانتخابات الرئاسية، ولكن الحكومة المغربية التى يتولى زمامها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية والذى يعد جناح جماعة الاخوان الدولية فى المغرب، أوعز للتليفزيون المغربى ببث هذا التقرير على خلفية زعم الحكومة المغربية بأن مصر تدعم جبهة البوليساريو التى تنازع المغرب على إقليم الصحراء، وجاءت هذه الواقعة لتعيد للذاكرة موجة التوتر بين العلاقات المصرية المغربية التى ظهرت منذ عدة أشهر بسبب قيام المذيعة أمانى الخياط بادعاء أن الاقتصاد المغربى قائم على الدعارة وهو ما اعترضت عليه الخارجية المغربية واعتذرت عنه الخارجية المصرية، وتم إنهاء تعاقد المذيعة فى قناة «أون تى فى» التى كانت تعمل بها، ولولا الحكمة السياسية التى يتمتع بها الرئيس المصرى والحكماء فى مصر، لما تم احتواء هذه الأزمة بين البلدين. كذلك كان الإعلام هو بطل الحرب الفضائية بين مصر وقطر عقب ثورة 30 يونية حيث عملت قناة الجزيرة على تشويه صورة النظام المصرى الجديد ووصف ما حدث بالانقلاب، والتركيز على المظاهرات المعارضة له والتضخيم منها، وبعد جهود سياسية كبيرة قادتها المملكة العربية السعودية حدثت المصالحة المصرية-القطرية، وقررت حكومة الدوحة إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر واستبدالها بقناة الجزيرة مباشر العامة، مع تغيير جذرى فى لغة الخطاب الإعلامى للقناة التى تعمل حالياً. نفس هذا الأمر تكرر من قبل إبان أزمة مصر والجزائر عام 2009 على إثر مباراة كرة القدم بين الفريقين بالسودان، حيث استغلت وسائل الإعلام الأحداث التى وقعت بعد المباراة لتأجيج مشاعر المواطنين فى البلدين، ووصف بعض المحللين ما حدث بأنه أمر منظم لضمان التفاف المصريين حول جمال مبارك الذى حضر المباراة، وانبرت وسائل الإعلام وقتها فى التهليل لنجل الرئيس الذى رفض العودة إلى مصر إلا قبل الاطمئنان على المصريين الموجودين هناك، وراحت القنوات الفضائية تطالب بقطع العلاقات مع الجزائر وتوقيع عقوبات عليها. ويطالب الدكتور محمود خليل، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بضرورة وجود ميثاق شرف إعلامى عربى يصدر عن جامعة الدول العربية، خاصة أن الجامعة بها اتحاد الإذاعات العربية، وهذا الاتحاد له ميثاق شرف أخلاقى، ولكنه غير مفعل، والبنود التي يتضمنها الميثاق لا تلتزم بها وسائل الإعلام جميعاً، وأشار إلى أن نفس هذا الأمر تعانى منه وسائل الإعلام المصرية، فاتحاد الإذاعة والتليفزيون له ميثاق شرف وكذلك نقابة الصحفيين ولكن الإعلاميين لا يلتزمون بها، فالمشكلة ليست فى المواثيق وإنما فى مدى التزام الإعلاميين والدول بها، خاصة أن هذه المواثيق ليست إلزامية إنما هى أخلاقية، ومسألة الالتزام بالعمل بها ترتبط بالقنوات والعاملين فيها ولا توجد أى عقوبة على من لا يعمل بها. وأضاف: أن هناك سبباً آخر لهذه المشكلة وهو أن الإعلام يعمل الآن لحساب السياسة والساسة، ويتم النظر للإعلام وكأنه أداة من أدوات التفاعل الخارجى خاصة فى عهد الفضائيات، وعلى أنه أداة من أدوات الدبلوماسية الشعبية، وهذه الرؤية يجب أن يتم التعامل معها بحرص ودقة لأن الإعلام العربى أصبح مرآة تنعكس عليها الأزمات العربية العربية. ويؤكد د. محمود ضرورة فض هذا الزواج الكاثوليكى القائم بين الإعلام العربى والأنظمة الحاكمة، وأن يكون هناك نضج فى