تتعرض مجموعة كبير من الشركات الصناعية والتجارية والسياحية حالياً لمخاطر ضريبية بالغة تعرضها لمواجهة شبح عقوبات التهرب ويتمثل ذلك في ممارسات مجحفة من جانب مصلحة الضرائب تتعلق بتطبيق ضريبة الدمغة المستحقة على تلك الشركات، وتستغل المصلحة أحد نصوص القانون الذي يشوبه عوار دستوري واضح في تحويل عدد كبير من هذه الشركات إلى مكافحة التهرب الضريبي لمجرد التأخر في سداد الضريبة المستحقة عليها، دون اللجوء إلى فرض غرامة تأخير، حيث يعتمد مخطط المصلحة على استغلال مخاوف الشركات من «بعبع» التهرب الضريبي وعواقبه لسرعة استجابتها بالسداد، رغم أن الشركات تكون مرفقة مبلغ الضريبة ضمن ميزانيتها ما ينفي شبهة التهرب!!.. إلا أن المصلحة تضرب بذلك «من 5 إلى 10 عصافير بحجر واحد» لأن تحويل الشركات للتهرب الضريبي يكفل للمصلحة الحصول على ضريبة تتراوح من خمسة إلى عشرة أمثال الضريبة المستحقة على كل شركة!! ويتمثل النص القانوني الذي تستغله المصلحة في تحويل الشركات لمكافحة التهرب الضريبي في الفقرة (ب) من المادة 35 من قانون ضريبة الدمغة، والتي تنص على أنه «علاوة على العقوبات الأخرى المنصوص عليها فى هذا القانون يحكم القاضي على كل من اشتركوا في الجريمة بأداء المبالغ الآتية بالتضامن فيما بينهم أولاً الضرائب المستحقة والتى لم تسدد، ثانياً تعويض للخزانة العامة لا يقل عن خمسة أمثال الضرائب غير المؤداة ولا يزيد على عشرة أمثالها»، أما العقوبات الأخرى فهي التى وردت في المواد من 29 إلى 34، بالإضافة إلى جزاء ثالث وهو مقابل التأخير فى المادة 38 وذلك عن التأخير فى توريد الضريبة برغم عدم وجود تهرب في قانون ضريبة الدمغة!! ويتعارض هذا النص القانوني مع ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بشأن التعويض في قانون ضريبة المبيعات فى نوفمبر عام 2007، حيث قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وبالنظر إلى الفقرة (ب) من المادة 35 من قانون ضريبة الدمغة فنجد أن تتطابق عليها نفس الأسباب مما يجعلها أيضا غير دستورية. ومن جانبه يطالب المحاسب القانوني أشرف عبدالغني بضرورة تنقية التشريعات الضريبية في ضوء توجه الدولة لتنقية جميع التشريعات المشوبة بالعوار الدستوري والمعوقة للاستثمار، وذلك تحقيقاً للاستقرار في جميع المناحي التي تنظمها القوانين ومن بينها القوانين الضريبية التي تمس بشكل مباشر الاستثمار الذي يعد قاطرة التنمية، ليواكب بذلك ما يتم حالياً من تعديل لقانون الاستثمار لتوفير مناخ جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية لحل المشكلات التي تواجه المستثمرين. وفي هذا الإطار يطالب «عبدالغني» وزير المالية بدراسة بإلغاء الفقرة (ب) من المادة 35 من قانون ضريبة الدمغة، موضحاً أن جميع ملفات الممولين الخاصة بضريبة الدمغة (الكبرى والصغرى) في مصلحة الضرائب تنجم عن فحصها فروق نتيجة عدم سداد الضريبة على الإعلانات أو اليانصيب أو أي أوعية أخرى في المواعيد القانونية، مما يعنى أنه بذلك ستتم إحالة جميع ملفات الممولين لمكافحة التهرب، حيث إن الواقع العملي داخل المأموريات يؤكد أنه يتم اختيار الملفات لتطبيق هذه المادة بطريقة عشوائية، مما يتنافى مع العدالة الضريبية التي تحقق استقرار مناخ الاستثمار في مصر، والذي سيؤدى إلى النمو الاقتصادي الذي نحتاجه لدفع عجلة التنمية بعد التباطؤ الاقتصادي الذي مرت به البلاد فى الفترة السابقة. ويؤكد المحاسب القانوني محسن عبدالله الخبير في شئون ضريبة الدمغة أن النص القانوني الذي تستند إليه مصلحة الضرائب في تحويل الشركات لمكافحة التهرب الضريبي يخالف الدستور فيما يتعلق بالمادة 35 التي تؤكد أن الملكية الخاصة مصونة، وكذلك المادة 28 التي تؤكد أن الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية مقومات أساسية للاقتصاد الوطني وتلتزم الدولة بحمايتها، وأيضاً مخالفة المادة 38 والتي تنص على أن النظام الضريبي يهدف وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. وأضاف «عبدالله» أن العقوبات المتعددة الواردة بالقانون جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ومناهضة لروح العدالة التي يقوم عليها النظام الضريبي، كما يؤدى إلى انتقاض العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه أن يصل إلى 10 أمثال الضريبة، وبالتالي يؤدى إلى الاعتداء على الملكية الخاصة بتطبيق هذا الجزاء المبالغ فيه بالمخالفة لنص المادة 35 من الدستور الحالي، لافتاً إلى أنه بهذا التطبيق لا تلتزم الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية بل تقوم بالاعتداء عليها، كما لا يحقق أيضاً العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية لآثاره السيئة على التنمية وعدم تحقيق العدالة. ويطالب الخبير الضريبي فكري جرجس بتدخل الدولة لتعديل نص قانون ضريبة الدمغة الذي يشوبه العوار الدستوري استناداً إلى وقائع سابقة، مشيراً إلى أنه من أبرز هذه الوقائع المواد 83 و 84 من قانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980 وهى الضريبة النسبية على الأسهم والسندات حينما تبين لها عدم دستورية هذه المواد، حيث قامت بإلغائها بالقانون رقم 11 لسنة 1995، مضيفاً أنه تأكد بعد ذلك صحة ما قامت به الدولة حينما صدر حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة 83 وسقوط المواد 84، 87 المرتبطة بها.