لقد مرت مصر منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 وحتى وقت قريب بحقب سياسية مختلفة.. أصابت الدولة بكافة أنواع الأمراض الاجتماعية.. والاقتصادية.. والسياسية. وكانت بحق كما قال المشير السيسي، قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية، «لا تجد من يحنو عليها ويخفف من آلامها»!! وكانت عبارة صائبة حقاً.. فمصر كان الجميع يتكالب عليها بصورة لم تترك فيها.. أملاً.. ولا جهداً.. ولا رؤى في مستقبل أفضل. حيث استسلمت استسلاماً كاملاً لمن يتولى أمرها.. دون أن تملك حراكاً أو دفعاً.. فلقد كان الجميع يرى فيها بقرة حلوباً.. كل ينظر اليها من منظور مصلحته هو وجماعته والموالين له.. لا من منظور مصلحة مصر وشعبها.. حتى انتهى بنا الحال الى ما نحن عليه الآن!! وتجرأ عليها من الحكام والمسئولين.. من لا يخافون رداً أو انتقاماً.. وكان لكل هؤلاء دوافعهم الذاتية ولم يكن للوطن أي وجود فيها. فمنهم من كان يرى في نفسه قائداً للأمة العربية بدون أن يفعل بحق ما يؤهله لذلك.. وانتهى الأمر بنا الى هزائم لم نقم منها حتى الآن. ومنهم من تبنى سياسة اقتصادية تحت اسم الانفتاح وبدون تحديد للمسار.. فكانت الضحية الأولى والكبرى هم الفقراء من شعب مصر.. لم يجدوا في مجملهم عملاً أو مستقبلاً يأملون فيه ويحلمون به، واستمرت البلاد تُحكم ثلاثين عاماً.. لمن يرى في مصر ملكاً خالصاً له.. ولا يهتم بأمرها إلا في حدود مايراه مناسباً له. وللأسف كان الشعب المصري تحت ضغوط قاسية من الفساد والاستبداد.. خانعاً لا يملك القدرة الكافية على الاعتراض أو محاولة تغيير الأوضاع.. وإذا تجرأ البعض على ذلك.. أُطفئت أي جذوة أمل تتفتح في نفوس المصريين.. تحت مسميات متعددة منها الانقلاب على الدولة.. باعتبار أن الحاكم هو السيد المطاع.. وكأننا رجعنا الى العصور الوسطى، والقديمة.. حيث كان الحاكم يحكم بموجب السر الإلهي.. ومن يخرج عليه يكون خرج على الارادة الإلهية. والبعض كان يُدلل على هذا بآيات قرآنية ولووا أعناق نصوصها بالرغم انه كان المقصود منها الحاكم العادل.. وليس الحاكم الفاسد!! ولا أدل على ذلك.. من قيام جماعة الاخوان قبل ثورة «25 يناير» باصدار فتاويها بعدم جواز الخروج على حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.. باعتباره ولي الأمر.. وتراخوا في الانضمام الى الثورة بعد قيامها حتى تأكدوا من نجاحها.. وكعادتهم دائما في بث الأكاذيب.. واطلاق الأباطيل.. ادعوا أنهم كانوا المحرك الأساسي، وأنهم الوقود الحقيقي للثورة. ثم جاء حكم جماعة الإخوان الذي يهدف الى التسربل بلباس الدين الإسلامي الحنيف.. لكي يصلوا الى مبتغاهم للسيطرة على مصر ولكن الشعب المصري العظيم سرعان ما اكتشف حقيقتهم وأطاح بهم.. ومازلنا حتى الآن في عصر ما بعد حكم الإخوان الارهابيين. ندافع بكل استبسال واصرار من شعب مصر وجيشه الأمين ضد ما خطط له الخائنون مع أعداء البلاد من فتوى خارجية لاسقاط الدولة!! وباستعراض فترات الحكم السابقة.. فمنذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 حتى نهاية عهد المخلوع حسني مبارك. كانت تحكم البلاد.. باعتبارها «دولة السلطة» أي دولتهم هم.. وأن شعب مصر ما هم إلا رعايا.. ليست لهم حقوق مادام أصحاب السلطة هم وبطانتهم من المرتزقة يرتعون في العز والنعيم. وساعدهم في ذلك.. ترزية قوانين.. يفصلون لهم التشريعات التي تتيح كافة أنواع.. الانحراف والفساد والاستبداد. حتى أنهم حين سقطوا.. لم تتوافر القوانين التي يحاكمون على أساسها لما ارتكبوه من جرائم سياسية.. وهو ما كان ينبغي أن يكون.. والتي تجعل من الحاكم ومعاونيه في خدمة الشعب لا أسياداً له. ولذلك فنحن في هذه الفترة المصيرية التي نمر بها بعد عقود من الزمن عانينا من «دولة السلطة» فإن فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي تحمل من المبشرات ما يجعلنا نأمل أن تعود «سلطة الدولة» كاملة والتي تحكم بموجب القانون الذي يطبق على الجميع سواسية ويلتزم به الحاكم والمحكوم على حد سواء!! الكلمة الأخيرة بقدر ما عانته مصر وشعبها من «دولة السلطة» خلال ما يزيد على 60 عاماً. كشف عن الحقيقة، وأصبح نظر الشعب المصري حديداً، ورؤيته الثاقبة التي لن يحيد عنها.. ستكون الى الأمام دائما ولن ينظر الى الوراء.. الا لاستخلاص الدروس المستفادة. وإن كان الطريق مازال أمامنا طويلاً.. فبإصرار وجدية العمل وقبلهما مشيئة الله.. ستصل بمصر الى ما تستحقه من مكانة!! عظيمة يا مصر