الأداء الإعلامى، ويجب أن يكون الإعلام مستقلاً ولا يعتبر نفسه أداة من أدوات السياسة، وأن يلتزم الإعلاميون بأخلاقيات المهنة وأخلاقيات الرسالة الإعلامية بدلا من خطاب «الجعجعة» الذى تحترفه بعض القنوات والتى أصبحت تمارس الدعاية وليس الإعلام، وأضاف أن هذا الأداء جعل الإعلام المصرى والعربى أشبه بسوق عكاظ الذى اشتهر بالمبارزات الكلامية ويضج بها، كذلك أصبح الإعلام العربى قائماً على الهجاء للخارج والدفاع عن الداخل بحق وبدون وجه حق. القول الفصل فى الحرب ولما كانت الدعاية هى أشهر وسائل الحرب النفسية التى استخدمتها ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية، حيث عمد هتلر ووزير دعايته الأشهر جوبلز على استخدام وسائل الإعلام –التى لم تكن بنفس التطور والانتشار الذى هى عليه اليوم- عمداً إلى استخدام هذه الوسائل بزعم أن من يملك وسائل الإعلام يملك القول الفصل فى الحروب الباردة أو الساخنة، واستمراراً لهذه النظرية ما زالت الأنظمة العربية تعتمد عليها فى تصفية خلافاتها البينية بدلاً من بناء دولها وتنميتها، ورغم اختلاف أنماط الإعلام حالياً، حيث لم يعد الإعلام بالكامل مملوكاً للدول، إلا أن الإعلام الخاص أصبح يبارى إعلام الدولة فى الحرب نيابة عن النظام أو الدفاع عنه، وترى الدكتورة نجوى كامل، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن هناك نوعاً ثالثاً من الإعلام، وهو أخطر ويصعب السيطرة عليه وهو إعلام المواطن الذى يتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، ويعتبر نوافذ مفتوحة لصحافة المواطن غير الواعى الذى يروج للشائعات دون أى معايير لما ينقله. وتشير د. نجوى إلى أن الإعلام التابع للحكومات يمكن السيطرة عليه من خلال إلزامه بمواثيق شرف أخلاقية حتى لا يساهم فى إثارة الخلافات بين الدول وبعضها، أما الإعلام الخاص فيخضع للمصالح الخاصة به، فإذا كانت هذه المصالح مع النظام فسيفعل ما يريده النظام، أما لو كانت مصالحه لا تتفق مع النظام فسيجرى وراء الموضوعات التى تحقق له مكاسب مادية حتى لو كانت الإساءة لدول أخرى، ومن هنا لابد أن يكون لجامعة الدول العربية دور فى تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية، خاصة أن الجامعة بها لجنة للإعلام، ولابد من وجود آلية لإلزام جميع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة بها، مع ضرورة وجود عقوبات رادعة على المخالفين، كذلك لابد أن يتحلى الإعلاميون بالوعى وعدم تأجيج الخلافات بين الدول وبعضها. الكلمة أمانة الناس على دين إعلامهم.. مقولة مهمة وردت على لسان الرئيس السودانى عمر حسن البشير أثناء زيارته للقاهرة ولقائه بالرئيس السيسى، مشيراً إلى دور الإعلام فى تزكية التوتر الذى حدث فى العلاقات المصرية السودانية، مشيراً إلى أن الإعلام يلعب دوراً خطيراً، فإما أن يكون بناءً أو هداماً بين الدول، قائلاً إنه قديما كان الناس على دين ملوكهم، أما اليوم فهم على دين إعلامهم، ولما لوسائل الإعلام من أهمية كبيرة يحرص دائماً الرئيس السيسى على عقد لقاءات مع الإعلاميين والتأكيد على دورهم فى بناء العلاقات بين الدول، وانطلاقاً من هذا الدور الجوهرى للإعلام والعاملين فيه. ترى الدكتورة أميمة عمران، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة المنيا، أن مواثيق الشرف الإعلامية موجودة لذلك فلسنا فى حاجة إلى المزيد، ولكن الأمر يحتاج إلى وعى من الإعلاميين وإدراك بأهمية أدوارهم وكيف يصبح الإعلام بناء، بالإضافة إلى توفير وسائل لضمان تطبيق مواثيق الشرف الموجودة بالفعل وضرورة التزام العاملين فى الحقل الإعلامى بها، خاصة أن الدراسات أثبتت أن معظم العاملين فى الحقل الإعلامى لم يطلعوا على مواثيق الشرف الخاصة بالوسيلة التى يعملون بها، كما أن النقابات تغفل دورها فى تطبيق هذه المواثيق وتفعيلها، ومن ثم لابد أن تعلم كل هذه التنظيمات أهمية دور الوسائل الإعلامية المختلفة وأن الكلمة التى ينطق بها أى مذيع قد تكون سبباً فى خلق أزمة بين الدول، ويجب أن يعلم العاملون فى الإعلام أن هناك من يحاسبهم إذا أخطأ أحدهم، فالكلمة أمانة يجب أن يحافظ الجميع عليها. نزيف الديون يغرق المؤسسات الصحفية وماسبيرو 10 مليارات جنيه خسارة الصحف القومية حتى نهاية 2014 بعد إلغاء وزارة الإعلام مطلوب سرعة تشكيل المجلس الوطنى ووضع ميثاق شرف إعلامى خبراء: أزمة الإعلام قديمة والإصلاح مسألة وقت علي الرغم من مرور عدة أشهر علي قرار رئيس الوزراء بإلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء مجلس وطني للإعلام، إلا ان الأوضاع لم تتغير، فقطاع الإذاعة والتليفزيون مازال يحصد الخسائر، وأصبحت تلك المؤسسات تحتاج لمزيد من المجهودات لإنقاذها من أزماتها، ليظل الإعلام العام والخاص أيضا في انتظار وضع ضوابط ومعايير تتفق مع مواثيق الشرف الإعلامية، وطالب خبراء الإعلام بسرعة إصدار التشريعات التي تضمن حياد الإعلام واستقلاله، حتي يتلاءم مع طبيعة المرحلة الجديدة. بعد ثورة يناير، تراكمت خسائر المؤسسات الصحفية القومية، وتشير الأرقام إلى أنها بلغت فى نهاية عام 2011 فقط لنحو 540 مليون جنيه لتسجل تزايداً خلال الأعوام الثلاثة التالية بسبب انتشار الفساد فى بعض قطاعاتها وسوء الإدارة، حتى بلغت نهاية عام 2014 أكثر من 10 مليارات جنيه، وفى آخر جلسات مجلس الشورى الأخير، تم فتح ملفات فساد المؤسسات الصحفية القومية وخسائرها، وذلك خلال مناقشته لمعايير وضوابط اختيار رؤساء التحرير، حيث تم توجيه انتقادات عديدة لتلك المؤسسات، لما قدمته من هدايا لرموز النظام السابق، وكشف تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عام 2013 الماضى أنه تم إهدار 110 ملايين جنيه من قبل إحدى المؤسسات الصحفية الكبرى لتوزيع هدايا وساعات يد تقدر ب115 مليون دولار، وسيارات لزوم هدايا رأس السنة، فضلاً عما تم إنفاقه كبدلات سفر، إضافة إلى قيمة الهدايا الخاصة برئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام التي بلغت نحو 30 مليون جنيه، بجانب ما ارتكبه بعض رؤساء التحرير من فساد مالى، واستيلاء على المال العام باستغلال نفوذهم، وكلها تقارير واتهامات وحقائق تؤكد ضرورة إعادة النظر فى تمويل هذه المؤسسات، وضرورة إحكام الرقابة على موازنتها وحاجة هذه المؤسسات إلى إصلاح. بداية يؤكد الدكتور صفوت العالم رئيس لجنة رصد وتقييم الأداء الإعلامى، أنه يتم إعداد قانون بشأن تنظيم الصحافة القومية وفقاً لنص المادة رقم (213) من الدستور، وهي المنوط بها تنظيم إدارة وتمويل ونشاط تلك الصحف، فالقانون وحده هو الذي سيتولى تحديد ما إذا كانت تلك الصحف تستحق التمويل أم لا، فهناك سياسات يجب أن تتبعها الصحف القومية خلال المرحلة القادمة، وبمجرد إصدار هذا القانون سيتم تغيير أسلوب الإدارة تماماً وسوف يحدد طرق التعامل وفقاً لاقتصاديات كل جريدة. ويقول الدكتور فوزي عبدالغني عميد كلية الإعلام بجامعة فاروس بالإسكندرية إن الصحف القومية ساعدت الدولة علي مدار عقود من أن تكون بوق الدولة وأداتها لترويض للجماهير وعندما أصبحت مملوكة للدولة، باتت منبراً لمختلف الآراء، وقدمت وجهة نظر الشعب ونفس الفلسفة طبقت بالإذاعة والتليفزيون إلا ان الانحياز الأكبر كان للدولة، فهي تتبني سياسة حشد الرأي العام لصالح الحكومة، بينما نجد أن المؤسسات الأخري كالصحف الحزبية، تقدم رؤية الحزب في موضوعات متعددة، وتقف في صف المعارضة، وقد لاحظنا ذلك بوضوح في السنوات الماضية وخاصة خلال حكم جماعة الإخوان، عندما انحازت الصحف القومية إليهم ثم غيرت وجهة نظرها بعد ذلك، وهذا يؤكد إنها قريبة الصلة من صانع القرار الرسمي، ويرجع السبب وراء ذلك إلي ما تقدمه الدولة من تسهيلات للصحف القومية، ورغم ما تعرضت له من خسائر إلا أنها مازالت مؤسسات عريقة، لكنها تحتاج لتدخل من قبل الدولة، لأن دورها مهم جدا، ونفس الأمر يتكرر في اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فهو مازال تابعاً للدولة، ويعمل به أكثر من 43 ألف عامل وهذا المبني «العنكبوتي» لديه شاشات متعددة، لكن لا يتعامل مع عدد كبير من المشاهدين، لذا لابد من إيجاد مصادر لتمويل هذا القطاع، والبحث عن طرق لاستغلاله، لانه يمثل عبئاً علي الدولة نظراً لما يعانيه من خسائر، لان الحكومة هي التي تقدم له المساعدات المالية، لذا يحتاج هذا القطاع إلي تطوير شامل عن طريق الاستعانة بفريق إعلامي علي أعلي مستوي، يمكنه جلب عدد كبير من الإعلانات كما يحدث بالقنوات الخاصة، لتجاوز ما يعانيه من خسائر مالية ووضع ضوابط للعمل الإعلامي وتفعيل التشريعات الإعلامية التي تضمن حرية الإعلام المصري. وطالب الدكتور فوزي عبدالغني بضرورة توخي الدقة في اختيار أعضاء المجلس الوطني، والتركيز علي اختيار القيادات، والكفاءات ووضع التشريعات التي تتلاءم مع الوضع الحالي للبلاد، وتفعيل نصوص الدستور، حتي نتمكن من وضع ضوابط وآليات للإعلام المصري، تتفق مع مواثيق الشرف الإعلامية ونبذ السلبيات التي عاني منها الإعلام علي مدار السنوات الماضية. معوقات عديدة الكاتب الصحفي عباس الطرابيلي، أكد أن الدولة التزمت بالإنفاق علي المؤسسات الصحفية بعد صدور قانون تنظيم الصحافة عام 1960، نظراً لأن موارد تلك الدور لم تكن تكفي لدفع رواتب العاملين بها، وعندما تزايدت أعدادهم تكبدت تلك المؤسسات خسائر عديدة نظراً لتراكم الديون التي بلغت مليارات الجنيهات، وهذا هو السبب الرئيسي وراء منع تحرير الصحافة، وإلغاء ملكية الدولة للصحافة القومية ففي بداية الأمر كان هدف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو جعل الإعلام يتكلم بلغة واحدة، فسيطر علي الإذاعة والتليفزيون والصحافة وتوسعت الدولة في ذلك خلال السنوات الطويلة الماضية، وكان من الضروري أن تنطلق الصحافة بعد إلغاء وزارة الإعلام، إلا ان المشاكل التي لاحقت تلك الصحف وتراكم الديون كانت عائقاً كبيراً، فهناك إصدارات مثل دار الهلال وروزاليوسف، ودار المعارف، ودار التحرير مازالت تتحمل الدولة الانفاق عليها بنسبة 70٪، ورغم دمج بعضها، إلا أنها مازالت تشكل عبئاً علي الدولة، وبعد إلغاء وزارة الإعلام، كان من المفترض أن تتحول المؤسسات التابعة لتلك الوزارة لملكية الشعب، وتكف الدولة يدها عن التدخل في شئونها لكننا وجدنا ان مبني الإذاعة والتليفزيون به كم هائل من الموظفين ولا يمكنه تغطية نفقاته، لذا تتحمل الدولة وحدها تلك الخسائر، وهذا الأمر لا يحدث إلا في الدول النامية فقط، ويري الكاتب الكبير عباس الطرابيلي، أن الحل هو إنشاء مجلس أعلي للإعلام، يتولي الإشراف علي تلك المؤسسات وإدارتها وتفعيل مواد الدستور، كما يحدث في كثير من البلدان المتقدمة كفرنسا وألمانيا وإنجلترا، بشرط إيجاد حلول سريعة للأعباء المالية، لان الدولة إذا رفعت يدها الآن ستغلق تلك المؤسسات أبوابها، فالمشكلة أكبر من الحديث عن إطلاق حرية الصحافة، فلابد من وجود سلطة تدير وتعاقب المخطئ، حتي لا يسيطر تيار معين علي الإعلام المصري، الذي أصبح يهدد الأمن القومي المصري من خلال ما يبثه من شائعات تدمر المجتمع. أما صلاح عيسي الأمين العام للمجلس الأعلي للصحافة، فيؤكد أنه لا علاقة لوزارة الإعلام بالصحف القومية، لان هذا الأمر انتهي منذ عام 1980، عندما صدر قانون سلطة الصحافة الذي يسمي الآن بقانون تنظيم الصحافة والذي أخضع ملكية تلك المؤسسات الصحفية لمجلس الشعب، علي أن تدار ذاتيا وهي بلا شك مستقلة بميزانيتها، وبعد إلغاء مجلس الشوري، انتقلت حقوق إدارة ملكيتها للمجلس الأعلي للصحافة، وليس للحكومة أي صلة بها، أو تدخل في شئونها، كما أن التعديلات الدستورية الأخيرة، نصت علي ان تكون تلك المؤسسات مستقلة تماماً وأن تتاح بها سلطة الحوار الوطني لكافة التيارات ويعترف عيسي بأن الصحف القومية تعرضت لخسائر مالية ضخمة، نتيجة لتراكم الديون عليها فهناك أقساط ومتأخرات لم تسدد لوزارتي المالية والتأمينات، ومازالت المفاوضات تجري لجدولة تلك الديون حتي تتمكن هذه المؤسسات من إلغاء الغرامات المستحقة. حيث يصل حجم هذه الديون إلي 4 مليارات جنيه مضافا إليها غرامات التأخير التي ضاعفت المبلغ ليصل حجم الديون إلي 10 مليارات جنيه ويشير صلاح عيسي إلي ان تلك الخسائر التي تعرضت لها الصحف القومية جاءت نتيجة لعدة عوامل، أهمها: زيادة حجم العمالة وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، من ورق وأحبار ووقود، فضلا عن حالة الركود التي أصابت الصحف في الثلاث سنوات الأخيرة، ومن ناحية أخري نجد أن تلك المؤسسات ملزمة بدفع أرباح وحوافز للعاملين، مما يكبدها مزيداً من الخسائر، ويؤكد ان هناك جهوداً عديدة تبذل من أجل جدولة ديون تلك المؤسسات علي أساس حساب أصل الدين بعيداً عن الفوائد المضافة، ويتم تقسيط المبالغ علي فترات طويلة، فضلا عن استثمار الأصول المملوكة لديها، كما تحتاج التواصل مع الحكومة للحصول علي معونات من الاتحاد الأوروبي لتجديد المطابع التي مر عليها أكثر من 20 عاماً، بلا تجديد، ومن هنا يمكننا إعادة الانتعاش الاقتصادي لتلك الدور فهي مازالت حتي الآن تحوز علي أكبر نسب توزيع، لما لديها من أصول قديمة. وسوف نبذل المزيد من المجهودات لحل أزمات تلك المؤسسات العريقة، وقد سبق أن أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية تطوير وتنمية تلك المؤسسات للقيام بدورها علي أكمل وجه في تلك المرحلة الفارقة، وأن الدولة لن تتخلي عن الموسسات الصحفية القومية.